وجهات نظر

باختصار : السوريون يكتبون تاريخاً

زهير ماجد


الإعلام تايم - الوطن العمانية

 

ثمة احتلالات للأرض السورية : الإسرائيلي في الجولان، والإرهابي في بعض الجغرافية ، والأميركي والتركي في الشمال ..

يحدث الآن أن تاريخاً يكتب، كل من هؤلاء يكتبه من زاويته .. الاسرائيلي ما يزال غير مقتنع بأن الجولان له .. يعرف تمام المعرفة أنه احتلها بالقوة، سرقها من جغرافيا دولة لا تقبل التنازل مهما كلف الأمر.

 

وصل الأمر بالإرهابيين والتكفيريين الى السيطرة على أجزاء واسعة من الأراضي السورية، لكن لمن لا يعرف الجيش السوري، بتركيبته المركبة، بعقيدته التي تصل الى حد عبادة التراب السوري، بثقافته وكل من أهل الاختصاص والخبرة، سوف يعرف أن هذا الجيش لن يقبل أبداً بأقدام همجية تطأ الأرض التي يعبدها بعد ربه.

 

أما الأميركي والتركي فقد غامرا بلعبة يعرفان سلفاً كيف ستدور دوائرها عليهما. الأمر بكل بساطة أنهما دخلا في المحظور، في الفهم القائل بأن الاحتلال لأراضي الغير يعني السقوط في مستنقع لا خلاص منه سوى حلين: إما الانسحاب الفوري قبل المفاجآت، وإما تلقي الضربات القاتلة التي سبق وعرفها الأميركي في أكثر من مكان، ولسوف يعرفها التركي بالضرورة.

 

السوريون يكتبون تاريخاً أو هم يكملون كتابة مسودات من صميم صراع طويل ليس جديدا في دنياهم. كيفما قلبت تاريخهم المعاصر ستجد هناك ما يعتبر جزءا من فلسفة الصراع الواضح أو الخفي، لاعتبارات عبقرية المكان، إضافة الى سؤال الدولة الواقفة وحيدة في وجه الأسرلة التي اتخذت وجوها وما زالت تتخذ في منطقتنا، أشكالا واضحة .. وكذلك الأمركة القائمة منذ زمن الضعف العربي وهوانه، كان عبد الناصر يقاتل الأميركان في كل مكان لكنهم بكل أسف كانوا في بيته، كما صرح لي أحد كبار الناصريين في مصر.

لا يمكن فهم ما يجري في سورية بمعزل عن تاريخ مواقفها وسياساتها وأفكارها وواقعها التربوي الذي لا ينتبه اليه كثيرون والذي على أساسه كان حشد في العبقريات الشابة التي طافت في العالم ونجحت.

الحرب على سورية ليست جديدة .. والصراع عليها من أسس النظرة الاستعمارية القديمة والحديثة اضافة الى الحضور الاسرائيلي في المنطقة وفهمه لطبيعة سورية وتوجهاتها .. صحيح أنها لم تأخذ الشكل الذي بلغته منذ سبع سنوات هو عمر الحرب عليها، لكن المؤكد أن مراجعة سريعة لما جرى في السابق نراه مقدمات لما يجري اليوم .. بل لم يكن الحضور السوري في لبنان كقوة عسكرية خلال السنوت الماضية، سوى المنحة التي تحولت الى فخ كان من علاماته الانسحاب المريع من لبنان بالطريقة التي تم بها ..

سورية اليوم مصنع لشتى التوجهات .. لن تبني فقط ما تم تدميره، بل سترصف عقلاً لشعبها مؤسساته سوف تظهر ادبيات جديدة بعد أن تتخلص من كل هذا التراكم الذي مازال قائماً ويهدد في كل لحظة الانجازات الكبرى التي تمت ، عسكرياً وسياسياً.

أصعب أيام حياته كان يوم انفصال سورية عن مصر كما يذكر عبد الناصر .. كانت سورية بالنسبة اليه حاضنة آماله ومحققتها. لهذا نرى طبيعة الهجمة عليها، بكل ضخامتها و مآلاتها وصورها التي لم تكن متوقعة مما يدلل على أنها ابنة زمن وتراكمات.

سوف يكون لسورية تاريخ مكتوب بالدم والدموع والآهات والأسرار الدفينة .. فمن يمكنه التقاط خيوطه فليبدأ كتابته، وأهم تلك الخيوط التي تدلل على تاريخها ذلك الوجود الاحتلالي الاميركي والتركي واللعبة الاسرائيلية المستمرة وبعض ما هو مستور معلن عربياً.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=50763