وجهات نظر

نفط السعودية وحروب واشنطن!

تحسين الحلبي


الإعلام تايم- الوطن

 

 

إذا كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد سحب معه في آخر زيارة للرياض أكثر من 500 مليار دولار قدمتها العائلة المالكة له لإنفاقها على الاستثمارات الأميركية داخل الولايات المتحدة لتخفيض البطالة وزيادة القوة والقدرة العسكرية الأميركية فإن ما تقدمه العائلة المالكة للمؤسسات الجامعية الأميركية بلغ خلال خمس سنوات بموجب الأرقام الأميركية لهذه الجامعات أكثر من 600 مليون دولار تنفقها على مشاريع تعزيز المصالح الأميركية في العالم العربي والإسلامي بشكل خاص.

 

ومن أهم هذه الجامعات التي تعد برامج لدعم الحركة الصهيونية وترويج الدعم الإعلامي والبحثي لمصلحة إسرائيل «جامعة هارفارد» و«جامعة ستانفورد» و«جامعة جورج واشنطن» و«معهد ماساشوسيتس التكنولوجي» و«جامعة بيركلي- كاليفورنيا» و«جامعة واشنطن- سياتل» وتحاول العائلة المالكة الإيهام بأن تقديم كل هذه الأموال لأهم الجامعات هدفه «الدفاع عن الوهابية» في الولايات المتحدة والعالم وهذا ما لا يمكن لأي جامعة الدفاع عنه وخصوصاً بعد تفجيرات 11 أيلول 2001 في نيويورك وواشنطن، ووجود 15 سعودياً وهابياً من 19 من الإرهابيين الذين قاموا بهذه التفجيرات.

 

يكشف الموقع الإلكتروني الأميركي «غوفت سيلفز إنفو» إن هذه الأموال تقدمها السفارة السعودية في واشنطن ومكتب الملحق الثقافي السعودي ويصل قسم منها باسم أثرياء من العائلة المالكة من بينهم الوليد بن طلال، وكانت صحيفة «نيويورك بوست» قد نشرت في آذار الماضي أن أكبر شركات الإعلام الأميركية «أميريكان ميديا إنك» حصلت على 200 مليون دولار مقابل القيام بدعاية تروج لمحمد بن سلمان في الولايات المتحدة، فأصدرت مجلة من مئة صفحة ملونة نشرت فيها صوراً له وعناوين مثل: «محمد بن سلمان صاحب التحول العالمي عام 2032» للإشارة إلى مشروعه «نيوم» وعنوان: «ابن سلمان أوثق حلفائنا في الشرق الأوسط لتدمير الإرهاب»! ولم تذكر اختطافه وحجزه لأبناء عمومته الأمراء ومن بينهم الوليد بن طلال وولي العهد السابق محمد بن نايف وإجبارهم على دفع جزء من أموالهم.

 

وتكشف صحيفة «فوكس» الإلكترونية الأميركية أن السعودية بدأت مع قطر بالتنافس على تقديم عشرات الملايين من الدولارات لمراكز الأبحاث الأميركية وحصل مركز «بوكينغز» الأميركي الشهير وحده على 15 مليون دولار سنوياً لدعم الحليف السعودي الإعلامي والسياسي في المنطقة وتكشف «فوكس» في عددها الصادر في 21 آذار 2016 أن «الولايات المتحدة حافظت على هيمنتها في الشرق الأوسط بفضل نظام التحالف مع السعودية، أغنى دول النفط في العالم فهذه المملكة لا يهمنا أن تكون ديمقراطية بل أن تقف إلى جانب السياسة الأميركية تجاه إسرائيل والمنطقة لعزل إيران».

 

بهذه الطريقة كانت أموال نفط الرياض يجري توظيفها لحماية صورة ودكتاتورية العائلة المالكة ولضرب كل دولة عربية تناهض السياسة الأميركية وتناضل ضدها، فالكل يذكر أن الملك السعودي حاول رشوة عبد الحميد السراج لاغتيال الرئيس عبد الناصر في شباط 1958 بموجب ما نشره كمال خلف الطويل في جريدة السفير اللبنانية في شباط 2018.

 

من هذا النوع من العلميات والمؤامرات السرية التي كانت الإدارات الأميركية توظف دور العائلة المالكة وأموال السعودية فيها من أجل تنفيذها، انتقلت العائلة المالكة إلى العمل العلني الشامل ضد سورية في عام 2011 وأصبحت تعلن استهدافها لكل دولة تناهض الهيمنة الأميركية في المنطقة، وتتقارب مع تل أبيب بشكل شبه علني، وأوهمت الإدارات الأميركية العائلة السعودية الحاكمة بأن أي ضعف في النفوذ تتعرض له واشنطن سيؤدي إلى ازدياد الأخطار على مستقبل حكم العائلة المالكة ولذلك كانت الإدارات الأميركية مع الرياض تفرض على كل ملك سعودي تقديم كل ما يمكن لواشنطن من المال أو الدور السياسي لتحقيق المصلحة الأميركية، وحين عملت إدارة باراك أوباما على مجابهة القوة الروسية الصاعدة في المنطقة والعالم طلبت من السعودية اتخاذ سياسة نفطية تؤدي إلى تخفيض سعر برميل النفط في الأسواق، فانخفض خلال عام 2015 بنحو 53 بالمئة عن سعره عام 2014 لكي تخسر موسكو نصف إيرادها من تصدير النفط.

 

كانت موسكو في أيلول عام 2015 قد أرسلت سلاح الجو الروسي وقررت دعم حرب سورية على الإرهاب بقوات جوية مباشرة تشارك إلى جانب الجيش السوري وتعزز قدراته في تصفية الإرهاب، وبالتالي فرضت إدارة أوباما على الرياض خسارة نصف إيرادها من أموال النفط بهدف فرض الخسارة نفسها على روسيا الاتحادية، فواشنطن تخوض منذ عقود كثيرة حروبها ضد دول كثيرة من دون أن يقدم دافع الضرائب الأميركي من نفقاتها دولاراً واحداً، لأن أموال النفط العربية يتم إنفاق جزء كبير منها في حروب واشنطن في المنطقة والعالم.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=55955