تحقيقات وتقارير

الخبير الاقتصادي د.ماهر سنجر: معايير إدارة الشركات الناجحة وقت الأزمات (أزمة كورونا مثالاً)


الاعلام تايم _ مارينيت رحال


تنوعت الأزمات من اقتصادية إلى سياسية واجتماعية وحتى أزمات صحية عامة كالأزمة التي نعيشها اليوم مع كورونا ومع كل أزمة كان لابد من التعامل مع الخطر فالتعامل معه وبغض النظر عن الظروف من سمات النجاح في الشركات.


فالأعظمية اختبرت طعم الأزمات الاقتصادية على نكهة أزمة الرهن العقاري، كما عرفت الشركات السورية التعامل مع الحصار وصعوبة الاستيراد والتصدير ومشاكل القطع الأجنبي وقائمة الإجراءات المتخذة ضدها وصولاً إلى "قانون قيصر".


عادةً ما تستمد الشركات صفاتها من صفات القائمين عليها، فالمدير الباحث عن الايراد العالي لا بد وأن يختبر الأخطار أكثر ممن يتجنب حتى التفكير بمجال الدخول بصفقة قد تحمل بين طياتها خطراً ولو بسيطاً، فقدرات وعائدات الشركات ترتبط بكفاءة القائمين عليها حيث نشهد اليوم أزمة قوامها الصحة العامة لكن أثارها مختلفة كثيراً، ما يجعل من الجميع بغض النظر عن مناصبهم الإدارية ومسؤولياتهم وصلاحياتهم مسؤولين عن إدارة الأزمات والمخاطر.


تتحمل إدارات الشركات المسؤولية الأكبر عن إدارة الأزمات وذلك لكونها تملك القرار والصلاحية والرؤية وتكون مسؤولة بشكل أو بآخر عن صنع القرار في الشركات، فمسؤولية الإدارة أن تدفع جميع العاملين للعب دور مدير المخاطر، فكيف تتعامل اليوم الشركات السورية مع إدارة الأزمة التي حدثت بفعل وباء كورونا؟


لأزمة كورونا خصوصيتها حيث تقوم الشركات بالتعامل مع نتائج هذه الأزمة وليس فقط مع أسبابها فالأزمة الناتجة عن الأخطار الناشئة أو المجهولة أي التي تظهر فجأة وبشكل غير متوقع تجعل من الصعب تدارك الأسباب وترفع من درجة التركيز على الجهود الفعالة والمرنة للسيطرة على النتائج السلبية وتقليل أثرها. فمن يتابع كيفية معالجة الخطر له أن يلحظ جملة من المنهجيات التي اتبعت في إدارة أزمة كورونا حيث اتسمت هذه المنهجيات بالانطلاق دائماً من الحلول الاسعافية إلى الرؤى الاستراتيجية كما يلي:


- بدايةً اتسمت إدارة أزمة كورونا في الشركات بالتروي والترقب والتركيز على فهم ما يحدث في البيئة الخارجية للشركات أي ما يتعلق بأماكن انتشار الفيروس وعن مدى تقاطع هذه الأماكن مع مصالح الشركات من ناحية تواجد الفروع أو العملاء أو حتى الموردين أو العاملين في الشركة وكيفية انعكاس ذلك على البيئة الداخلية للشركة أي ما يتعلق بنظم الإنتاج والعمل والتوريد وتقديم الخدمات وتحقيق المتطلبات التعاقدية.


- تعزيز المعالجة الأنية من خلال خلية أزمة تعنى بسلامة كادر الشركة فلجأت الشركات إلى التعقيم وتوزيع المواد المطهرة على العاملين ورفع درجة النظافة في الشركة وتقليل تجمعات العاملين ووقف مراقبة الدوام وتقليله.


- الحفاظ على استمرارية العمل ولو بالحدود الدنيا وتقليل حالات الانقطاع المحتملة والرفع من سوية سرعة استرداد الأعمال من خلال تجهيز البنى اللازمة للتواصل مع الجميع بما فيهم العملاء.


- تبادل المعرفة والدروس المستفادة فيما بين الشركات العاملة في نفس المجال.


- خلق قاعدة بيانات عن تطور الأزمة وكيفية إدارتها فيما بين الشركات وذلك بالتنسيق مع الهيئات الرقابية وتحديث هذه القاعدة باستمرار.


- الاعتماد على قنوات التواصل الغير تقليدية ومتابعة الأخبار عن تطورات الأوضاع بالاستناد إلى التقنيات الحديثة بما فيها التواصل عبر الانترنت أو مواقع التواصل الاجتماعي.


- رفع سياسة المسؤولية المجتمعة ووضعها ضمن الأولويات ووضع الخطط لتنفيذها.


- رفع سوية أمن الشبكات منعاً لمحاولة الاختراق لكون معظم العاملين يعملون من منازلهم.


عادةً ما تمنح إدارة المخاطر الشركات رؤية مختلفة عن المعتاد وتزيد من جودة نوعية القرارات المتخذة، اسمحوا لي أن اقتبس من كلام بيل غيتس الذي يصف العمل على أنه لعبة مال مع بعض القواعد والكثير من الأخطار. فما المطلوب اليوم للاستفادة من المنهجيات التي اتبعت من قبل الشركات السورية وبغض النظر عن طبيعة نشاطها وتعزيزها مستقبلاً:
- توثيق الدروس المستفادة من إدارة أزمة كورونا لأننا سنشهد حروب بيولوجية جديدة قادمة مع الأيام المقبلة وسنستفيد حتماً من هذه الدروس.


- وضع سياسة وطنية لإدارة الأزمات واستمرارية الأعمال على مستوى كافة القطاعات بما في ذلك القطاع العام من خلال هيئة مستقلة تعنى بهذا الأمر.


- اعتماد منهجية مستقبلية لإدارة المخاطر التي ستنتج عن كورونا مستقبلاً.


- تفعيل الدور الاستشاري للعاملين في إدارة التدقيق الداخلي وإدارة المخاطر والاستفادة منهم في تمكين علمية إدارة المخاطر في الشركات السورية مستقبلاً.


- تغير تصنيف الأوبئة ومعاملتها كأخطار متكررة الحدوث ورصد الاحتياطيات المالية للتعامل مع هكذا أخطار.


- وضع منهجية واضحة للتعامل مع هذا الوباء والأوبئة المشابهة مستقبلاً على أن تدرج نتائج هذه المنهجية ضمن خطة التأمين الصحي للعاملين في القطاع العام اعتباراً من هذا العام.


- اعتماد صندوق يدرج ضمن الموازنة العامة بحيث يتم تغذية هذا الصندوق سنويا للتعامل مع الأخطار الكارثية التي قد تصيب المجتمع.


- وضع منهجية لتعزيز الأمن الرقمي لكامل المجتمع بما في ذلك الأفراد والشركات.


وأخيراً ترفع القبعة للعاملين السوريين الذين استمروا بتقديم الخدمات وحتى ولو من منازلهم رغم الظروف الصعبة وهذا ما عهدناه من الانسان السوري على مر العصور.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=70855