وجهات نظر

عبث السياسة.. انتهاك المبادئ والمقاصد!..

مهدي دخل الله


الاعلام تايم - تشرين


أسوأ أنواع العبث هو انتهاك المبادئ والمقاصد المتفق عليها، وهذا النوع من العبث يصبح أشد عبثاً إذا كان المنتهك هو نفسه واضع المبادئ والمقاصد التي انتهكها ولم تُفرض عليه فرضاً.


هذا هو وضع الولايات المتحدة اليوم، هي التي وضعت القانون الدولي بمبادئه ومقاصده، أو كانت من أهم واضعي هذا القانون، من أهم المبادئ مبدأ التساوي في السيادة (السيادات المتساوية)، ومن أهم المقاصد الالتزام بالسلام والأمن الدوليين!.


«قانون سيزر» لمعاقبة سورية ينتهك المبادئ والمقاصد معاً، وهذا القانون من أفظع أشكال الانتهاك لأنه الأول من نوعه حيث تتخذ دولة قانوناً لا ينتهك سيادة دولة أخرى فحسب، وإنما ينتهك سيادة جميع الدول.


القانون يتعلق بحصار سورية اقتصادياً، وفي هذا انتهاك لسيادة سورية، لكنه يعاقب كل الدول التي تتعامل مع سورية، وفي هذا انتهاك عام يطول الدول جميعها التي تريد التعامل مع سورية.


هو انتهاك مضاعف لمبدأ السيادات المتساوية ولمبدأ استقلال الدول واحترام حقها في تقرير ما تراه، والمشكلة أن الانتهاك مادته سيادات الدول جميعها عندما تفكر بالتعاون مع سورية، لا يوجد في تاريخ العلاقات الدولية شيء مثيل لهذا، إنها سابقة من نوع جديد، تشير إلى مدى استهتار الولايات بالعالم أجمع.


هذا فيما يتعلق بانتهاك المبادئ، أما انتهاك المقاصد، وهو الأخطر، فمن الواضح أن الإدارة الأمريكية تضرب بمقاصد القانون الدولي عرض الحائط عندما تضع قانوناً مثل «قانون سيزر»، لماذا؟؟ لأن السلام والأمن يرتكزان على رضى الدول وقبولها للحالة الدولية التي ينبغي أن تقوم على التعاون وتبادل المنافع والمصالح.


إن تجويع شعب واضطهاده عن طريق الحصار، إضافة إلى إغضاب دول العالم عن طريق فرض قوانين أمريكية عليها، تنتهك سيادتها، يؤدي في النهاية إلى ارتفاع مستوى التوتر وعدم الرضى في العالم، وهذا من أخطر ما يهدد السلام والأمن الدوليين!..


عادة ما يقال، إن كثرة الضغط تؤدي إلى الانفجار، فكيف والضغط الأمريكي القاسي تعدى سورية وكوريا الديمقراطية وكوبا إلى روسيا والصين وإيران بل وإلى الاتحاد الأوروبي بكامله، أي إن ثلثي الكرة الأرضية اليوم تحت ضغط أمريكي مباشر، فأي حديث عن سلام وأمن دوليين في مثل هذه الأوضاع؟؟.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=64351