نافذة عالمية

لعجز الحكومات ..أمهات أوربيات على خط الجبهة لمنع أولادهن من السفر للقتال في سورية


كشفت وكالة (رويترز) في تقرير لها أن أمهات في أوروبا لابناء تم تجنيدهم للقتال في سورية يجاهدن في سبيل منع هذه الظاهرة ، وذلك بتشكيل مجموعة لدعم الآباء الذين تطرف أبناؤهم ، وطالبن الحكومات بلمسات علاجية تحول دون دفع الناس إلى التطرف.

الفرنسية دومينيك بونز السكرتيرة العسكرية المتقاعدة أم لولدين أسلما ، ثم ذهبا للقتال في صفوف التنظيمات الارهابية في سورية ، تقول: "إن ابنها الخجول توقف عن التدخين في جوف الليل وبدأ يصلي بانتظام في منزل الأسرة بمدينة تولوز في جنوب فرنسا.. أبلغت السلطات الفرنسية التي بدورها لم تتحرك ، مبررة أن ابنها نيكولا لم يثر أي شبهات من قبل.

وفي يوم من أيام العام الماضي اختفى ثم تلقت بونز رسالة نصية جاء بها أن ابنها البالغ من العمر 30 عاما قتل في كانون الأول الماضي في سورية وقد انضم إلى تنظيم "داعش" الارهابي.

الام بونز تشعر بغضب شديد لأن جهودها لتنبيه الحكومة إلى ما اختلج في نفسها من قلق قوبلت بعدم اكتراث وهي ترى أن ما تقدم عليه فرنسا والدول الأوروبية الأخرى من سجن من يضبط وهو يحاول بلوغ سورية يزيد الموقف سوءا.

قالت بونز "هذا جنون. في السجن ستزيد رغبتهم في العودة إلى سورية… يبدو الأمر كما لو أن الحكومة تبذل قصارى جهدها لضمان استمرار هذا.

في بريطانيا ألقت الشرطة القبض في وقت سابق من العام الجاري على 16 شخصا للاشتباه في ارتكاب جرائم إرهابية متصلة بسورية  بعضهم لم يتجاوز عمره 17 عاما في حين أنها اعتقلت 24 شخصا في اتهامات مماثلة خلال عام 2013.

أما ألمانيا تقول إنها تواجه خطرا متزايدا مع رجوع متشددين ألمان من سورية وقد اكتسبوا معرفة باستخدام الأسلحة وصنع القنابل.

من جهتها بلجيكا قالت في كانون الثاني إنها تتابع ما يقرب من 200 بلجيكي ممن قاتلوا في سورية تحسبا لعودتهم للبلاد.

ومعظم الأوروبيين الذين يقاتلون في سورية ينضمون إلى "جبهة النصرة" أو الدولة الإسلامية في العراق والشام طداعش" المرتبطتان بتنظيم القاعدة.

ووكان راديو (فرانس إنترناسيونال) ذكر أن متطوعين فرنسيين شكلوا كتيبة مقاتلة داخل "جبهة النصرة" تتألف من أكثر من مئة مقاتل تجمع بينهم إمكانية التواصل باللغة الفرنسية لا العربية.

وتتخذ العديد من الحكومات الأوروبية موقفا صارما فهي تزج بالمشتبه بهم في السجون أو تزيد من صعوبة عودتهم للوطن. وقالت بريطانيا إنها ستدرس تجريد من يحاولون العودة بعد مشاركتهم في القتال بسورية من الجنسية المزدوجة.

برأي صاحبة التقرير الام الفرنسية أن المشكلة هي أن الحكومة تظن أن كل هؤلاء الفتية يمكن أن يصبحوا متطرفين. وأضافت "ما نحتاجه هو وسيلة لعلاجهم مقدما.. القيام بعمل وقائي بمساعدة أطباء نفسيين وخبراء في هذه المشكلة."

من جهته قاض فرنسي قال الشهر الماضي إنه عندما تعود الموجة الأولى من المتطوعين إلى البلاد فإنها تكثف نشاط التجنيد مما يسهم في زيادة أعداد المتطرفين.

ولا تعرف بونز من الذي أقنع ابنيها بالذهاب إلى سورية والقتال لكنها تشتبه في شخص التقاه نيكولا في ضاحية لزيزارد في مدينة تولوز ، وقالت بونز "إن ابنها الحاصل على شهادة عالية في المبيعات لكنه وجد صعوبة في الحصول على وظيفة كان "فتى لطيفا" قبل أن يعبث آخرون بأفكاره.

كانت بونز لاتزال على اتصال به عبر الهاتف وسكايب عندما ظهر وهو يمسك بمصحف وبندقية كلاشنيكوف في تسجيل فيديو نشره موقع يوتيوب في تموز 2013 ودعا فيه الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند لاعتناق الإسلام وحث الآخرين على الانضمام للقتال.

وبعد بث التسجيل أصبح نيكولا يمثل وجه الفكر الجهادي في فرنسا. وتصدرت صورته وصورة أخيه الصفحة الأولى في عدة صحف. وقالت أمه "إن ابنها بدا مختلفا في الفيديو كما لو كان مسلوب الإرادة"، ورغم إبلاغها السلطات بمخاوفها لم تلق مساعدة تذكر من الدولة.

وبعد أن سافر الابن إلى سورية في أوائل 2013 كتبت رسالة إلى أولوند تطلب فيها المساعدة في إعادته إلى أرض الوطن. وقالت الرئاسة إنها أحالت طلبها إلى وزارتي الداخلية والعدل لكن لم يتخذ أي إجراء.

وأجرت اتصالا بجهاز الأمن الداخلي لكن السلطات لم تطلعها قط على أي شيء رسميا.

وتمكنت بونز من الاتصال بآباء آخرين لكن معظمهم كان يشعر بالخزي. ومع غياب أي دعم من السلطات أنشأت بونز والآباء الآخرون مجموعات دعم. وأطلقت على مجموعتها اسم "إذا كانت الأشياء لا تتغير فلنتصرف نحن".

وفي بلجيكا أنشئت "جمعية الآباء المهتمين" وتهدف إلى منع القصر من مغادرة البلاد. وفي مدينة ستراسبورج بشرق فرنسا احتجت مجموعة من الجمعيات المسلمة المعتدلة في يناير كانون الثاني رافعة شعار "ارفعوا أيديكم عن أبنائنا".

أما بريطانيا فتدير في إطار استراتيجيتها لمكافحة الإرهاب برنامجا أطلقت عليه اسم "قناة" يهدف إلى تقديم الدعم "لمن هم عرضة للتجنيد من قبل متطرفين ينتهجون سبيل العنف" وتشارك فيه الشرطة والمدارس والأخصائيون الاجتماعيون وشخصيات أخرى من مجتمعات محلية.

وتدير أيضا منظمات أهلية مثل "مؤسسة التغيير النشط" ومقرها لندن مشروعات للتعامل مع التطرف وتجنيد إرهابيين.

وقالت بونز: إن أمهات آخريات لجهاديين صغار السن اتصلن بها ومنهن أم في نيس والمجموعة العاملة في بلجيكا. واتفق الجميع على أن الحكومات الأوروبية بحاجة لإيجاد سبل أفضل لمنع اجتذاب الشبان إلى التطرف.

وأضافت "الأمهات على خط الجبهة. هناك آباء أيضا بالطبع لكن ما من شيء يقف حائلا في وجه الأمهات."

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=2&id=6529