تحقيقات وتقارير

بظل كورونا.. السياسات الأمريكية والتركية في سورية إلى أين؟!


الاعلام تايم - مرام جعفر



تتصدر أزمة كورونا العالمية العناوين مع عداد يحصي الإصابات والوفيات وحالات التعافي أحيانا، ولكن هذه الظروف الإنسانية لم تلجم سياسات الدول الاستعمارية عن تخطي الحدود في المنطقة عموما و في سورية على وجه التحديد.

 

السياسة الأمريكية في سورية بظل كورونا

 

حتى اليوم لا يمكن القول بأن الولايات المتحدة الأمريكية غيرت من سياساتها تجاه دمشق رغم ما يصيبها داخليا من أزمات اثر انتشار وباء كورونا وظهور عزلها على مستوى النظام الدولي في مواجهة كورونا وكذلك عزلها في الداخل واتهامات الشعب الأمريكي والرأي العام العالمي تجاه سعيها للحصول على اللقاح اللازم بهدف تركيع دول العالم.

 

وفي هذا السياق، يقول الكاتب و الباحث السياسي محمد العمري: إنه حتى اليوم تلجأ أمريكا إلى سياسة العقوبات وتوظيف قدراتها وتأثيرها على المنظمات الدولية لمنع الدول المناوئة لها في الحصول على التمويل كما حصل من مممارستها للضغوط على صندوق النقد الدولي تجاه "منع قرض لفنزويلا وتعليق الطلب الإيراني.


وفي سورية مازالت أمريكا تمارس العقوبات والحصار الاقتصادي الجائر وسرقة النفط السوري، وتضغط على أوروبا والدول العربية والخليجية لعدم الانفتاح على سورية.

 

ولم يستبعد العمري، أن تقوم الإدارة الأمريكية باستغلال أزمة كورونا لتضييق الحصار على سورية وتفعيل" قانون قيصر"، ولكنه أكد على أن الأحداث التي حصلت مؤخرا في الجبهة الشمالية الشرقية من مقاومة شعبية بالتعاون مع جنود الجيش السوري بالتصدي للاحتلال الامريكي قد يكون مؤشر حقيقي لظهور نواة مقاومة شعبية في تلك الجبهة.

 

وأضاف العمري: إن ماحصل منذ يومين باستهداف القوات الأمريكية ومقتل ضابط الإنزال في قاعدة عين العمر ومسلحين من قسد، رسالة واضحة جدا من قبل المقاومة التي ستكبر نواتها في حال استمرار سرقة النفط.

 

واعتبر أن الإدارة الأمريكية قد تلجأ نتيجة استشعارها بهذه المقاومة إلى سحب جنودها باتجاه الحدود العراقية السورية، لسببين أولهما التحجج بانتشار كورونا وبالتالي قد يلجأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى سحب جنوده تحت هذه الذريعة لتحقيق وعوده الانتخابية وحفظ ماء وجهه في ذات الوقت تجاه قادة ما يسمى مؤسسات الدولة العميقة الذين قد يلجؤون إلى التصعيد ولاسيما أن انسحابه، انتصار ضمني للدولة السورية.

 

تركيا و سياسة "عدم الوفاء بالتزامات"

 

لم تسلك أنقرة أي سلوك متعلق بالقضاء على التنظيمات الإرهابية تنفيذا لاتفاق سوتشي الأخير بين الرئيسين الروسي والتركي في الخامس من آذار الفائت.

 

واعتبر العمري أن ماحصل من قيام بعض التنظيمات الإرهابية باستهداف عربتين لدورية تركية خلال الأسابيع الماضية، لا يعني أنها دخلت في صدام مع هذه التنظيمات، متوقعا عودة الجيش السوري إلى العمل العسكري مع الأولوية لمكافحة كورونا و رصد تحركات التركي وسلوكه المعادي للدولة والشعب السوري باستمرار و إدخاله للأسلحة والمعدات العسكرية الثقيلة إلى إدلب، أو قطع المياه عن مناطق الشمالية الشرقية في علوك وتل تمر.

 

"إسرائيل" العدو اللدود

الكيان الإسرائيلي هو من أكثر المتضررين من أي إنجاز يحصل في الداخل السوري سواء سياسيا أو عسكريا، وأكثر مستثمر للأزمات في الحالات الإنسانية لتحقيق مآربه.

 

هنا يرى العمري، أن الاعتداءات الإسرائيلية لن تنكفئ في محاولة لعدم تراجع النفوذ الأمريكي أو مع كل استحقاق سياسي يشهده الداخل السوري، وحتى التخبط في الداخل الإسرائيلي لن يمنع قادة العدو من نقل أزماته الداخلية تجاه الجبهات  بذرائع مثل " حزب الله وإيران".

 

العولمة تغير مركز ثقلها

 

أزمة كورونا تجاه المنطقة من شأنها أن تظهر عجز الفاعلية السياسية التي لم تعد أدواتها القديمة تحقق لها أي تأثير على المنطقة وخاصة الولايات المتحدة.

 

وقال العمري، إن معالم النظام الدولي وأدواته تتغير بشكل أو بآخر... العولمة لن تتغير ولكن مركز ثقلها سينتقل من أمريكا إلى الصين، معتبرا أن ما تقدمه الصين من تكنولوجيا سيجذب دول العالم إلى بناء علاقات معها، وخاصة في أوروبا بدأت تظهر هشاشة العلاقة في تكتلها بشكل تدريجي.

 

مضيفا، أن ما فعله الرئيس الصربي من تقبيل للعلم الصيني وإنزال علم الاتحاد في إيطاليا هو دليل على تغير النظام الدولي وانتقال لمركز العولمة وظهور نوع من القطبية الجديدة على شكل تكتلات إنسانية واقتصادية وغيرها في كافة المجالات.

 

وكان وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر قد اعتبر في مقال له بصحيفة وول ستريت جورنال، أن جائحة كورونا ستغيّر النظام العالمي للأبد، موضحا أن الأضرار التي ألحقها تفشي فيروس كورونا المستجد بالصحة قد تكون مؤقتة، إلا أن الاضطرابات السياسية والاقتصادية التي أطلقها قد تستمر لأجيال عديدة.

 

وقال إن التحدي التاريخي الذي يواجه قادة العالم في الوقت الراهن هو إدارة الأزمة وبناء المستقبل في آن واحد، وإن الفشل في هذا التحدي قد يؤدي إلى إشعال العالم.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=70714