وجهات نظر

أنقرة تترنح وتنتظر !

أحمد ضوا


الاعلام تايم - الثورة أون لاين

 

تراجع النظام التركي أمام الانتقادات والعزلة الدولية لسياسته العدوانية واستخدامه لغة القوة والاستعراض في حل المشكلات والخلافات التي تشهدها المنطقة بدلاً من الحوار والدبلوماسية وسياسة حسن الجوار التي تخلت عنها كلياً.

 

تحاول الحكومة التركية إيهام شعبها أن دور بلاده في المنطقة لن يتأثر بالعلاقات المتوترة والعدائية مع غالبية جيرانه القريبين والبعيدين وأنها ماضية تحت ستار الحفاظ على المصالح القومية التركية وهو ما يخالف الواقع والتداعيات الناجمة عن تحويل النظام التركي إلى دولة معزولة.


إن إصرار النظام التركي على تصعيد التوتر مع اليونان وقبرص حول استثمار الموارد الباطنية في البحر الأبيض المتوسط وحول الحدود البحرية إضافة إلى الانتهازية التركية في استثمار مسألة اللاجئين عمّق عزلة تركيا في الوسط الأوروبي وللمرة الأولى منذ ثلاثة عقود تناقش الدول الأوروبية فرض عقوبات على تركيا للضغط عليها اقتصادياً ودفعها إلى مراجعة سياساتها التصعيدية والعودة إلى طاولة الحوار والمفاوضات في حل المشكلات مع جيرانها.


كما عكس الخلاف العلني بين وزيري خارجية تركيا والسويد في المؤتمر الصحفي المباشر الذي جمعهما قبل أيام حول السياسة الخارجية التركية وتفاعلها العدواني مع مصالح دول الجوار عمق الشرخ بين أنقرة وبروكسل حول الدور التركي في الكثير من الملفات السياسية.


يتلاعب رئيس النظام التركي بالألفاظ لإخفاء حقيقة تراجعه عن مواقفه التصعيدية مع اليونان وقبرص ومصر حول موضوع التنقيب عن الغاز في المناطق البحرية المختلف عليها مع هذه الدول في البحر المتوسط مبرراً سحب الحفارة التركية من عرض البحر بإجراءات الصيانة ومن ثم إعادتها دون أن تكمل عمليات الحفر انتظاراً لما ستسفر عنه المباحثات حسب قوله.


لا تنكر الحكومة التركية المصاعب الاقتصادية التي تواجهها، وتراجع سعر الليرة التركية كشف هشاشة ما يدعيه الرئيس التركي عن قدرة اقتصاد بلاده على مواجهة الضغوط الاقتصادية والسياسية الإقليمية والدولية والمعطيات التي يكشفها الإعلام الغربي عن ذلك وخاصة فيما يرتبط بالعلاقة الفرنسية التركية المتوترة تبين أن الاتحاد الأوروبي على مسافة قريبة من فرض عقوبات على أنقرة إذا بقيت على مواقفها من المواضيع الساخنة وخاصة فيما يرتبط بالعلاقة مع اليونان والتدخل التركي في الحرب الدائرة بين أرمينيا وأذربيجان حيث يعمل أردوغان على تصعيد هذه الحرب معرضاً علاقاته مع روسيا الاتحادية لمزيد من التصدع الذي توسع جراء مماطلة أردوغان في تنفيذ التزامات بلاده وفق اتفاقيات سوتشي تجاه سورية.


حتى اليوم فشلت الحكومة التركية في إقناع العالم بجدوى سياستها الخارجية استنادها إلى ما يسميه أردوغان الحقوق التاريخية لتركيا والدليل تصاعد لهجة الأوروبيين مع أنقرة، ولكن في نفس الوقت هذه الضغوط الدولية غير كافيه حتى الآن لإحداث تغيير جذري في السياسة التركية، وهذا الأمر يستدعي مزيداً من الضغوط التي تكفل منع رئيس النظام التركي من الهروب الى الإمام عبر افتعال نزاع جديد من قبرص أو اليونان.


كما العادة العرب وهم أكثر المتضررين من السياسة التركية على جميع الصعد يلف حكوماتهم الصمت في مواجهة الأخطار التركية الداهمة واقتصر نشاطهم في هذا السياق على دعوات شعبية لمقاطعة السلع التركية التي تسمح هذه الحكومات باستيرادها.


من السابق لأوانه تقييم جدوى الضغوط الأوروبية على النظام التركي، ولكن من المعلوم أن السياسة الغربية تنشط في فترات الانتخابات الأميركية لتعويض الانشغال الأميركي فيها وهذا محكوم أيضاً بمدى الاتفاق الأوروبي على خيار العقوبات ضد أنقرة التي تترنح وتنتظر.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=75611