تحقيقات وتقارير

خريف "الكابيتول".. آخر أوراق دفتر ترامب الأسود


الاعلام تايم || رنا الموالدي


مشهد صادم!! أعمال عنف وتخريب غير مسبوقة.. أسلحة ومتفجرات في قاعة النواب.. مواجهة مسلحة داخل القاعة.. نواب يحتمون تحت كراسيهم.. رسائل مشؤومة على مكتب رئيسة المجلس!!


هذا ما بدا عليه الكونغرس وسط اقتحام أنصار الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب له ليلة اجتماع أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب للمصادقة على نتائج فوز جو بايدن بالانتخابات الرئاسية.

 

لأسابيع.. والرئيس الأمريكي المنتهية ولايته كان يردد "لن نتراجع لن نستسلم" ويشير إلى يوم السادس من كانون الثاني، باعتباره يوم الحسم، فقد طلب من أنصاره القدوم إلى واشنطن العاصمة، وتحدي الكونغرس ونائب الرئيس مايك بنس لإجبارهم على تجاهل نتائج الانتخابات الرئاسية التي جرت في تشرين الثاني وإبقاء الرئاسة بيديه.

 

لم تكن المواجهة بين ترامب وأعضاء الكونغرس صادمة!! بل كانت مشهداً من مشاهد كثيرة لديمقراطيتهم التي تشدق بها الأمريكيون لعقود طويلة، الفرق هنا أننا أمام "قاطع طريق" أطاح بكل المعايير السياسية، وأخضع كل الانتخابات لمزاداته العلنية، في ظل جو يسوده الصراع الحاد، وتتطاير فيه اتهامات التخوين والعداوات، وتُنتهك القوانين دون قيد أو رادع، ويظهر وجه السياسة الأمريكية كما هو بالفعل.

 

لكن السؤال الأهم الذي يجب علينا طرحه: هل يمكن تلخيص الديمقراطية في صناديق الاقتراع؟

 

السادس من كانون الثاني 2021 كان من أسوأ أيام الديمقراطية في أمريكا.. يوم كشف أن تلك الحكومات تكره الديمقراطية بقدر ما تعلن تبنِّيها الزائف لها!! فقد تصدر ما يوصف بـ "كابوس تسليم السلطة" المشهد السياسي الأميركي، بعدما امتنع الرئيس ترامب عن الانتقال السلمي للسلطة بعد خسارته انتخابات 3 تشرين الثاني، معرضاً مبنى الكونغرس الأميركي (الكابيتول) للعنف بصورة تعجز الكلمات عن وصفها".

 

اليوم.. أمريكا التي تبدو في ظاهرها تلك الامبراطورية الراعية للديمقراطية وحقوق الإنسان عبر العالم، باتت بعيدة كل البعد عن هذه الصورة المزيفة التي سوقتها اعتماداً على قوة إعلامية هائلة متحكمة في العقول وموجهة للجمهور، عبر الترويج بالقيم الليبرالية التي تزعم أنها ستقود العالم إلى أسواق أكثر حريةً على إيقاع ما يسمى (الهروب اللذيذ) من خلال أفلام العنف والرعب وترسانة كيميائية تنتج عقاقير الهلوسة وأنغام موسيقى ورقصات غريبة عجيبة لتصبح سلاحاً مشروعاً تشغل به الشعوب عن متاعبها.

 

وسط هذه الغيوم الديمقراطية كانت الأزمة السورية هي النهب اللذيذ لأمريكا ولكن الاسم المعلن لهذا النهب كان شعارات مبهرة عن نجدة الضعفاء ونصرة الديمقراطية وإعادة الشرعية بأسلوب يدير الرؤوس ويسكر النفوس ولكن دونالد ترامب وأمثاله  المتشدقين بـ الليبرالية بأنها تلفظ الإرهاب وتميل إلى تعزيز المشاركة وتبادل المصالح، انحرف هو نفسه عن مناهج الديمقراطية التي يدعي حمايتها لأجل الشعب السوري، وأخذ زمام الممارسات الاستبدادية والعنصرية للسلطة بعيداً عن إرادة المواطنين العاديين.


والسياسة الليبرالية الامريكية التي تحاول إعادة بعثرة العالم وصياغته وفق أطماعها، مستخدمة الرعب والتخويف تارة، والحصار الاقتصادي تارة، لتفرض ديمقراطيتها المزعومة على الدول، بذريعة تخليصها من الظلم واستبداد أنظمتها الحاكمة، باتت مكشوفة للشعوب، التي على الرغم من معاناتها والحروب المفروضة عليها، قادرة على خلق حريتها الحقيقية بعيداً عن كل المسرحيات والمزادات الأمريكية.
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=76953