وجهات نظر

بعد خسارة الشام واشنطن تناور بفلول داعش عبر القارات…!

محمد صادق الحسيني


الاعلام تايم - البناء

 

لا يمكنك ملاحظة هزيمة من شهدوا نصر توقيع صك الاستسلام لجيوش هتلر، على بوابات الشام وأسوار بغداد…

 

إلا وانت تراقب الفشل المدوي والإحراج المخزي، اللذين حصدهما قائد القياده الوسطى في الجيش الاميركي، الجنرال كينيث ماكينزي، في لبنان قبل أيام، وهو يلملم عدته برفقة سفيرة بلاده في بيروت، من مطار بيروت الدولي، على متن مروحية عسكرية أميركية، إثر استحالة تنظيم مهرجان استفزازي لقتلاه الذين سقطوا في عملية 1983 الاستشهادية الخمينية في محيط المطار، بسبب الرفض اللبناني القاطع لذلك الاستفزاز وتدفق المواطنين الى المكان، في مظاهرة حاشدة دفاعاً عن كرامتهم الوطنية التي رسموها على امتداد 14 عاماً متوالية…!

 

لم يعتبر هذا الجنرال، الذي تمتد رقعة مسؤولية قيادته المركزية، من الجزر البريطانية غرباً وحتى بحار الصين شرقاً، من عجزه عن تقدير الموقف في لبنان وفشله في تقييم قدرات حلف المقاومة بالتحديد، من خلال مهرجانه المتهافت، فإذا به يسرع في السقوط في محنة عسكرية واخلاقية جديدة، وذلك عندما ذهب بعدها بيومين متسللاً الى مدينة القامشلي السورية، التي تحتلّ قواته جزءاً منها، ليعقد اجتماعات مع قائد عصابةٍ مسلحة، تديرها أجهزة الاستخبارات الاميركية والاسرائيلية ويموّلها آل سعود، وهي العصابة التي تسمّي نفسها قوات سورية الديمقراطية، المكلفة أميركياً بـ «تخزين» فلول داعش في مناطق سيطرتها، بانتظار ان يقوم الجيش الأميركي بنقلهم على دفعات، وبالتنسيق مع أردوغان، إلى مناطق مختلفة في العالم.

 

وهذا يعني أن الجنرال ماكينزي بما ومن يمثل قد انحدر إلى مستوى تنسيق نشاطه العسكري مع رئيس عصابة مسلحة في شمال شرق سورية، مواصلاً سياسة أسلافه من المسؤولين العسكريين الاميركيين، في قيادة المنطقة الوسطى الأميركية CENTCOM  وغرف عملياتهم في قاعدة عين الاسد في العراق وقاعدة التنف في سورية، في المناورة بفلول داعش، الذي هزم في العراق وسورية ولبنان واليمن، على أيدي القوات المسلحة والقوات الرديفة لها في هذه البلدان.

 

ما يعني أن الادارة الاميركية، وأذرعها العسكرية والامنية، برغم الهزائم الميدانية المدوية، لا زالت مصرةً على مواصلة عدوانها ونشرها للفوضى والحروب، في بقاع العالم المختلفة، عبر تشكيلاتها التكفيرية كداعش وأخواته، الامر الذي جعل ماكينزي يقوم بزيارته الى «مخازن» فلول داعش، لدى القائد العسكري لعصابة «قسد»، التي قامت قبل مدة بتهريب مجموعات عدة، من هذه الفلول الموجوده في «سجونها»، في شمال شرق سورية، الى العراق وكان من بينهم 28 قيادياً من داعش ينتمون لعصابات تطلق على نفسها اسم: جماعة حجي سمير وجماعة حجي أمان وجماعة حجي بكر.


وقد وصلوا الى العراق فعلاً والتحقوا بعصابةٍ مسلحة تسمّي نفسها: جماعة حجي تيسير وهي عصابة تتحرك في منطقة الحضر العراقية، قرب الحدود مع سورية.

 

إن القوى العميقة، التي تحكم الولايات المتحدة، من محافظين جدد ومجموعات الصناعات العسكرية ورأس المال الربوي، ورغم التراجع الاستراتيجي الكبير للدور الاميركي، اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، وعلى صعيد العالم أجمع، لا تتخلى عن خط إشعال الفتن والحروب، خاصةً في منطقة غرب آسيا، التي تقع فيها القاعدة العسكرية الأميركية الأهمّ في العالم والتي تسمى «إسرائيل».

 

فما أن أشرفت معارك تحرير العراق على نهاياتها، اواخر سنة 2017، حتى سارعت القيادة المركزية الأميركية CENTCOM، ومن خلال غرف عملياتها المتقدمة، في قاعدة عين الأسد في العراق وقاعدة الشدادي في جنوب شرق سورية، بتنفيذ عمليات إخلاء جوي منظم بواسطة مروحيات النقل الاميركية الثقيلة، لعصابات داعش، من سورية والعراق واعادت انتشارها في أماكن عدة من العالم، بينها العراق. وهي عمليات لا زالت متواصلة حتى يومنا هذا، وتحت إشراف قائد القيادة المركزية الأميركية شخصياً، كما اشرنا آنفاً.

 

وقد شملت مناطق الانتشار الجديدة لعصابات داعش كلاً من:

1) العراق

حيث نقلت القيادة العسكرية الاميركية ما مجموعه خمسة آلاف مسلح داعشي، من محافظة نينوى وغرب الانبار وبعض مناطق شمال شرق سورية، الى قواعد عصابات البيشمركة الكردية، في محافظات العراق الشمالية. وهي تناور بهذه العصابات حالياً وتحركها، خدمة لمصالح واشنطن و«اسرائيل»، في محافظة كركوك وجنوبها وفي محافظة نينوى وبعض نواحي شمال غرب الانبار.

 

كذلك نقلت القيادة المركزية الاميركية، جواً، واعادت انتشار فلول داعش الى المناطق التالية، خلال سنتي 2017/2018 :

أ) منطقة جبال حمرين، التي نقل اليها 2300 من عناصر داعش. حيث تقوم القيادة الأميركية بالمناورة بهم في محافظات ديالى وصلاح الدين، وتواصل مشاغلة القوات المسلحة العراقية، بمختلف صنوفها.

ب) منطقة مدينة بيجي / بلدة رشاد، في محيط الطريق الدولي رقم 24، حيث ينتشر الف ومئتا عنصر من عناصر داعش في وادي زغيتون، اضافة الى 600 عنصر آخرين ينتشرون في وادي الشاي، في محيط الطريق الدولي رقم 19. علماً ان هذا الوادي يلتقي مع وادي أبو خناجر، ليشكل مع الشاي ووادي زغيتون وادياً ضخماً يبلغ طوله أكثر من مئة كيلومتر، وصولاً الى منطقة الزركة في محافظة صلاح الدين، بينما يصل عرض هذه المنطقة بين 5-7 كيلومترات، وهي منطقة ذات طوبوغرافيا صعبة ومساحة تتيح للمسلحين التحرك والتخفي بشكل مريح وتعطيهم القدرة على تحقيق بعض المفاجآت احياناً لقوات الامن العراقية.

ج) اما في قاطع العباسي / الحويجة فينتشر ما مجموعة كتيبتا قوات اقتحام، يبلغ تعدادهما 750 عنصراً مسلحاً، وهم على اتصال وتنسيق مع مجموعات أخرى تنتشر في قاطع تلول البعاج / الحضر.

د) في حين أن مناطق:

– النخيب، جنوب الرطبة.

– ووادي حوران، الممتد من شمال الرطبة حتى حديثة، بطول 350 كم.

– ووادي القذف المتصل بمنطقة النخيب جنوباً، عبر بلدات الكسرة والهبارية وأوديتها، بينما يمتد شرقاً باتجاه بحيرة الرحالية ومدينة كربلاء.

يبلغ مجموع العناصر المسلحة المنتشرة في هذه المناطق الفين وثمانمائة مسلح، تشرف على ادارتهم غرفة عمليات قاعدة عين الأسد الأميركية، بالإضافة الى غرفة عمليات ميدانية، تابعة للاستخبارات العسكرية الاردنية، تضم 30 ضابطاً، ومقرها بلدة رويشد، على الحدود العراقية الاردنية (داخل الاردن)، ويقوم ضباطها بزيارات ميدانية منتظمة لمناطق الانتشار المذكورة أعلاه.

علماً أن مهمات هذه الجماعات المسلحة لا تقتصر على مشاغلة القوات المسلحة العراقية، وانما هي مكلفة بشكل أساسي، في وقف تقدم أية قوات عراقية، الجيش والحشد، او اية قوات متطوعين اخرى، باتجاه الحدود الاردنية، في حال وقوع مواجهة عسكرية شاملة بين إيران وحلفائها والولايات المتحدة و«إسرائيل» في الجهة المقابلة.

اي ان مهمة هذه العصابات هي عرقلة تقدم قوات حلف المقاومة باتجاه الجبهة الشرقية / حدود الأردن مع فلسطين / لحين وصول تعزيزات عسكرية أميركية، من الكويت والسعودية، لتسيطر على مثلث الحدود الاردنية العراقية السورية.

 

2) تركيا

حيث تمّ نقل ستة آلاف عنصر من مسلحي داعش، في العراق وسورية، الى مدينة عنتاب ومحيطها في تركيا، وهم يقيمون هناك تحت الإشراف المباشر للقيادة المركزية الأميركية في الدوحة والاستخبارات العسكرية التركية في انقرة.

إضافة الى تقارير سابقة تفيد التالي:

جرى نقل الفين من هذه العناصر الى منطقة رستاق ومنطقة خواجه بهاء الدين، على الحدود مع طاجيكستان والى إشكاشيم / زيباكZebak /  شرق أفغانستان قريباً من الحدود الصينية الافغانية.

علماً ان هذه الاجراءات، الأميركية التركية، قد تمت بهدف تصعيد الضغط على الصين في ما يتعلق بوضع قومية الأيغور وبما يفتح المجال لضعضعة الوضع ليس في طاجيكستان وحدها وإنما في تركمنستان وغيرها من الجمهوريات السوفياتية السابقة، التي يخطط أردوغان لإعادة دمجها في امبراطوريته العثمانية الجديدة.

 

3) ليبيا

حيث قامت القيادة المركزية الأميركية (CENTCOM) بالتعاون مع هيئة اركان الجيش التركي بعملية نقل، واسعة جداً، لما مجموعه 16 الف عنصر، من فلول داعش والتنظيمات المسلحة الأخرى في محافظة ادلب السورية، الى ليبيا، عبر جسر بحري وآخر جوي أقيما منتصف عام 2019.

 

وقد وضعت قوة، قوامها 3000 مسلح، بتصرف قيادة افريقيا AFRICOM  في الجيش الاميركي، تم نشرها في كل من تشاد ومالي وبوركينا فاسو والنيجر (دول الساحل) وذلك بهدف مواصلة إشعال الحروب في القارة الأفريقية، كجزء من سياسة الولايات المتحدة الاميركية في مواجهة الوجود الصيني والروسي في افريقيا. خاصة أن الصين قد استثمرت مئات ملايين الدولارات في مشاريع للبنى التحتية في معظم الدول الافريقية، وكذلك الامر بالنسبة لروسيا والتي تقوم، الى جانب الاستثمارات المالية، في الاشراف على اعادة تشكيل جيوش بعض الدول الافريقية، وعلى رأسها جمهورية افريقيا الوسطى، التي تعتبر قلب القارة الأفريقية. وهي نشاطات تقوم بها روسيا في اطار تفويض رسمي من مجلس الأمن الدولي، في محاولة لوقف انتشار القتل والدمار في افريقيا، وخلق ظروف الاستقرار السياسي الضرورية لنجاح مشاريع التنمية الاقتصادية في القارة.

 

يبدو أن الدولة الإرهابية الاولى في العالم لم تتعلم الدرس بعد وهي بحاجة الى مزيد من الهزائم والانكسارات وكؤوس السم التي ينبغي أن تتجرعها على أسوار مدننا وبلداتنا الحرة من هرمز الى باب المندب ومن البصرة حتى بنت جبيل ونحن لها إن شاء الله.

 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=72897