تحقيقات وتقارير

شتاء 2020 _ 2021 .. فوضى التسعير والأسعار أين الرقيب؟


الاعلام تايم || رنا الموالدي

 

 

بتمعن.. تأمل عبدالله في السعر الموجود على جاكيت شتوية، فلم تصدق عيناه.. اعتقد أن هناك خطأ ما.. استفسر من الموظف الموجود في المحل؟؟ فأكد له أن السعر حقيقي!! عبدالله استفسر ثانية عن سبب هذه الأسعار ليخبره الأخير بأن "الأسعار نار".

 

في دمشق يلخص الشارع الخالي وقت ظهيرة يوم عطلة الحال التي وصلت إليها الأسواق المخصصة لاقتناء كسوة الشتاء، فحسب جولة لفريق موقع "الاعلام تايم" لا يقل سعر لباس لطفل عمره 6 سنوات عن 100 ألف ليرة "مجرد كنزة وجاكيت و بنطلون"، أما ملابس البنات فإنها أكثر تكلفة، حيث لا يقل ثمن لباس متوسط ترضى به البنت عن 200 ألف، فيما عرفت ملابس الرجال المفضلة وهي جاكيت الشتاء ارتفاعاً أيضاً، أما ملابس النساء شهدت ارتفاعاً جنونياً مقارنة بغيرها.


هذا الارتفاع لم ينطبق فقط على الألبسة، حيث وصل سعر الحذاء إلى 35 ألف ليرة كحد أدنى، وأحذية الماركات تراوحت أسعارها ما بين 80 و 190 ألف ليرة، بينما وصل سعر الأحذية ذات القالب الرديء إلى 20 ألف إن وجد، ما جعل بعض المحلات "للفرجة" فقط، إذ أنّ تلك الملابس و الأحذية تتطلّب ميزانية كبيرة لا يستطيع أحد تحمّلها.. فأسعار المستلزمات الشتوية ارتفعت بشكل وصفه المواطنون بـ"الصادم" ليصل الارتفاع بين 100 – 200% عن العام الماضي، والتي تختلف باختلاف الماركات والمحلات التي يرتادها المتسوق.. فهناك محلات مشهورة لا تعرف بضاعتها المنطق في الأسعار، وذلك كافٍ لجعلها في مستوى يعجز معظم الناس عن التفكير في الشراء منها، مقارنة بالمحلات العادية "الأكثر ملاذا وأمناً " إذ تتناسب "ربما" مع المقدرة الشرائية لاسيما وأن جودة ونوعية البضاعة لا تقل مستوى عن تلك التي تباع في المحلات الراقية ذات الأسعار المرتفعة بحسب متسوقين.

 

الركود لا يعني انخفاض الأسعار


أسواق دمشق التي اكتسبت سمعتها وشهرتها بشكل خاص من انخفاض أسعار معظم السلع فيها، واحتوائها على عدد هائل من الأصناف بكل درجات الجودة، من إنتاج المصانع إلى الانتاج اليدوي، كان يمكن لأي مواطن زيارتها لاختيار ما يناسبه سعراً وجودة.. أما اليوم فالركود التام سيد الموقف أمام التاجر الذي يقف في حذر وترقب لحين وصول أول زبون يكسر هذه الموجة من الركود، فالأسعار حسب التجار عادة ما تكون مرتبطة بهامش الربح الذي يقرره التاجر، وفقاً لقاعدة العرض والطلب التي يخضع لها سوق الاستهلاك، يضاف إلى ذلك بدلات الإيجار وأسعار بدل الطاقة من المولدات الكهربائية، وبدل النقل المرتفع وغيرها من المصاريف المتفرقة، ما يدفع التجار إلى رفع أسعارهم.. الأمر الذي توقعه قبل عدة أشهر رئيس القطاع النسيجي، مهند دعدوش، الذي صرّح أن أسعار الملابس الشتوية، ستزيد 3 أضعاف عن العام الفائت، بسبب ارتفاع أسعار جميع مستلزمات إنتاجها، سواء المازوت الصناعي واليد العاملة والضرائب!! ولكن بنظرة إلى واقع التسعير هذا الموسم يمكن القول أنه بلغ مستويات خيالية وليس ثلاث أضعاف فقط!! الأمر الذي يطرح تساؤلات حول مدى الاطلاع على فوضى الأسعار هذا الموسم وما كانت عليه الموسم الماضي مقارنة مع القدرة الشرائية لمتوسط دخل المواطن العادي.

 

"البالة غالية".. لكنها البديل الشرائي الأمثل

 

طبقاً لتصريحات دعدوش.. إن كانت الألبسة الشتوية المصنعة محلياً قد ازداد سعرها 3 أضعاف، فإن الصادم أن أسعار البالة ارتفعت كذلك عن العام الماضي، ففي محلات بيع الملابس المستعملة التقينا العديد ممن نفذ صبرهم في البحث عما يناسب مدخولهم الشهري لكسوة الشتاء، فلجؤوا إلى الاستنجاد بمحلات البالة علهم يجدوا ضالتهم مقارنة بمحلات الملابس الجديدة التي ترتفع أسعارها طرداً مع انخفاض درجات الحرارة، لتخبرنا إحداهن.. " هذه المرة الأولى التي أفكر بها في زيارة هذه المحلات، لأُصدم بوجود قطع بالة أغلى من ألبسة المحلات وذلك حسب الموديل والنوع، فبحسب ما أخبرني به صاحب محل البالة هناك قطع جديدة غير ملبوسة وتكون بورقتها وهذه القطعة أغلى من بقية القطع، لكن تبقى هناك ألبسة مستعملة ولكنها أخت الجديدة وبأسعار معقولة وما يهمني هو أن أشتري و أدخل السرور إلى نفسي و أسرتي".

 

بسخرية كبيرة وابتسامة باهتة يقول عبدالله "اعتدنا أن نُصدم سنوياً بموجة ارتفاع في الأسعار مع بداية كل موسم، وكما جرت العادة يمهد لها سابقاً بتسريب أخبارها جساً للنبض وتبديداً لطعم المفاجأة.. الغلاء لم يترك شيئًا إلا وزاره في سورية.. لم يجعل له حرمة على شيء لدرجة أصبح ركوب التاكسي والذهاب إلى المطعم رفاهية، ناهيك عن غلاء مختلف أنواع السلع الاستهلاكية الأساسية التي تشهد أسعارها ارتفاعات متزايدة.. الخوف الحقيقي لدى السوريين يتعلق بما هو منتظر للرد عن تساؤلاتهم اليومية .. "أين حماية المستهلك والرقابة على الأسواق؟؟" للتخفيف من أثر زيادات الأسعار.

 


 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=76333