وجهات نظر

من ممارسات لاحول ولا ...

د.فايز الصايغ


كثير من الكتاب والصحفيين تناولوا في دراستهم ومقالاتهم دور الإعلام في حماية المنظومة القيمة للمجتمعات التي تتعرض دون استعداد أو وفق خطط إستراتيجية مسبقة الإعداد لتحولات جوهرية.. أو هزّات أو استهدافات متعددة كالتي نشهدها اليوم في مجتمعاتنا العربية عموماً ومجتمعنا السوري على وجه الخصوص .. وكإعلامي مزمن لا أجيد في مقالاتي إلا الخطاب الرسمي السوري وثقافة حزب البعث العربي الاشتراكي الذي علّمنا أن النقد والنقد الذاتي سمة أساسية وممارسة جوهرية في حياة الحزب المناط به قيادة الدولة والمجتمع معاً.
وكعضو في مجلس الشعب السوري أجد نفسي صحفياً تكمِّل عضوية المجلس دوره الإعلامي، "فلا أريد لأحد أن يسكت عن الخطأ ولا يتستر على العيوب والنواقص" مقولة خالدة خلّدها الرئيس الراحل حافظ الأسد في حياتنا كبعثيين وكمسؤولين سواء، بغض النظر عمّن مارسها وعمل بها أو عمّن تغاضى عنها لأن العيوب والنواقص تصيبه في الصميم..  الأوائل من البعثيين كانوا زهّاد المظاهر.. والمناصب.. وكانوا القدوة الحسنة قولاً وفعلاً وممارسة، ترهّل البعض من المسؤولين الذين تعاقبوا والذين اختارتهم القيادة على أمل تَمثُّل الرجل المناط به المهمة قيم البعثي في الموقع تحت شعار الوظيفة العامة تكليف لا تشريف وناشد الرئيس حافظ الأسد الإعلام تسليط الضوء على المسؤول وكشف إيجابيات عمله وسلبياته محمِّلاً الإعلام مسؤولية كشف الممارسات الخاطئة وتعرية أصحابها ومحاسبتهم وقد شهدت قبة مجلس الشعب التي نتفيأ تحت دفئها وتكييفها إسقاط عدد من الوزراء في إحدى الدورات التشريعية لمجلس سابق.
لم يتمكن مجلس الشعب آنذاك من القيام بهذه الخطوة التي كادت تطيح بحكومة الدكتور عبد الرؤوف الكسم لولا ديمقراطية المجلس وحرية الكلام فيه ولولا سعة الصدور والحكمة والمتابعات الدقيقة حتى تمكن الأعضاء الذين تبنّوا مسألة حجب الثقة واقتنع المجلس بها واتخذ إجراءاته من القيام بواجبهم على أكمل وجه سواء في إطار الحجب أو إطار المتابعات الدقيقة ومواكبة وسائل الإعلام وتضافر جهود الجميع. الفرق شاسع بين مسؤول يعتبر نفسه مكسباً للناس وبين مسؤول يسعى إلى كسب الناس.. وبخاصة نحن في سورية وفي هذه الظروف؛ فالمسؤولية الحقيقية هي مسؤولية استقطابية لاستقطاب الناس وكسب ودهم وبخاصة نحن أعضاء مجلس الشعب لأن الشعب عندما اختارنا من بين آلاف المرشحين ظناً منه أننا رجال استقطابيون لا منفّرون.. وإننا قدوة شعبية من أبرز سماتها التواضع أمام إرادة الناس وخدمتهم حدّ الانحناء لهم ففي التواضع كِبَر وفي الانحناء للناس تُبنى القامات..  من يعتقد أنني أنظّر تنظيراً لا يريد معرفة لا واقعه ولا واقع غيره مع أن تراكم الخبرة تتيح لي ذلك.. ومن يتّهمني بالفزلكة أو السفسطة أدعوه إلى فرد الأوراق والمواقف وكذلك تظهير الممتلكات والمكتسبات علناً.. وشاشات التلفزة السورية وغير السورية تنتظر بادرة من هذا النوع فلنبدأ في برنامج عمل وبرنامج شفافية.
المسؤولية يا رفاقي ويا سادتي ويا إخوتي ويا زملائي سلوك وممارسة، السلوك أرضية الممارسة، وما من سلوك بلا قواعد تربوية وأخلاقية نستمدها من المنظومة القيمة المجتمعية التي نحن بصدد التحدث عنها طويلاً ومراراً.. فما أحوجنا اليوم كسوريين العودة إلى هذه المنظومة قبل أن تتمكن المؤامرة من تفكيكها خصوصاً أن الكثير منا لا يعي خطورتها.. لا بل يرفدها بالممارسات برافده المباشر أو غير المباشر "وللحديث صلة" .

 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=6544