تحقيقات وتقارير

جديد الاعلام السوري.. ضربات استباقية!!


الإعلام تايم - رنا الموالدي

 

"لكل أمة عظيمة حربها".. رغم أنها قاعدة غريبة، وربما مثيرة للسخرية المريرة.. إلا أنها حقيقة، شئت أم أبيت، رضيت أم لم ترض، اقتنعت أم لم تقتنع.


حرب سورية التي تجاوزت السبع سنوات.. دمرت خلالها الحجر والبشر.. مدن تعرضت للدمار وبلدات سويت مع الأرض، وملايين البشر ذاقوا ويلات الارهاب.. ليترافق ذلك كله مع تصعيد يزداد حدة كلما أيقن المشغلون للحرب أن الهزيمة تصل إلى الشوط النهائي، خاصة أن مدنيي الغوطة الشرقية حالياً يواجهون جحيماً من الظلم والقهر لا يحتمل الكثير من التحليل أو النظريات أو الخطابات العاطفية، فهم باختصار بعرف الارهابيين اليوم "ممنوعون من الحياة".


حملات التهييج الإعلامي التي تستخدم ضحايا الغوطة من المدنيين الأبرياء برزت بشكل ملموس للقيام بحرب إعلامية والعمل على فبركة الكثير من الأخبار المغلوطة التي لم تذكر ولو لمرة واحدة بأن تلك العناصر الإرهابية المتمركزة هناك وتتخذ من المدنيين دروعا بشرية.. هي المسبب الرئيسي في موت الأطفال وذبح الرجال.. ونزيف الدم.. والكذب يستمر..


سياسة ليست بجديدة للمتآمرين على سورية بانتهاجهم وتطبيقهم في الغرف السوداء الصور ومقاطع الفيديو المفبركة وعرضها على الفضائيات أنها حدثت في سورية.. والمضحك أنها من أماكن يسيطر عليها الإرهابيون، وبالتالي لا يوجد فيها مراسلون صحفيون مستقلون لأنهم لا يتجرؤون أصلاً على التوجه إلى هناك خوفاً على حياتهم.. فلا يجدون سوى الكذب والتضليل والخداع، بل واختلاق أحداث جرائم لم تحصل إلا في مخيلاتهم وأذهانهم.


الأمر الذي جعل هاجس التغطية الإعلامية السورية ينتقل من مرحلة البرامج المسجلة إلى مرحلة البث المباشر الذي زادت ساعاته بشكل لافت، وهو ما جعل القنوات التلفزيونية متابعة للحدث السوري وتطوراته "قناة الاخبارية" نموذجاً، بتواجد العنصر الإعلامي في الخطوط الأمامية إلى درجة الواجب الوطني، مصنفين أنفسهم ضمن أفراد الجيش في المصير المشترك، فارتدوا الدروع  وتواجدوا على خطوط التماس، وشاهدوا بأعينهم ما يجري لتوثقها كاميراتهم.. هنا بث مباشر وهنا لحظة استهداف الارهابيين لمدنيي الغوطة قبل غيرهم.. هل شاهدت هذا من قبل.. إعلامنا يسابق الريح يعصف بكل الوسائل التكنولوجية الحديثة بيد الارهابيين ومن معهم ويدير عملياتهم.. بمبادرات فتحت ثغرات في جدار كاتم الصوت و الحواجز المانعة للحقيقة، وبضربات استباقية قلّ نظيرها.


جهود الاعلام السوري كان لافتاً الايام الاخيرة في بث تسجيلات مصورة عن الفبركات الاعلامية وعرض ما يجري في كواليس تلك التسجيلات والتحضيرات التي كانت تجري لتلك الفبركات من تلقين شهود الزور لما عليهم قوله أمام الشاشة، وكيفية استخدام براءة الطفولة للتأثير على مشاعر الناس.


ولعل أبرز نموذج يذكر في ربح الاعلام السوري معركة الفضاء، هو ما كشفه في صورة أب يحمل ابنته في الغوطة الشرقية كما زعمت تنسيقيات الإرهابيين، إلا أنه تبين من خلال البحث أن الصورة مأخوذة من العراق وتاريخها يعود للعام 2017 وشهر آذار بالتحديد.


وفي صورة ثانية نشرت على أنها صورة لأطفال الغوطة الشرقية وهم ضحايا قصف يظهرون على غلاف مجلة التايمز، وببحث صغير يتبين أن الصورة التي تم وضعها على الغلاف هي بالأساس ليست من سورية، وإنما مجزرة ارتكبها الصهاينة في فلسطين.


وفي صورة ثالثة تناقلتها تنسيقيات الإرهابيين، يظهر طفل ملقى على الأرض ومحاطاً بالدماء، وفي بحث مصغر عن صحة الصورة نجد أن الصورة عبارة عن تمثيلية، أما الصورة الأصلية تظهر الطفل وهو يبتسم وأمامه دجاجات مذبوحات ويسيل منهن دماء على الأرض نفسها التي تظهر في الصورة الأخرى ليكتمل المشهد لدى الجمهور الذي بات عرضة لضخ إعلامي كثيف يفرض عليه أن يدقق ويمحص لتبيان الواقعي من المفبرك وتمييز الحقائق عن الاضاليل، خصوصاً في أوقات الازمات والشدة التي تمر بها بلادنا.


هي صورة ما وصل اليه الاعلام السوري اليوم في حرب يخوضها مقابل إعلام الفتنة الذي تمتهنه بعض القنوات العربية والاجنبية ذات التأثير على الجمهور، فبوجود إعلامنا المضاد لرشقات المتآمرين وقذائفهم المحرمة "ضميرياً" من أكاذيب وتهويل، تجاوزت سورية أصعب مراحل الحرب، وأصبح بالإمكان تدوين عنوان عريض يخبر صراحة أن "سورية عظيمة".
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=50839