وجهات نظر

الحجر الأسود برايات بيضاء

علي قاسم


الإعلام تايم - الثورة

 

ينضم الحجر الأسود إلى ما سبقه من الجغرافيا السورية التي اندحر منها الإرهاب، لكنه يضيف قيمة راكمتها تفاصيل المعارك وتضحيات أبطال الجيش العربي السوري، وإرادة القتال التي حققت نقلة نوعية في مسار الحرب على الإرهاب، وتركت الباب مفتوحاً على مصراعيه أمام تتابع خطوات الإنجاز المتتالي على امتداد هذه الجغرافيا، حيث ما تحقق لم يكن انتصاراً ودحراً للإرهاب في بقعة أو منطقة أو حيٍّ أو مدينة فحسب، بقدر ما كان تأسيساً لمرحلة جديدة في الحرب على الإرهاب وهزيمة لمشروعه.. بأدواته ومشغليه.‏

 

قد تكون المسألة في الصياغات العسكرية والسياسية كافية لفهم أبعاد الإنجاز، لكنها لا تستطيع أن تحيط بمجمل الارتدادات الناتجة عن تطهير الحجر الأسود، وما كان يمثله في سياق المواجهة، بدءاً من التحضيرات والتحصينات والخطط التي رسمتها أذرع العدوان وشبكات الإرهاب الإقليمي والدولي، وليس انتهاء بما شكلت عودته من إحداثيات إضافية، وما أسست له من خرائط نوعية في المواجهة، مروراً بالنتائج التي تتراكم في حقل إنجازات الجيش العربي السوري ومرتسماته الإضافية، سواء من خلال موقعه، أم لجهة الأهمية الاستراتيجية.‏

 

المواجهة في الحجر الأسود لم تكن معركة عسكرية فحسب، بل كانت إلى حدٍّ كبيرٍ صراعَ إرادة، إلى جانب ما تحمله من عناوين لا تكتفي بالجانب السياسي والعسكري، وإنما لها امتدادات في العمق الوجداني، ولم تكن مواجهة مع التنظيمات الإرهابية فقط، بقدر ما كانت تؤشر إلى المواجهة مع المشروع الإرهابي الذي يواجه انكساراً حاداً في الاتجاه والمحتوى، كما هو الحال في النتيجة والتداعيات، وما تحمله من دلالات تبدو واضحة أكثر من أي وقت مضى.‏

 

فالحجر الأسود في نهاية المطاف يبقى قطعة جغرافية، تمتد بهذه المساحة أو تلك، وكانت نتيجتها محسومة عسكرياً، على الرغم من أنها طالت لبعض الوقت، وأخذت حيِّزاً زمنياً بات الجميع على دراية بأسبابه وموجباته، وحتى بتفاصيله وأبعاده، وهو ما يضفي على دحر الإرهاب، هنا قيمة مضافة تتجاوز الحيِّز الجغرافي، وتبدو أقرب إلى صياغة وجهة مشروع مكافحة الإرهاب واتجاهاته، وما ينطوي عليه، باعتبار أنَّ الحجر الأسود شهد أشرس المعارك، وكان هناك تعويل من التنظيمات الإرهابية على بقائه نقطة استنزاف، تمَّ التخطيط لها من غرف استخبارات دولية ضالعة في دعم الإرهاب وبالشراكة المباشرة.‏

 

يحلو لدمشق اليوم خلوّها من الإرهاب بأشكاله وتنظيماته المختلفة، وتحلو عودة الحجر الأسود لتكون الخاتمة التي انتظرها السوريون، وقد تمَّ اجتثاث الإرهاب من محيطها غرباً وشرقاً.. شمالاً وجنوباً، لتخطَّ الرسالة المنتظرة التي كتبها السوريون بتضحياتهم وإرادتهم في الصمود وبطولات جيشهم وتصميمه على دحر الإرهاب في كل بقعة من أرض الوطن.‏

 

كما يحلو لكل المدن السورية أن تبتهج مع دمشق.. مع سكانها وأهلها الذين صبروا على المعاناة، وصمدوا رغم الإرهاب وجرائمه الذي استهدفهم في أحيائهم وأزقتهم وبيوتهم وأماكن عملهم، فكانوا يخطون لوحة النصر بانتظار أن تكتمل، وبانتظار أن يندحر الإرهاب، هذا كان يقينهم مع كل قرار للجيش العربي السوري، ومع كل خطوة يخطوها، وهي الثقة التي تتراكم يومياً وأحياناً ساعة بساعة، وربما لحظة بلحظة.‏

 

الحجر الأسود يرفع الرايات البيضاء، لتزينه أعلام الوطن نظيفاً من الإرهاب، خالياً من رجسه، ينضم للبقية الباقية من البلدات والأحياء المجاورة التي كان على الدوام جزءاً منها، وتنضم إليه.. فيقتلع الإرهاب الأسود وداعميه ومموليه، ويعود إلى موقعه، وتعود معه دورة الحياة الطبيعية إلى دمشق ومحيطها، تمهيداً لعودتها لكامل الجغرافيا السورية، وقد باتت أقرب من أي وقت، وبات السوريون أكثر يقيناً بهذه الحقيقة، حيث الحجر الأسود يؤسس إلى ما بعده، وبالتأكيد إلى ما بعد بعده.‏

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=52275