وجهات نظر

بعد جولة بن سلمان وقدوم بومبيو وبولتون هل سنرى تحالفاً عسكرياً اقليمياً ضد ايران؟

فادي وهيب


الإعلام تايم - الديار

 

منذ قدوم الملك سلمان للحكم وتولي الامير محمد بن سلمان ولاية العهد، وأجرت المملكة العديد من المناورات العسكرية الأضخم في تاريخ المنطقة وانشأت أكثر من تحالف عسكري إقليمي كالتحالف العربي والتحالف العسكري الاسلامي، وشنت عواصف الحزم والحسم وعودة الامل، وكان السؤال وقتها ما الهدف من تلك التحالفات ومن تستهدف؟ والان بات السؤال هل أقترب موعد تفعيل تحالف عسكري إقليمي؟، خاصة وأن قبل رحيل ترامب من الرياض بمايو الماضي أعلنت كلا من واشنطن والرياض عن اعداد تحالف عسكري اقليمي ولكن الامر ظل حبراً على ورق، ولكن الايام الاخيرة وما شهدته من أحداث بعمر سنة كاملة تقول أن الامر لن يستمر كحبر على ورق.

وكي نعرف ما بالغد ولماذا هذا الاصرار الشديد على انشاء تحالف اقليمي عسكري أشبه بناتو سني دعونا نقرأ ما بالماضي، فمع بداية الخمسينات كانت الولايات المتحدة تعمل على صنع نظام شرق أوسطي تستطيع فيه دمج اسرائيل، بجانب صنع أنظمة تابعة لها كي تخوض حرباً بالنيابة عنها ضد الاتحاد السوفياتي، وفى آذار 1953 جاء وزير خارجية اميركا وقتها جون فوستر دالاس الى القاهرة لفهم عقلية النظام الجديد بمصر بعد ثورة تموز، وهنا قال السفير الاميركي بالقاهرة لوزير خارجية بلاده بأن الرجل القوي في النظام الجديد هو شاب يدعى جمال عبد الناصر وليس محمد نجيب، فطلب دالاس عقد اجتماع معه، وعلى الفور عمل السفير الأميركي على عقد ذلك الاجتماع، حتى اجتمع كلا من وزير الخارجية والسفير الاميركي وجمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر، وعرض وزير الخارجية الأميركي على عبد الناصر الانضمام لحلف ثلاثي يضم كلا من أنقرة (الاكثر تحضرا بين العواصم الاسلامية) وكراتشي (الأكثر كثافة سكانية بين العواصم الاسلامية) والقاهرة (الأكثر عراقة بين العواصم الاسلامية).

فسأله عبد الناصر: وما سبب إنشاء ذلك الحلف، وسيواجه من؟

فأجابه دالاس قائلا: بتأكيد ضد الخطر الشيوعي.

فرد خالد العرب كيف تريد أن أرى خطراً مزعوماً على مسافة أربعة آلاف كيلومتر، ولا أرى خطراً حقيقياً على مسافة مئة كيلومتر (اسرائيل)؟

وهنا انتهت مهمة دالاس بالفشل في مصر وبعدها عزمت الاستخبارات البريطانية والاميركية على التخلص من جمال عبد الناصر سواء على يد أذرعها في الداخل (جماعة الاخوان المسلمون) أو شن حروب ضارية على مصر من كافة الجهات.

ولم ييأس وزير الخارجية الاميركي وقتها من صنع تحالف شرق أوسطي يخضع لواشنطن، حتى جاء البديل للقاهرة في بغداد، وتم إنشاء «حلف بغداد» عام 1955 والذى ضم بجانب المملكة المتحدة العراق وتركيا وإيران وباكستان، ولكن كان عمر «حلف بغداد» قصيرا، بعد أن أسقط عبد الكريم قاسم النظام الملكي بقيادة نوري السعيد بعد ثورة تموز 1958 التي أطاحت بالمملكة العراقية الهاشمية التي أسسها الملك فيصل الأول تحت الرعاية البريطانية.

وهنا أرسل بن غوريون مؤسس الكيان الصهيوني للرئيس الاميركي أيزنهاور رسالة يقول فيها «إنه لمن الخطأ الفادح أن تفكر الولايات المتحدة بإقامة حلف في الشرق الأوسط يرتكز على أي عاصمة عربية، إن الشرق الأوسط لكي يحظى بالاستقرار وبالولاء للغرب يجب أن يرتكز على ثلاث عواصم دون غيرهم، وهم أنقرة وتل أبيب وأديس بابا».

ولم يخيب دوايت أيزنهاور رأي بن غوريون، وفى العام التالي من أنهيار حلف بغداد أي فى عام 1959 تم توقيع أتفاقية «الرمح الثلاثي» بين اسرائيل وتركيا وايران الشاه واثيوبيا، وهي الاتفاقية التى أستخدمت فيها اسرائيل كلا من ايران الشاه واثيوبيا واسرائيل كرمح فى وجه الامن القومي العربي، فمن خلال تركيا سيطرت اسرائيل على نهر دجله والفرات للتحكم في العراق وسوريا، ومن خلال أثيوبيا هددت اسرائيل أمن مصر والسودان المائي بنهر النيل، وفي عام 1996تم تجديد الاتفاقية مرة أخرى لضمان تطويق الوطن العربي ليس فى موارده المائية فقط بل وتقويض نفوذه السياسي والاقتصادي أيضا.

ولكن لم يحقق «الرمح الثلاثي» طموح وامال اسرائيل بعد الثورة الاسلامية في ايران، وتجمد المشروع واكتفى بالربط العسكري والاستخباراتي الهائل مع تركيا، بجانب توسعة نفوذها في أديس أبابا لضمان استمرار تهديد أمن مصر المائي، الى أن جاءت ثورات استنزاف الدول العربية في 2011م، وحلقت الفكرة بذهن الاسرائيلي والاميركي مجددا، حتى جاءت ملامحها على الورق مع وصول دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة، فجاءت أولى زياراته الخارجية للسعودية، التي اطلقت العديد من المناورات العسكرية الدولية والتحالفات الاقليمية الضخمة كمناورات رعد الشمال، والتحالف العربي في اليمن والتحالف العسكري الاسلامي، واعلان تحالف اقليمي أخر أثناء زيارة ترامب للرياض وهو ما لم يطبق على الارض فعليا حينها.

ولان حزب الله كان يعلم حينها من هو المراد فى كل ما يحضر أثناء قمة ترامب بالرياض، فقد استبق الامين العام للحزب حسن نصر الله زيارة ترامب للسعودية، وصرح يوم 11 مايو الماضي في كلمة بمناسبة الذكرى الأولى لمقتل قيادي حزب الله مصطفى بدر الدين (ذو الفقار) في سوريا، قائلا: «لن يجري الحديث عن فلسطين والأسرى وإنما عن سوريا والعراق، ولذلك يجب أن ننتظر ما الذي سيحدث هناك (قاصدا لقاءات ترامب بالسعودية) ولا داعي للخوف، ففي شرم الشيخ عام 1996 جاء كل العالم وأرادوا وقرروا مسح حركات المقاومة، ويومها هددوا أنهم سيأتون لإبادتنا ولكن كان الانتصار في نيسان 1996 بقيادة السيد ذوالفقار، وهو نفس الامر الذى يتكرر فى تصريحات حزب الله بالاونة الاخيرة اتجاه ما يحاك ضده».

والان وبعد جولة ولي العهد السعودي والرجل الاول بالمملكة لكل من لندن صانعة ممالك الشرق الاوسط والاسلام السياسي، وواشنطن حاضنة الامراء والملوك، بالتزامن مع قدوم الصقور مايك بومبيو رجل الاستخبارات لحقيبة الخارجية، وصقر الدفاع جون بولتون كمستشار للامن القومي وهم أكثر الناس رفضا لأي أتفاق مع ايران ولتواجد حزب الله من الاساس وليس فى سوريا فقط، هل أقترب تفعيل تحالف عسكري اقليمي أو ناتو سني وهو هدف قديم للولايات المتحدة واسرائيل كي تكون مظلة اقليمية للاخيرة للتداخل مع الدول المحيطة بها ومواجهة عدو مشترك كما يرى السعودي؟، خاصة في ظل اشتعال الحرب اليمنية مع دخول عامها الرابع، بعد اطلاق الحوثي دفعة صواريخ باليستية جديدة على الرياض منذ أيام، وما بشرتنا به صحيفة «الجريدة» الكويتية بأن طائرتينF35  اسرائيليتين نفذت طلعات استطلاع وتحديد أهداف في مناطق بندر عباس وأصفهان وشيراز، وحلقتا على ارتفاع كبير فوق مواقع أخرى يشتبه في علاقتها ببرنامج إيران النووي على شاطئ الخليج بالشهر الجاري.

خلاصة القول كل ما أراه بعيني من تحضيرات لمنطقة الشرق الاوسط بالكواليس، تذكرني بما صرح به ثعلب السياسة الاميركية وأستاذ مادة «تقسيم الشرق الاوسط» وعقل ترامب الخارجي وصاحب اللمسات النهائية بالتغييرات الاخيرة بالبيت الابيض الا وهو هنري كسينجر في جريدة «ديلي سكيب» الأميركية، عندما قال: «إن الحرب العالمية الثالثة باتت على الأبواب وإيران ستكون هي ضربة البداية في تلك الحرب، التي سيكون على إسرائيل خلالها أن تقتل أكبر عدد ممكن من العرب وتحتل نصف الشرق الأوسط، فقد أبلغنا الجيش الأميركي أننا مضطرون لاحتلال سبع دول في الشرق الأوسط نظرًا لأهميتها الإستراتيجية لنا خصوصا أنها تحتوي على البترول وموارد اقتصادية أخرى، وحينها لن يبقى إلا خطوة واحدة وهي ضرب إيران».

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=51400