وجهات نظر

شراع : الشمال السوري ودرب الانتصار المؤزر

خميس التوبي


الاعلام تايم - الوطن العُمانية

 

تكتب سورية الأسطر الأخيرة لملحمة صمودها الأسطوري أمام حرب إرهابية كونية قوامها أكثر من ثمانين دولة تحالفت مع أشهر التنظيمات الإرهابية، وأنتجت المزيد منها، وجلبت من أصقاع العالم عناصر الطابور الخامس من الإرهابيين التكفيريين والمرتزقة، وأصحاب السوابق، في استعاضة واضحة للحروب العسكرية المباشرة، والإبدال بها حروب الوكالة.

 

وتعكس المواجهة في شمال سورية ـ على خلفية الإصرار السوري على استعادة ما تبقى من أراضيها وترابها من براثن الإرهاب والاستعمار ـ صورة واضحة للمشهد وتفاصيله، لتؤكد أن سوريا هي ضحية الإرهاب التكفيري المدعوم من قوى الاستعمار والاستكبار العالمي، وتؤكد العلاقة العضوية القائمة بين كيان الاحتلال الإسرائيلي ذي المصلحة الأولى والأكبر والأوحد من المخطط الإرهابي لتدمير سورية، وبين التنظيمات الإرهابية والقوى الداعمة لها، وأنهما وجهان لعملة واحدة، وتعلن السقوط الأخلاقي للجماعات والقيادات التي اتخذت من الإسلام وحقوق الإنسان شعارات زائفة وخادعة، وفي الوقت ذاته خادمة للمشروع الاستعماري الاحتلالي الذي يقوده ضد المنطقة كيان الاحتلال الإسرائيلي والقوى الامبريالية المتحالفة معه استراتيجيًّا.


وبقدر ما تؤكد المواجهة التي بلغت درجة عالية من السخونة بين الجيش العربي السوري والإرهابيين وداعميهم عدالة القضية التي تخوضها سوريا من أجل سيادتها واستقلالها ووحدة ترابها وضمان أمن شعبها واستقراره واطمئنانه، وتسلط الضوء على الخرق الفاضح للقانون الدولي، وفداحة ذلك بالتدخل الشائن والمرفوض في الشأن الداخلي للدولة السورية وانتهاك سيادتها، بقدر ما ترسخ الفهم بأن العوالق والطفيليات التي أفرزها تاريخ الجماعات المتأسلمة والتي تصر على المتاجرة بالإسلام لخدمة مشغِّليها ومؤجِّريها أولًا، ولإشباع نزواتها وشهواتها الدنيوية، هي العائق أمام تحرر الأمة ووحدتها، حيث تمارس المذهبية المقيتة التي اعتلت صهوتها هذه الجماعات المتأسلمة وقياداتها أدوارًا لا تخطئها عين المتابع من أجل تعبيد الطرق أمام الاستعمار الصهيوني والغربي، ليشاركها العزف على هذه المذهبية وتناقضاتها للاستفراد بالأمة ومصادر قوتها وثرواتها، وتفتيت دولها، ومنع تقاربها ووحدتها.

 

ومن المؤكد أن كل عربي شريف يتابع الآن الصورة الماثلة في الشمال السوري قد وقف على تفاصيلها، حيث الأطراف الوكيلة والعميلة المتأسلمة تستميت لكسب رهان الاستعمار الصهيوني والغربي على دورها ونيل شهادة تقديره.


إن ما يحز في النفس أن تبتلى هذه الأمة بفقدان الوعي لدى عدد كبير من أفرادها، فينظرون إلى ما ترتكبه التنظيمات الإرهابية من الموبقات وجرائم الحرب بحق أبناء الشعب السوري على أنه تحرير لهم، ويرون من خلال ما يرفعه المتاجرون بشعارات الإسلام والدين والقرآن والممثلون أمام شاشات التلفزة والداعمون للإرهاب التكفيري أنهم خلفاء الحق بعد الخلفاء الراشدين، وأن ما يمارسونه من انتهاكات وجرائم يندى لها الجبين، وما يقدمونه من ألوان الدعم للإرهاب، وما يتخذونه من قرارات ضد أبناء الشعب السوري هو انتصار لهم، ونسي أو تناسى هؤلاء المغيبون وفاقدو الوعي من أبناء هذه الأمة أن أولئك المتاجرين المتأسلمين إنما يتاجرون بحقوق أبناء الشعب السوري، ويجعلون منها ورقة ابتزاز، فمن ينتصر لأبناء الشعب السوري لا يتاجر بحياتهم وحقوقهم، ويجعلهم بين أنياب الموت إما جوعًا أو مرضًا أو لقمة لحيتان البحر.


على وقع معركة تحرير محافظة إدلب من الإرهاب التكفيري تمضي سوريا شعبًا وجيشًا وقيادةً نحو استكمال نصرها المؤزر مدعومة في ذلك بقوة الحق والقانون الدولي، وشرعة الأمم المتحدة، فما يقوم به الجيش العربي السوري من دفاع عن الأرض والعرض والكرامة والدم ليس حقًّا مكتسبًا، وإنما هو ينبع من واجب متأصل ومتجذر ومن عقيدة وطنية تلزمه القيام بذلك، وهو حق وواجب لدى جميع جيوش دول العالم.
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=69848