تحقيقات وتقارير

17 نيسان.. يوم مجيد في تاريخ السوريين


الاعلام تايم _ لمى محمود

يوم ليس كمثله يوم في تاريخ السوريين.. يوم أرغم الشعب في سورية المحتل الفرنسي على مغادرة الاراضي السورية بذل ما بعده ذل وعار لبسوه تاجاً الى يومنا هذا.. وكما خرجوا سيخرج شذاذهم الذين جاؤوا ليعيدوا مسيرة عقود من الاحتلال والتخريب عاث فيها المستعمرون فسادا وخرابا في أراضينا..


"الوصاية الدولية" في أربعينات القرن الماضي على الدول المحررة حديثاً من الاحتلال التركي  لم تختلف كثيراً عن مشاريع القرن الواحد والعشرين التي لبست أثواباً استطاعت أن تبهر عيون الناظرين وتطلبها بشغف فكانت "الفوضى" وكان الخراب والدمار.. حفنة من الشذاذ الذين يليق بهم عبارة"صنع في الغرب" صنع في "اسرائيل" "صنع في واشنطن" و"صنع في أحضان النفط الخليجي".. أرادوا أن يعيدوا أمجاد فرنسا نابليون وديغول وغورو لكنهم نسوا أن شعباً أراد الحياة فكسر قيود الذل والهوان وعادت له الحياة.. لابد أن آثار إرهابهم وعمالتهم مكشوفة وستمحقها أقدام جنود تربوا على عقيدة واحدة "نموت ويحيا الوطن"..


لقد عبر  أدباء وشعراء القرن العشرين عن عظمة ذلك اليوم ونقلوا واقع الشعب المنصر في تلك الايام الخوالي التي لا تقل عن فرحتنا بانتصارات جيشنا في معاركه الاخيرة ضد الارهاب وفي سبيل حماية الوطن وتحصينه من الافكار العفنة التي ساقها المستعمرون ليعودوا الى أراضينا مدنسين سارقين لخيراتنا.. وأبلغ ماقيل في يوم الجلاء ما جاء في شعر الشاعر السوري شفيق جبري:
حلم على جنبات الشام أم عيد               لا الهم هم ولا التسهيد تسهيد
أتكذب العين و الرايات خافقة              أم تكذب الاذن و الدنيا أغاريد
كأن، كل فؤاد في جلائهم                     نشوان قد لعبت فيه العناقيد
ولم تقل كلمات الشاعر السوري بدر الدين الحامد بلاغة وتوصيفاً دقيقاً للفرحة العارمة عن جبري:

يوم الجلاء هو الدنيا وزهوتها‏
لنا ابتهاج وللباغين إرغام‏

يا راقداً في روابي ميسلون أفق‏
جلت فرنسا فما في الدار هضام‏


السوريون بصموا في مثل هذا اليوم انتصاراتهم في التاريخ ضد الاحتلال، رافضين الذل والهوان لترفع رايات الحق على الأرض السورية، بعد أن أذلت المحتل الغاصب وأرغمته على الخروج صاغرا يجر ورائه أذيال الهزيمة مصحوبا بالخزي والعار، فالثورات العربية الحقيقية حررت شعوبها من طغيان المستعمر، بفضل زعماء الثورة السورية وأبطالها وفي طليعتهم يوسف العظمة وسلطان باشا الأطرش وحسن الخراط وصالح العلي وإبراهيم هنانو وأحمد مريود وغيرهم من الأبطال الذين أثبتوا أن الجلاء ليس هبة من المستعمر بل نصر مؤزر صنعته تضحيات شعبنا... وليس كثورات القرن الحادي والعشرين التي دعمت "شذاذ الافاق" وعززت وجودهم بما يسمى بـ"الفوضى الخلاقة" أو "الربيع العربي"..

اليوم وبعد 72 عاماً يأتي عيد لجلاء العظيم في ظل استمرار الحكومات الغربية وعلى رأسهم حكومة فرنسا الحالية في سياستها العدائية تجاه الشعب العربي السوري وإمعانها في حملات التضليل والأكاذيب التي تمارسها على الرأي العام الفرنسي منذ بداية الازمة في سورية، وكأنها تعيد مرحلة الاستعمار عبر دعمها المالي والعسكري والاعلامي والسياسي للمجموعات الإرهابية المسلحة في سورية تحت مسميات مختلفة مستهدفة سورية ودورها التاريخي والمحوري في المنطقة..


  شهد العالم بأسره ملاحم النضال والمقاومة ضد الاحتلال الفرنسي فكانت الاحتجاجات والثورات الواحدو تلو الاخرى، والهدف الاسمى هو طرد المحتلين من الأراضي السورية وتوحيد البلاد، لقد شكل جلاء قوات الاحتلال الفرنسي ومعها القوات الحليفة الأخرى، نتيجة ناصعة لنضال الشعب العربي السوري ضد أشكال الاحتلال والاستعمار المتعاقب الذي استمر مئات السنوات، بحيث أثمرت تضحياته الكبيرة وصبره العظيم، فوصل إلى نيل حريته التي ضحى من أجلها بكل غالٍ ونفيس، فاستحق بذلك أن يعيش حريته وشموخه بين أمم الأرض الحرة، في السابع عشر من نيسان عام 1946 أصبح عيد الجلاء، وهو في نفس الوقت العيد الوطني لسورية... ذكرى تحرر الوطن من سلطة الاحتلال الغاشمة، هي التي تغتبط بها أرواح الشهداء سورية والامة وتزهو بها قيم العطاء الوطني والقومي وتنهض في ذاكرة الأمة ذكرى المجاهد الأكبر وراعي الجهاد والمجاهدين والشهداء وموقد جذوتها القائد الخالد حافظ الأسد.. الرحمة لروحه الطاهرة.

روح الحرية والإباء التي تطبع الشعب السوري بطابعها على مر العصور.. شعب استطاع بإمكاناته المتواضعة وإرادته القوية أن يلوي ذراع المستعمر الفرنسي ويجبره على الرحيل عن أرض الوطن، ليرفرف علم الوطن المستقل شامخاً ويصدح نشيدها الوطني بإباء في أرجاء أرضها المروية بدماء شهدائها البررة، أكرم من في الدنيا وأنبل بني البشر.
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=51661