وجهات نظر

باختصار: المصالحة !!!

زهير ماجد


الإعلام تايم - الوطن العُمانية

 

على كل أرض فلسطين كان الفلسطينيون .. النكبة غيرت وبدلت، لكنها فتحت الباب على حقيقة التمسك أكثر بالفلسطينية .. حين تكاثرت التنظيمات الفلسطينية المقاتلة ابان شعار الكفاح المسلح، صار معروفا ان كل نظام عربي له امتداداته في الجسم الفلسطيني، اجترح ياسر عرفات مقولة غريبة عنوانها ديمقراطية البنادق، والتي فسحت المجال الى التفاهم لا التباعد والتنابذ فيما بينها، واكاد اتذكر ان لا احداث تذكر وقعت بين التنظيمات التي كانت متجاورة في المخيمات على الاقل، وبينها كل الود والتساعد.

 

من الصعب استعمال كلمة مصالحة بين الفلسطينيين .. تلك الكلمة التي ما أن يجري سماعها حتى يتبادر الى الذهن، ان هنالك عداوة، او خصاما متمكنا من طرفين متنازعين. كلمة كريهة اذن تنفذ الى صميم الاحساس، وكلما تكررت كان لها صدى عند الشعب الفلسطيني بان ثمة تصحيحا لها لم يتم .. منذ سنوات والفلسطينيون تتكرر كلمة المصالحة على مدار الساعة على آذانهم، بل يرون كيف يتبادل القادة الكلمات تحت سقف يوحي وكأن هنالك قدرا لابد من الاعتراف به ولباسه ايضا.


بمثل هذه الكلمة يتولد اليأس لدى الفلسطيني الشاب الذي يعيش حالة فلسطينية متجلية في دمه وفي روحه، ويمتلك دائما قابلية الشهادة من اجل فلسطين. نجحت تلك الكلمة التي صارت اكثر الكلمات الفلسطينية شيوعا بين الفلسطينيين في ايجاد سؤال دائم لدى الفلسطيني: ومتى يتوحد الفلسطينيون، بل متى تتحول غزة والضفة الى معنى واحد يفصح عن نفسه بشتى التفاصيل الفلسطينية الخارجة منهم والواصلة اليهم .. خصوصا وان الفلسطيني يتعرض اليوم كما تعرض في السابق وكما سيتعرض غدا الى نسف قضيته وانهاء وجودها تحت شتى المسميات التي بدأت في السابق وتحمل اليوم اسم صفقة القرن او صفعة القرن كما سماها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، فيما حقيقتها انها الحمولة الضخمة التي ستهاجم القضية وهي محملة بضغوطها الهائلة الاميركية وبعض العربية.


ثمة جهات تعمل علنا من اجل هذا العنوان، وثمة آخرون يطيب لهم ان يلعبوا تحت الطاولات، فيما صار مكشوفا المدى الذي يعمل عليه من اجل احلاله. فالرسائل التي يحملها صهر الرئيس ترامب وهو شاب لا يملك الخبرة في فهم ما ينقل، دفع الرئيس عباس الى قطع الصلة بالولايات المتحدة، مع ان الحقيقة تقول، انه الاكثر زيارة الى واشنطن ولقاء ترامب.


من المثير أن المشهد الغزاوي المتكرر كل يوم جمعة، كان يجب ان يعم الضفة ايضا. هنالك دائما ما يوحي ان خيارات غزة تختلف عن الضفة والعكس هو الصحيح، وتلك من علامات البحث عن مصالحة من المعيب ان تظل بلا تحقق، وان تكون السبب الحقيقي الذي يدفع الاسرائيلي الى خياراته العملية، وكذلك الاميركي، وان يحكى مثلا عن ان فلسطين ستكون غزة في النهاية كما يحكى في صفعة القرن، وهنالك منذ مدة كلام متطاير هو أشبه بوعد لفلسطينيي غزة بجعل القطاع سنغافورة مصغرة .. بمعنى ان كل المحاولات تجري لإبقاء القطع الكامل بين رام الله وغزة، هنا فلسطيني وهناك فلسطيني مختلف، هنا سلطة تحكم ولا تحكم ، وهناك ادارة ينهال عليها أحلام تغيير واقعها.


ويجري في القاهرة بحث من هذا القبيل ، تهدئة مقرونة بفصل القطاع نهائيا وتحقيق ما يجعله وحدة فلسطينية متكاملة ليس لها علاقة ببقية فلسطين.


أخطر ما تمر به القضية كما نكرر ويكرر الآخرون، ومن المعلوم انها الحقيقة الساطعة بعدما أكل العفن كلمة المصالحة فلوثت القضية ونخشى ان تلوث الشعب الذي ظل حتى الآن مدادا لاستمرار قضيته مهما كلف ذلك من تضحيات.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=54233