وجهات نظر

الكعبة هنا... آرامكو هناك

نبيه البرجي


الإعلام تايم - الديار

 

هي معلومات صارخة من دوائر خليجية حساسة. "أحدهم" قال لدونالد ترامب ما مؤداه "اطرد الايرانيين من سورية، وأنا جاهز لإقناع سمو الأمير باستقبال بنيامين نتنياهو في مطار الرياض".

في معلومات أخرى أن "الأحدهم" قال لدونالد ترامب "اطرد الايرانيين وحزب الله" من سورية ولبنان، وأنا جاهز لأجعل الأمير يذهب سيراً على الأقدام الى أورشليم".

ثمة من أدخل في رؤوس أهل البلاط أن أحداً لا يكنّ لهم المودة. ليس الايرانيون فحسب. الأتراك أكثر. المصريون, وهم أحفاد الفراعنة، يستشعرون الدونية في تعاملهم معهم بسبب الاحتقان الاقتصادي المريع.

 

أدخلوا في رؤوسهم أيضاً أنه حتى أهل الخليج لا يحبونهم، بل ويتوجسون منهم. من كانوا يوالونهم "على عماها"، ومن خلال التعبئة الايديولوجية، بدأوا بالانفكاك عنهم بعدما شرعت المملكة في ولوج ثقافة الترفيه، والانتقال من عالم تورا بورا الى عالم لاس فيغاس.

قيل لهم أنهم كالبناء القديم الذي قد يتداعى في أي لحظة. المؤسسة اليهودية (الامبراطورية اليهودية) هي التي تؤمن المظلة الغربية، الأميركية بوجه خاص، ودون أن تكون لدى أهل البلاط أي مشكلة في التعاون الاستخباراتي والاستراتيجي، مع تل أبيب.

الواقع السوسيولوجي في المملكة، وحيث التقاطع الدراماتيكي بين منطق الايديولوجيا ومنطق القبيلة، لا يتحمل سلسلة من الصدمات الكهربائية المتلاحقة. هناك من ينظر الى اليهود كونهم الأعداء التاريخيين للإسلام وللمسلمين. في هذه الحال، لا بد من الصدمات المخملية في أوديسه التغيير.

حتى بين مقربين الى الأمير داخل العائلة من يعتقد أن التداعيات ستكون كارثية على المملكة في العالم الاسلامي، وهو العالم الافتراضي، إن بسبب الحساسية التراجيدية للقضية الفلسطينية، أو بسبب السياسات الهمجية التي ينتهجها الفريق الحاكم في اسرائيل.

 

ما يتردد في الدوائر الخليجية يتقاطع، بصورة أو بأخرى، مع مواقف لمسؤولين اسرائيليين كبار. أفيغدور ليبرمان دعا الولايات المتحدة الى اجتثاث ايران و"حزب الله"  من سورية.

الرجل لا يلقي بكلامه جزافاً. بالأحرى لا يقول كلمته في الهواء (وعلى الهواء) الا اذا كانت المسألة تتصل بمباحثات أو بسيناريوات وضعت أو يتم وضعها لإعادة الساحة السورية الى نقطة الصفر.

نتجاوز ذلك اللقاء في المكتب البيضاوي، وحيث بدا دونالد ترامب بأنياب دراكولا (مصاص الدماء)، ونذكّر أهل البلاط ما كان يحدث في واشنطن ابان عهد الرئيس جورج دبليو بوش، وكان أحد أركانه جون بولتون، الأقرب الآن الى الأذن الرئاسية والى العقل الرئاسي.

 

للمرة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة، ظهر ذلك العدد من الأدمغة اليهودية في البنتاغون (بول وولفوويتز، ريتشارد بيرل، دوغلاس فايث، كارل روف... وغيرهم). وكان بيرل يأتي بباحثين من أرقى الجامعات لإلقاء محاضرات في الضباط حول الشوائب البنيوية، والتاريخية، والفلسفية، في النظام السعودي.

هؤلاء كانوا على تواصل مع كبار منظّري المحافظين الجدد, من وليم كريستول، الى دانييل بايبس، وروبرت كاغان، مع وجود رجلهم الذهبي اليوت أبرامز في مجلس الأمن القومي.

ما طرح في تلك المحاضرات أن الهيكلية الايديولوجية للمملكة لا بد أن تنتج ظواهر على شاكلة تنظيم القاعدة الذي أنشأه السعودي أسامة بن لادن. واذ تعتبر المملكة من أكثر الدول ثراء، وقد تتحول الى امبراطورية للبرابرة، يفترض قطع الطريق عليها بالفصل بين نجد والحجاز لتغدو الكعبة في مكان وأرامكو في مكان آخر.

لا نتصور أن الاميركيين تخلوا عن هذه النظرة. الآن يستنزفون السعودية على نحو منهجي ومدمر، وإن كان هناك بين المعلّقين العرب الذين يمشون حفاة في سوق النخاسة، يهللون لخطوات الأمير محمد بن سلمان نحو التماهي السيزيفي مع المصالح الأميركية. بالتالي التحريض على سورية باعتبارها البوابة الكبرى الى الصفقة الكبرى.

 

ولي العهد محكوم بالخيار الأميركي. وكالة الاستخبارات المركزية ليست موجودة في جدران قصر اليمامة فحسب. انها موجودة في رؤوس الكثيرين من الأمراء، والجنرالات، وشيوخ القبائل.

أميركا هنا، وكما أشرنا سابقاً، هي النسخة البشرية عن القضاء والقدر. الطريق الى أورشليم أكثر جدوى بكثير من الطريق الى دمشق. من يتجرأ ؟!

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=51289