وجهات نظر

الغوطــة الشرقيّة آخر المواقع الأميركيّة

ثريا عاصي


الإعلام تايم- الديار

 

 

أعتقد ان الأميركيين يستعرضون عضلاتهم في كل مناسبة، فلا يستبعد أن يلجأوا من الآن وصاعداً مثل الإسرائيليين لشن غارات جوية وللمبادرة الى قصف صاروخي تحت ذرائع واهية على مواقع للجيش العربي السوري انتقاماً من المقاومة السورية ومن العناد السوري. ولكن مهما يكن وبالرغم من ان الحرب على سورية من المحتمل ان تشهد بعض مظاهر الحمى، فلا مفر من المواجهة والإعداد بالتوعية والتحشيد.

 

وفي هذا السياق فإن ما جرى في مجلس الامن هو أفضل مما يمكن الحصول عليه في البيئة الدولية المأزومة اقتصادياً (الديون الأميركية ) واستراتيجياً (العودة إلى عالم متعدد الأقطاب). ومن نافلة القول أن الغوطة الشرقية تضيق عن  هذه الصراعات الدولية .  ولحسن الحظ أن الجيش العربي السوري والشعب السوري استطاعوا بالرغم من التضحيات الجسام أن  يحصروا الحريق في بقعة محدودة وأن يمنعوا انتشاره من جديد.

 

ومن المعلوم أن وسائل الاعلام تناقلت أخباراً عن وجود ما يقارب 40 الف مسلح في الغوطة مجهزين بما لا يقل مستوى عن تجهيز جيش رسمي، الأمر يكشف للمرة الألف ان المسألة ليست كفاح فسادٍ  أو ثورة، وإنما هي مسألة صراع دولي جرى فيه توظيف الفساد والجهل والفقر والأخطاء والسذاجة من أجل الاستيلاء على سورية بما هي موقع استراتيجي هام، بالإضافة إلى ان إلغاء سياستها الوطنية يضمن  رجحان كفة الميزان نهائياً لصالح الاستعمار  الإسرائيلي ومشاريعه التوسعيّة.

 

يتضح ذلك من خلال انخراط الدول الغربية الامبريالية في الحرب على سورية بموازاة الحملة الإعلامية المسعورة مستمرة دون هوادة منذ أن قدحت شعلة الحرب على العروبة لأول مرة في لبنان في سنوات 1970، الى حد أن جوقات الدعاية الغربية تردد في الراهن يومياً ان 90 بالمائة من مجموع قتلى الحرب في سورية طيلة السنوات السبع انما قتلهم الجيش العربي السوري!! ان الغرب الإمبريالي يقف خلف الإرهاب الاسلامي. هذا ما كان معايناً ومعروفاً منذ أن غزا هذا الغرب الإمبريالي العراق من أجل تدميره ومصادرة  نفطه.

 

ينبني عليه أن الحرب الدفاعية التي يخوضها الجيش العربي السوري لا تطال في الواقع دول الغرب وهم القادة الفعليّون لهذه الحرب بالوكالة، ولكن الإرهاب الإسلامي لن يتوقف إلا اذا جفت مصادر تغذيته اي الأموال الخليجية والدعم اللوجستي الغربي. وبالتالي ليس منطقياً أن تستهلك الحرب على الإرهابيين الإسلاميين جميع طاقات المقاومة إلى ما هو أبعد من تعطيل قدراتهم على إلحاق الأذى ومن منع الغرب الامبريالي من  الاتصال يهم وتجنيدهم في عملياته الدموية والتخريبية.

 

فهؤلاء المضللون المرتزقة بدافع الحاجة أحياناً بالإضافة إلى الجهل ونقص التربية، يتطلبون معالجة طويلة الأمد لأوضاعهم الاجتماعية والوطنية والسياسية. هذا يعني أن الدولة السورية دخلت رغماً عنها في حرب متعددة النواحي والجبهات فهذه الحرب هي عسكرية وثقافية وإقتصادية.

 

فلقد صار معلوماً أن الغاية الرئيسية من هذه الحرب هي عدم السماح لسورية استخراج المخزون النفطي الذي يفترض وجوده في المياه الإقليمية وفي بعض المناطق السورية  الأخرى. اللهم إلا إذا استطاع الغرب الامبريالي، تنصيب حكام في سورية على شاكلة خرزاي الأفغاني بحيث يمكن استغلال  النفط بشروط مماثلة للتي تلتزم باحترامها الحكومة المصرية الحالية والعائلات الحاكمة  في البلدان الخليجية.

 

وأخيرا لا مفر من الإشارة إلى أن الإسرائيليين  يستخرجون النفط والغاز  في المياه الإقليمية  الفلسطينية ويصدرونه أيضاً، في حين أن لبنان وسورية ممنوعان من ذَلِك، وأن نفط العراق مرتهن من العراقيين مثل النفط الليبي  ولا شك أن وجود النفط في اليمن سبب من أسباب الحرب الابادية هناك.

 

كل تنازل  عن حق من الحقوق الوطنية  يستجر تنازلاً آخر ثم تنازل بعد تنازل وصولاً إلى خيمة في المنفى!

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=50788