وجهات نظر

عبث السياسة.. السعودية.. مثال صارخ لعبث السياسة

مهدي دخل الله


الاعلام تايم - صحيفة تشرين

 

يكاد العبث في السياسة أن يكون مسيطراً تماماً في هذا العصر على الرغم من تطور أدوات الفهم والتحليل التي كان من المتوقع أن تسند الحكمة.


آخر ما أتحفنا به العبث هو موقف الحكومة السعودية من ضربة «أرامكو» التي وقعت كالصاعقة على الجميع, من يؤيد السعودية ومن ضدها.


كانت الحكومة أمام ثلاثة خيارات, إما أن تسكت من دون أن تتهم أحداً, وإما أن توجه التهمة إلى اليمن, وإما أن تتهم إيران مستغلة الحدث كي تسيء إلى جارها اللدود.


الخيار الأول يظهر السعودية ضعيفة ومرتبكة, والثاني يظهرها مهزومة أمام «قوة» عدوها اليمني, وفي هذا إهانة لا يمكن تحملها. أما الخيار الثالث فهو الأسوأ بلا منازع بالنسبة للسعودية..


دفع العبث الحكومة السعودية للأخذ بالخيار الأسوأ، فقامت باتهام إيران مباشرة وبكل وضوح، هذا الاتهام– العبث وضعها أمام خيارين أحلاهما مرّ.


إن هي قامت بعمل عسكري مباشر ضد إيران انتقاماً مما وصفته بـ«عدوان إيراني مباشر» عليها, تكون بذلك قد بدأت حرباً ضروساً هي وشقيقاتها الخليجيات في غنى عنها، لأنها ستكون الخاسر بالتأكيد، وإن هي سكتت من دون انتقام، تكون قد أبدت قدراً كبيراً من الضعف والهوان أمام العالم أجمع، لا أحد يريد أن يكون اليوم في هذا الموقع الذي وجدت فيه السعودية نفسها بعد حدث «أرامكو»، وفي كل الأحوال ظهر اليمن منتصراً انتصاراً عسكرياً ومعنوياً كبيراً, عسكرياً لأن الضربة من الناحية العسكرية مدهشة, ومعنوياً لأن الضربة أوقعت النظام السعودي في مأزق لم يشهده ربما منذ عشرات السنين.


وقد يكون الانتصار المعنوي أكثر أهمية من الانتصار العسكري، لأنه يحمل الكثير من الهوان لدولة ظنت أنها ستسحق اليمن في غضون أسابيع، يتساءل الناس، كيف ستنتهي هذه الحرب العبثية؟، ويهمني هنا تساؤل آخر: كيف نستغرب سياسة عبثية ما دامت هذه السياسة جزءاً من حرب عبثية في الأصل؟. هل سيأتي يوم تنسى فيها اليمن أنها مقبرة الأناضول وتأخذ لقباً جديداً: مقبرة النظام السعودي؟. فالسعودية ستنزلق في اليمن إلى مزيد من العبث، ما دامت هي التي بدأت حرباً عبثية، الأولى من نوعها بين بلدين عربيين.
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=64126