وجهات نظر

باختصار: الجغرافيا تتحدث عن نفسها!

زهير ماجد


الاعلام تايم _ الوطن العمانية


هل الازمة التركية الاميركية بسبب القس برونسون أم هي قلوب ملآنة أم خطوة أميركية باتجاه المزيد من العقوبات لنقول ما رددناه وما صار من حقائق الواقع والتاريخ، أن لا أصدقاء دائمين لأميركا ولا أعداء أيضا.


عندما يطل ما سمي بـ "فيلسوف" فرنسا برنارد هنري ليفي ليهاجم تركيا بعدما كانت أعز صداقاته يوم ارتكبت ضد سورية وما زالت كل الموبقات .. فإنها الآن لم تعد تعجب ذلك الصهيوني الذي لعب دوراً كبيراً وقاتلاً لدى الرئيس الفرنسي ساركوزي الذي ارتكبت طائراته الجرائم ضد جيش معمر القذافي فقتلت منه الالاف .. وهو الذي ظلت عينه على سورية مطالباً بإلحاقها بليبيا على النسق ذاته.


لا شك أن تركيا باتت في قلب حصار صعب تحتاج فيه إلى مساومات .. فهل مجرد إطلاق سراح القس يعني نهاية الازمة، أم أن للتركي حساباته بالنسبة لاعتقاله .. ليس مفهوما لماذا الإصرار على إبقائه قيد الاعتقال في الوقت الذي يتردد عن عقوبات أميركية جديدة إذا لم يجر إطلاق سراحه.


في كل الأحوال، تكتشف تركيا بعد سلسلة الأحداث التي مرت وتمر، أن الجغرافية وحدها تشكل المصير الوطني، وأنها في النهاية كل الحقيقة، فهل يكتشف اردوغان أيضا، أنه ارتكب الفاحشة إزاء سورية، وأنه يتحمل مسؤولية أساسية في ما حل بها من دمار وخراب وتخريب بيوت وقتل شعبها .. لابد أن يكون في قرارة نفسه قد عرف الورطة التي ذهب اليها مخدوعا من قبل الاميركي والاسرائيلي، وأنه لابد من سورية مهما فعل باعتبارها الجغرافية الثابتة التي لا ولن تتغير أو تتبدل.


برنارد هنري ليفي إذن يدخل على الخط التركي طالبا طرد تركيا من حلف الناتو بعدما صارت برأيه مركزاً لنشر التطرف الإسلامي، والمضحك الى حد السخرية أنه يلومها على تأجيج العنف بسورية، وهو أول من طالبها في السابق ممارسة أي دور لتغيير الدولة والنظام في سورية.


هؤلاء بكل أسف، يسمون أنفسهم أو هكذا يطلقون عليه كلمة فيلسوف، والحقيقة أنهم جواسيس بأيدي استخبارات عالمية، إضافة الى "المجد" الذي يعلنه باعتباره يهوديا. فما الذي دفعه للاستفاقة الآن، وكان المحرض الرئيسي على القذافي في ليبيا وعلى الرئيس بشار الاسد في سورية، وهل يتحرك مثل هؤلاء الا عندما يطلب منهم تغطية شأن ما يراد له بعداً درامياً.


تركيا اليوم في وضع لا تحسد عليه، كأنها تريد أن تكتشف نفسها من جديد، بل تكشف عن قدرات وطنية تجعل من الرئيس اردوغان أبرز من مروا في تاريخها. لا شك أن اللقاء المرتقب بينه وبين الرئيسين الروسي بوتين والايراني حسن روحاني قريبا، سيشكل مادة أخرى للاميركي في موقفه من أردوغان، الذي يعتبر أبرز طرف في حلف الناتو، والصديق الحميم للسياسة الاميركية على مدار عشرات السنين.


إذن، فلتعش الجغرافيا كما سوف يردد اردوغان في تلك المواجهة التي يترقبها كثيرون ومنهم من يعتقد أن الرئيس التركي سوف يخرج منتصراً ومعافى، ومنهم من يرى أن الازمة سوف تنال منه لأن جعبة الرئيس ترامب من العقوبات ملآنة وهو المتخصص الأبرز بين الرؤساء الاميركيين بها.


بعضهم تمنى لو أن اللقاء الثلاثي ذاك والمرتقب في استانة، يضم أيضا الرئيس السوري بشار الاسد .. ما زال الأمر صعب التحقق لأسباب سورية، لكن من يدري، بعدما جزم اردوغان رغم لعبه، أن الجغرافيا وحدها سيدة الأدوار والمصير والمسار.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=54296