وجهات نظر

باختصار : المسمار الآخر في نعش إسرائيل!

زهير ماجد


الإعلام تايم - الوطن العُمانية

 

لم تكن هزيمة العرب الكبرى عام 1967 أمام إسرائيل قد فردت واقعها على الأمة والمنطقة، حتى كانت العيون العربية تجول باحثة عن أمل ومخلص .. في هذا الجو المحبط والصعب، كتب المفكر التركي عزمي مورلي الذي كان يحب الإشارة إليه كعثماني، أن إسرائيل دقت أول مسمار في نعشها. لم نستوعب هذا الكلام وجرح الهزيمة العربية أمامنا ما زال حيا، وحين تمت مناقشته حول الفكرة.


أصر أن إسرائيل ربحت لكنها علقت في الفخ الذي لن ينجيها من طول الصراع الذي سوف ينتهي بإزالتها من الوجود.. وأذكر أيضا أن كمال جنبلاط سمعته مرارا وهو يتحدث المفهوم ذاته.
لنتصور ذلك التاريخ البعيد، الذي أراه قريباً، واليوم تدق إسرائيل المسار الثاني أو مسامير في نعشها، وهي تذهب إلى قانونها الجديد غير المفاجئ حول أن كيان إسرائيل هو الكيان القومي للشعب اليهودي حيث حق المصير فيه حصري للشعب اليهودي.


دول كهذه وهي كيانات، لا بد أن ترتكب أخطاءها الكبرى التي ستتحول إلى مقتلها الوجودي، متسلحة بضعف العالم وتبعيته لدولة كبرى كأميركا، تصفق لهذا الحدث، بل تحتضنه، وهي ليست ببعيدة عن هذا الخيار إن لم تكن الدافع في توقيته.


بعد تلك الخطوة التي تهزأ من كل آخر غير يهودي، ماذا على الفلسطيني أن يفعل، وبعض العربي الذي ربت دائما من بعيد على كتف نتنياهو؟ ترى هل يفهم معنى أن يكون “صديقا” لمن أصبح كل غير يهودي ليس آدميا؟ ومن يقرأ نص النشيد الوطني للكيان الإسرائيلي، سوف يرى فيه قمة العنصرية وسحق الآخر وافتراسه.


إذن خطت إسرائيل وكأن ثمة من رماها في هذا المنحى كي يقول لها هو الطريق الذي يوصل إلى الخطيئة في قيام الكيان، إذ ما بعده هو الانتحار .. وكلما تقوقعت الدول وأصيبت بلوثة التعصب الذاتي، زاد من وتيرة رحيلها المبكر، وإسرائيل في الأصل كيان فائض على البشرية، منذ وجوده والعالم يعيش ترددات زلزالية لن تهدأ إلا بزوالها.


بهذه الخطوة اقترن العقل الذي حقق تلك الفكرة الصهيونية، بكل منطلق نازي لا يرى من هذا العالم سوى حتمية وجوده .. لكن هذا العالم استجمع قواه كله وحارب النازية وطوى صفحتها إلى الأبد، وحينما كان هتلر يعلن عنصرية حزبه، استعد العالم إلى حرب جديدة، وبالفعل تحققـ فالعقل القائم على مفهوم العنصرية يسعى دائما لاكتشاف سحر فكرته وفرادتها بهذه الطريقة.


لم نتفاجأ إذن بخطوة نتنياهو الذي عاش فرحا كأنه لم يعشه من قبل .. سعادته أن ثمة داعمين، سواء عن غرام بكيانه، أو خلاص من يهود العالم بأن يحشروا في قوقعة تكون فيها آخرتهم .. وذات مرة، قال لي أحد الكتاب الألمان، نحن نكره إسرائيل أكثر منكم أيها العرب، ويرى بعضنا أن إقامة كيان لهم هو خلاصنا كأوروبيين منهم. لكنني قلت له لكن ليس على حساب الشعب الفلسطيني والعربي، فأجاب على الفور، هناك من عليه أن يتحمل مشروع إنهاء حلم إسرائيل، وليس هنالك غير العرب.


تعتقل إسرائيل كيانها الجغرافي بجدران من الإسمنت، واليوم أضافت جدارها الأخير حول عنق كل يهودي، سواء في إسرائيل أو في أي مكان في العالم.. فاليوم تبدأ قصة شعب كان مغرورا بعنصريته فصار عبدا لها، وهو لا يدري أن ذاته دائماً نحو الأفول!
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=53507