الإعلام تايم - مقالات وآراء

 

الرجاء ممن يعتقد أننا بلا قلب ولا نعرف الرحمة لأننا لا نحس بالغوطة أن يوقر يقينه وايمانه لأننا مللنا أن يلجأ هؤلاء الى الاتهام وأن يقرروا لنا ماذا في صدورنا .. وكأني بالنبي يغضب من جديد ويقول لكل هؤلاء .. هلا شققتم على صدور الناس؟؟ ففي غضب النبي على من قتل من أسلم تحت السيف رسالة عابرة للزمن بأن لا أحد يملك الحق في أن يقرر كمية الايمان والاسلام في الصدور .. لأنه لا أحد يقرأ القلوب والعقول والنوايا ويقرر حموضة الايمان وقلويته ولا كمية الالم والوجع والحزن .. فكل من يبكي على الغوطة عليه أن يعرف أننا جميعا ممن شرب من ماء الغوطة وأكل من عنبها وبساتينها يوما .. وبعض من خلاياه حتما فيها شيء من عصير التفاح والعنب من حقولها التي تسقيها الشمس بالضوء ..

لكن مشكلة الغوطة كانت في أن عدد المنافقين فيها تجاوز عدد اللصوص ..وأن عدد اللصوص تجاوز عدد المؤمنين .. وأن الوعاظ فيها قد حقنوا الله في العقول والعروق بالمحاقن الوهابية .. وباعوا الله بالدولار .. وسرقوا ثياب الصحابة وباعوها على أرصفة باريس ولندن واستانبول .. ومشكلة الغوطة هي أنها تموت وتنزف فيها الدماء من أجل القدس .. فرغم كل ما يفعله الأمريكيون بالقدس فان الانترنت امتلأ حتى غص بكل الوعاظ الذين لا يشغلهم اليوم سوى الغوطة الشرقية .. لا قدس ولا أقصى ولا ما يحزنون ..

 

فالأمريكيون خلعوا عن جسد القدس ثيابها وفحصوها وقرروا أنها عذراء بكر يهودية سيزوجونها بقرار ترامب من يهودي .. فحممتها نيكي هايلي وجاريد كوشنر وأدخلاها عارية الى غرفة نتنياهو يمسك يدها محمد بن سلمان .. الذي سيدفعها الى الداخل ليتزوجها نتنياهو وينجب منها بنينا وبنات يهودا .. وبن سلمان اليوم لن يطلب منها أن تسكت صونا للعرض بل يستل سيفه ويرقص رقصة (نيوم) خارج الغرفة ..

وفي كل مرة تفتح الانترنت لتسمع شيئا عن هذه القدس العروس التي تسحب عارية وهي تصرخ في طرقات العالم يخرج عليك وجه جديد ينافس الوجوه ويزاحمهما وهو يبكي على الغوطة لا على القدس .. ويدعو الله للانتقام من تخاذل العرب وتآمر الغرب والشرق على الغوطة الشرقية .. اليوتيوب يغص باللحى والشوارب .. وقراءة التعاويذ .. من أجل الغوطة لا من أجل القدس .. لأن النبي عرج الى السماء من دوما !!!

 

كرسي الحكواتي لم يعد في المقهى مثل أيام زمان والمنبر صار شاشة .. فالحكواتي اليوم يجلس في مقهى اليوتيوب ويحدثك ويثرثر لك .. ولكن ما يلفت النظر في هؤلاء الحكواتيين الذين يزاحمون اساتذة الجامعات في القاء المحاضرات على الناس ويشرحون الأشياء التي لا ترى بالعين المجردة والنظريات العلمية .. هي أنهم جميعا يتحدثون العامية ويغدقون الشتائم وأسخياء في التحريض الرخيص .. فلا سيبويه ولا الخليل بن أحمد الفراهيدي .. بل جهل على جهل على جهل .. وأنت تقع في الحيرة فيمن تختار لتستمع وتجد لكل واحد عنوانا شيقا جذابا .. ويثيرك الفضول لمعرفة حكايات بعض الوجوه الحليقة والكلمات الملتحية المنحوتة من لحية وهابية التي تتبرع لوجه الله لنصيحتك وتنويرك بالعلم والمعرفة وآلام الغوطة دون أن تطلب مساعدتها .. الحكواتيون الملتحون والحليقون كثر جدا حتى انك تنهك وتتعب ويصيبك الاعياء وأنت تلاحقهم وتستمع الى فنونهم وانجازاتهم و عبقرياتهم واكتشافاتهم .. ولكن ميزة هؤلاء هو ميلهم جميعاً الى أن يصرخوا وكأن أحدهم على منبر أمام مصلين في يوم الجمعة .. فينفعل ويصرخ ويتهدج صوته ويقرع الأمة ويوبخ الناس ويهددهم بعذاب الله .. مثل خطابات معتز مطر الذي يعنف الأمة ويؤنبها وينذرها ويخجل منها .. وامام عينيه يمر موكب القدس العارية ذاهبة الى زوجها نتنياهو الذي ينتظرها على فراش العروبة ووسائد الاسلام وأسرّة النفط العربي وتغطيه أغطية بني عثمان و اردوغان كيلا يحس بالبرد في ليلة دخلته .. فهؤلاء في قاموس (معتز) لا يلامون ولا يسألون ولا مسؤولية لهم أمام الأمة رغم أنهم أصحاب نتنياهو وخلانه وأحبابه وندماؤه ومن يدقون كؤوسهم بكأسه في كل المؤتمرات واللقاءات ..

 

نصيحة لأهل الغوطة هي أن توقفوا الاستماع الى هؤلاء المنافقين الذين يشقون صدور الناس ويقررون عنهم ما يحبون وما يكرهون .. فمن يموت هو نحن وأنتم فقط .. وأنه آن لكم أن تتعلموا الآن أن كل هذا العويل التمثيلي لهؤلاء المنافقين على الشاشات لن يفيدكم كما لم يفد من قبل .. ما أنتم وضجيج المعارك الا الزفّة الصاخبة في حفلة زفاف نتنياهو على القدس .. ويريد الغرب أن يطيل قرع الطبول ويطيل العرس حتى يتم الزفاف دون ازعاج .. وكل هؤلاء الذين يعدونكم بالتدخل الدولي يقبضون بالدولار عن دموعكم ومعاناتكم .. وكلما طالت معاناتكم ثرثروا أكثر وقبضوا أكثر .. وسيقاتل هؤلاء حتى آخر قطرة من دمائكم وآخر دولار يعصر من جيوب السعوديين وأهل الخليج .. ولكن صدقوني أنهم يعرفون أكثر من غيرهم أن ملف الغوطة العسكري قد انتهى .. ولن تقوم للارهاب قائمة فيها بعد اليوم .. وان السعودية وأموالها ولحاها وكل من والاها سيخرج منها الى الأبد .. فهذا قرار لا رجعة فيه .. وما سينهض في الغوطة منذ اليوم هو شعر وعلم ولحن وحب ونغم وامل .. وخلف كل دبابة تقتحم .. تسير القدس نحو القدس ..