وجهات نظر

هل تتذكرون؟

د.بثينة شعبان


الإعلام تايم- الميادين

 

إذا ما أجرينا مقارنة بسيطة بين الأمس واليوم، فإننا نرى أنه وبعدما بدأت سوريا بتحرير مدنها وقراها من آثام الإرهاب بدءاً بالتحرير المفصلي لمدينة حلب إلى تحرير الغوطة، وريف دمشق كاملاً، وريف حمص، واليوم ريف درعا والجنوب، فإن الحملة السياسية الدولية على سورية أصبحت حامية الوطيس وبكلّ الاتجاهات، وفي اختصاصات تشكّل بالنتيجة أكبر أذى للحرية، وحقوق المواطنيين السوريين حيثما وُجدوا.

 

في الأيام والأشهر الأولى من الحرب على سورية، كان الإعلام الذي يستهدفنا جمعياً، ويذكي أوار هذه الحرب، يركز على الإصلاحات الداخلية الضرورية جداً، والتي سينجم عنها قدرٌ أكبر من الحرية وحقوق الإنسان. وكانت المادة الثامنة من الدستور بحسب رأيهم، تشكّل عقبة أساسية في درب ذلك الطريق الوردي الذي يُراد للسوريين أن يسلكوه، كما كان قانون الطوارئ أحد هذه العقبات أيضاً.

 

ولكن وبعودة سريعة إلى مسرح الأحداث في ذلك الوقت، كان إنجاز كل بند من هذه البنود يترافق ويتزامن مع اشتداد الحملة الإعلامية ضد سوريا، وتصعيد الموجات الإرهابية على الأرض والإمعان في تقطيع أوصال البلاد وتدمير بنيتها التحتية، والأكثر من ذلك أن الأحزاب الوليدة نتيجة تعديل الدستور، وإلغاء المادة الثامنة وتحقيق التعددية السياسية، لم تصبح أبداً على القوائم الحميدة لمن سمّوا أنفسهم أصدقاء سوريا مع أنهم هم بالذات الذين سعوا في خرابها.

 

واستمرّ هذا النموذج الكلاسيكي من التصّرف ذي الغايات والأبعاد المشبوهة. إذ أنه بعدما وافقت سوريا على التخلّص من السلاح الكيميائي، وبعدما أقرّت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أن سوريا خالية من هذا السلاح، وبعدما دمّروا هم وعلى متن سفنهم هذا السلاح الذي كانت تمتلكه سوريا، لا يزال الضجيج حول استخدام السلاح الكيميائي في سوريا يصمّ الآذان على المستوى الدولي، ويسير بخطوات تغيّر للمرة الأولى صلاحيات مجلس الأمن التي أوكلت إليه منذ نشأته.

 

وإذا ما أجرينا مقارنة بسيطة بين الأمس واليوم، فإننا نرى أنه وبعدما بدأت سوريا بتحرير مدنها وقراها من آثام الإرهاب بدءاً بالتحرير المفصلي لمدينة حلب إلى تحرير الغوطة،  وريف دمشق كاملاً، وريف حمص، واليوم ريف درعا  والجنوب، فإن الحملة السياسية الدولية على سوريا أصبحت حامية الوطيس وبكلّ الاتجاهات، وفي اختصاصات تشكّل بالنتيجة أكبر أذى للحرية، وحقوق المواطنيين السوريين حيثما وُجدوا.

 

لذلك فإن السؤال الوجيه الذي يطرح نفسه اليوم، والذي قد لا يكتمل الجواب عليه إلا في السنوات القادمة، هو ما الهدف الحقيقي من كلّ هذه الحرب المدمرّة على سوريا؟ وما هو الهدف الخفيّ النهائي الذي انطلقت منه مخططاتهم في هذه الحرب المدمرّة  التي كلفت المليارات، وكلفت الشعب السوري أغلى التضحيات كي يمنعوا هذا الهدف من التحقق.

 

اليوم وبعدما تحررّت معظم أراضي سورية من الإرهاب، ما عدا تلك التي يجثم عليها الأتراك والأميركيون وحلفاؤهم رعاة هذا الإرهاب، نلحظ ونلمس حملات دولية غير مسبوقة ضد سوريا والسوريين، فها هي الدول التي شكلت رأس حربة في استهداف سوريا منذ اليوم الأول، تمارس الضغوط الهائلة لمنح منظمة حظر الأسلحة الكيميائية صلاحيات كانت حتى اليوم من اختصاص مجلس الأمن ،وذلك لأن الاتحاد الروسي وقف في مجلس الأمن ضد كلّ محاولات الاستهداف الكاذبة والظالمة على هذا الصعيد، فتوجهت جهودهم كي ينتزعوا هذه الصلاحيات من مجلس الأمن ويمنحوها لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، بهدف فبركة الادّعاءات حول استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا، ومحاولة معاقبة سوريا على ذنب لم تقترفه، أي أنهم لجأوا في خطوة غير مسبوقة إلى تغيير الأسس التي أنشئت عليها هذه المنظمة، من أجل تمكينهم من استهداف سوريا.

 

وفي الوقت الذي يتم تحرير سوريا من الإرهاب وعودة الحياة إلى طبيعتها، يصدر الرئيس الأميركي ترامب قراراً تنفيذياً ضد كلّ السوريين، وتحديداً الطلاب منهم، إذ يحظر عليهم الدراسة في جامعات الولايات المتحدة، ويمنع السوريين من زيارة الولايات المتحدة. والسؤال الوجيه هو لماذا تتم ممارسة هذه الضغوط على سوريا اليوم. وما علاقة هذه الضغوط بكلّ ما لحق بسوريا من آلام وخراب ودمار خلال سبع سنوات ونصف؟

 

السؤال مهم لأن الصفقة التي تمّ اختراع الربيع العربي من أجلها لاتزال قيد الإنضاج. وإلى أن تنضج ويتمّ الإعلان عنها، يُراد للجميع أن يوافقوا عليها ويلتزموا بمقتضياتها، وصفقة القرن تهدف طبعاً وقبل الإعلان الكامل عن بنودها، إلى تصفية الحق الفلسطينيى في فلسطين، وتصفية الحق العربي في الأراضي العربية المحتلّة، وإعلان الكيان الصهيوني وتوابعه من دول الخليج، سيداً في منطقة عربية عملوا على تدمير هويتها العمرانية والثقافية والفكرية والمجتمعية ،كي لا يكون هناك من يهددّ هذا الكيان الغاصب، والذي يخطّط ويحلم بنشر أذرعه على كلّ الأقطار العربية.

 

ومن هنا تأتي كلّ هذه الإجراءات اللامنطقية في جوهرها وتوقيتها، من أجل ممارسة الضغوط على حكومة الجمهورية العربية السورية، لإخراج إيران وحزب الله من سوريا، لأن وجودهما يشدّ من أزر محور المقاومة، ويعتبر تهديداً لمخططات ومشاريع الصهيانية في فلسطين وخارجها.

 

بعد كل انتصارات سوريا الميدانية وتضحياتها، لاتزال المعارك السياسية على أشدّها  في محاولة مستمرة لوضع حدّ لقوة سوريا، ودعمها للقضية الفلسطينية، وربما إذا تمكنوا ولن يتمكنوا، في محاولة لوضع دستور يحرم سوريا من عوامل قوتها الذاتية، ومن كونها الضمانة الأساسية للعرب والعروبة في أي مستقبل مأمول. إذاً السيناريو هو ذاته، القديم الحديث، بأدوات متجددة عسكرية وسياسية لإجهاض قوة الدول العروبية التقدمّية، وضمان أمن الكيان الصهيوني وتفوّقه.

 

صدق الرئيس المؤسس حافظ الأسد حين قال: "لاتوجد سياسة أميركية في الشرق الأوسط، بل سياسة إسرائيلية تنفذها الولايات المتحدة الأميركية". ومن هنا فإن كلّ تضحيات السوريين خلال سبع سنوات ونصف كانت للحيلولة دون تنفيذ المخططات الإسرائيلية في سورية.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=53040