وجهات نظر

ناتو الشرق الأوسط

تيري ميسان


الاعلام تايم - الوطن

 

سوف يكرس الرئيس الأميركي دونالد ترامب السنة الأخيرة من فترة ولايته الأولى، لسحب القوات الأميركية من ساحات القتال في الشرق الأوسط الموسع، طبقاً لوعوده الانتخابية.

 

طبعاً هذا الخبر لا يسر سوى الأميركيين. أما العرب، والأتراك، والإيرانيون والآخرون، فسوف يترتب عليهم انتظار أسوأ الأمور.


فجنرالات البنتاغون، الذين قرروا منذ عام 2001 تدمير جميع هياكل الدول في المنطقة، بغض النظر عن التصنيفات الأميركية البالية لمن هم أصدقاء ومن هم أعداء، لا يعتزمون التخلي عن فكرتهم. هاهم الآن يجرون تغييرات على منظمة حلف شمال الأطلسي، بشكل يسمح لها أن تحل مكان الجنود الأميركيين المنسحبين.


وهكذا، وبمجرد أن أخذ الحلف علماً في اجتماعاته المنعقدة في بروكسل يومي 12 و13 شباط الجاري، بالانسحاب العسكري الأميركي القادم، صوت على الفور لقرار نشر قوات أوروبية في الشرق الأوسط الموسع.

 

سوف يتولى الأوروبيون مهام تأطير القوات العربية والتركية، كي تضطلع بمهمة تدمير منطقتها، بأنفسها.


وهكذا صار أيضاً بالإمكان إطلاق اسم جديد للناتو، ليكون حسب الرئيس ترامب، «ناتو الشرق الأوسط».


كان الغرب خلال الأعوام 1980-1988 يدعم في الوقت نفسه العراق وإيران في حرب الأشقاء. وكان وزير الدفاع الأميركي الأسبق دونالد رامسفيلد يبيع العراق مختلف أصناف الأسلحة، بما فيها الأسلحة الكيميائية، على حين كانت دول غربية أخرى تبيع السلاح أيضاً لإيران.


لكن، وفي نهاية المطاف وضع الرئيسان العراقي صدام حسين والإيراني آية اللـه الخميني، وبمنتهى الحكمة، حداً لحمام الدم، وفق مقولة، لا غالب ولا مغلوب.


كما دعم الغرب خلال الأعوام الممتدة من 2001 حتى العام الجاري 2020 بعضاً من دول محور الممانعة وكل محور الخنوع.


لقد بين ترامب أنه، على الرغم من الوجود الروسي في المنطقة، لا تزال واشنطن هي من تدير اللعبة، حين أصدر أوامره ذات يوم من العام الماضي، باغتيال الخليفة أبو بكر البغدادي، الشخصية العسكرية السنية، وبعد شهرين أصدر أمراً باغتيال شخصية عسكرية شيعية أكثر أهمية ووزناً، الجنرال قاسم سليماني. ولم يتورع في كلتا الحالتين عن الاعتراف علناً بما اقترف، غير عابيء بعواقب فعلته التي تعتبر انتهاكاً فاضحاً للقانون الدولي ومثيرة للاشمئزاز أيضاً.


سوف يترتب على الأتراك والقطريين، دعم الرئيس الليبي فايز السراج في طرابلس، على حين سوف يتولى المصريون والإماراتيون مهمة دعم المشير خليفة حفتر في بنغازي، بينما يستمر الألمان بالتبشير بالسلام، لكن من دون السعي لتحقيقه.


أما سورية، فسوف تضطر لإغلاق جميع حدودها البرية لصون البلد الذي، رغم كل ما تعرض له من ضربات وإرهاب، لايزال قائماً.


ويظل الأردن، الذي أرسل الملك عبد اللـه الثاني لإجراء مفاوضات مطولة في بروكسل، أفضل شريك لحلف الناتو على مستوى العالم. ويحظى إلى جانب إسرائيل بمكتب دائم في المقر الجديد لحلف الناتو.


وفي العراق أيضاً، وافق رئيس الوزراء الجديد مؤخراً على تكليف حلف الناتو بتدريب الجيش العراقي، على الرغم من تصويت برلمانه في وقت سابق لخروج جميع القوات الأجنبية من البلاد.


أما تركيا، فهي لا تزال عضواً في الحلف، ولم تعد صديقة لروسيا بعد الآن. لكنها صارت تسيطر على شمال لبنان بفضل الجماعة الإسلامية المنتشرة بقوة هناك.
سوف تتقاتل المنطقة برمتها فيما بينها، إلا سورية، التي ستبقى بمنأى عن كل ذلك.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=69317