وجهات نظر

عبث السياسة.. الذكور والإناث يلتقون في كل مكان إلا في المدارس

مهدي دخل الله


الاعلام تايم - تشرين


تفرض الحياة المعاصرة نمطاً من السلوك العام تشترك فيه المجتمعات البشرية جميعها على اختلاف مواقعها الجغرافية وثقافاتها وتطورها الاقتصادي.


من أبرز صور هذا النمط العلاقة بين الجنسين, الذكر والأنثى. وعلى الرغم من أن الأنثى ما زالت في مرتبة أدنى من مرتبة الذكر فيما يخص اتخاذ القرارات في الشأن العام, إلا أن الحركة اليومية تشهد اختلاطاً تاماً في دول العالم كلها من أكثرها تخلفاً إلى أكثرها تطوراً..


ما زال الذكور يهيمنون على عملية التحكم بالشأن العام حتى في أرقى المجتمعات.. في بريطانيا كانت مرغريت تاتشر أول امرأة تصل إلى قمة الحكم, في الولايات المتحدة لم تصل المرأة بعد إلى القمة, أعلى ما وصلت إليه مستوى وزير خارجية (مادلين أولبرايت وغونداليزا رايس).


من المفارقات أن دولاً إسلامية وصلت فيها المرأة إلى القمة, مثل بونازير بوتو في الباكستان وتانسي تشيلر في تركيا وحسينة واجد في بنغلاديش. لكن هذا لا يغير من حقيقة أن موقع المرأة في الحياة العامة ما زال ضعيفاً في المجتمعات الإسلامية..


ما يهمني هو الوضع في سورية بوجه خاص, ما أوضاع المرأة عندنا؟.. كيف يمكن أن تسبقنا دولة مثل تونس – لا يحكم فيها حزب تقدمي – في مجال تحرير المرأة؟..


ثم لماذا تتراجع تجربة المدارس الثانوية المختلطة في سورية, وهي التجربة التي كانت واعدة في الستينيات والسبعينيات؟.. كيف يلتقي الذكور مع الإناث من دون فاصل في الشارع والسوق والمسرح والسينما والنقل العام والمطعم وكل مناحي الحياة بينما المدارس هي المكان الوحيد الذي ينفصل فيه الجنسان على الرغم من أن المدارس دور تربية وتعليم؟..


لدينا اليوم وزير تربية نشيط ومتطلع إلى التطوير ومتحمس في ترك بصمة إيجابية على هذا القطاع المهم. وعليه تنعقد الآمال في إحداث «انتفاضة» في بنية القطاع التربوي, خاصة أنه ترك بصمة مهمة في مجال جديد هو مجال التميز والأولمبياد العلمي..


هناك تساؤل محق: هل كان هناك فصل بين الجنسين في الأولمبياد؟ أليس من المخجل أن نرى لافتات يكتب عليها «هذه المدرسة للذكور وهذه مدرسة للإناث»؟ ألم نلغِ الاتحاد النسائي التزاماً بفكرة أن النساء والرجال همومهم واحدة واهتماماتهم واحدة؟..


أي عبث هذا أن يشعر الطالب والطالبة في المراحل الابتدائية والثانوية أنهما جنسان منفصلان ثم نوحدهما في الجامعة والحياة العامة؟.. أي نوع من الاستلاب (ازدواجية الوعي الذاتي) نغرسه في نفوس أجيالنا؟.. ألم توحد الحرب الجنسين؟.. كيف يلتقي الجنسان في الجيش والمشافي والإدارات العامة والمعامل والحقول ويفترقان في المدرسة؟..


إلى ماذا يستند المفرقون, إلى الثقافات أم التقاليد أم الدين, وكل هذه الأمور لا تفرق بين الجنسين, والتاريخ شاهد على ذلك؟.. وإلى أولئك الذين يلقون على الدين كل تخلفهم أقول: هل هناك جنة للنساء وأخرى للرجال؟ هل هناك عقوبات للرجال وأخرى للنساء؟.. وهل هناك حسنات للرجال تختلف عن حسنات النساء؟..


ألم يقرن النص المقدس بين الاثنين في كل الأحوال (المؤمنون والمؤمنات)؟.. حالات التفريق في التشريع ترتبط بوضع اقتصادي فقط (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم) أما غير ذلك فليس هناك تفريق..

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=67081