حوارات ولقاءات

القاضي جمال الخطيب للإعلام تايم: صفات لابد منها في القاضي وإلا نتمنى له التوفيق بعمل آخر


 حوار || طارق ابراهيم - رنا الموالدي

 

"الحذرَ الحذر من سرعة الغضب.. الحلم الحلم، ورحابة الصدر.. وهذا المعيار الأساس في بناء شخصية القاضي العادل، إياكم والشك.. إياكم أن يأخذكم الإباء في عزة الإصرار عمَّا اعتور من رأي أطلقتموه، أو قرارٍ أصدرتموه فإنَّ الكِبرَ خطيئة لا غفران لها، والإمعان في الغي لعنة لا عود عنها"..


استيعاب أطراف الدعوى بالحلم و ضبط الجلسة لإنصاف الناس، صفات لابد من أن يتمتع بها القاضي.. أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه عزل أبي الأسود الدؤلي عن القضاء، فجاءه مراجعاً يقول: لم عزلتني وما خنتُ وما جنيتُ؟.. فقال أمير المؤمنين: "إني رأيتكَ يَعلو كلامكَ على الخصمينِ".. 


تلك كانت نصائح قدمها وزير العدل للقضاة الخريجين من المعهد العالي للقضاء في شباط الجاري، بحسب المرسوم الرئاسي رقم (39) تاريخ 28-1-2018 المتضمن تعيينهم كمعاوني قضاة حكم ومعاوني نيابة عامة، لتكون منهاج عمل لمسيرتهم في هذا المجال، الا أن البعض مازالوا يراهنون على استقلالية القضاء، الامر الذي اعتبره عميد المعهد العالي للقضاء المستشار محمد جمال الدين الخطيب رهان خاسر بالمبدأ، فالقضاء يتمتع بالاستقلالية التامة التي ضمنها السيد الرئيس بشار الاسد، رئيس مجلس القضاء الأعلى.


الضمير واليمين التي أقسمها القاضي على تحقيق العدالة واحترام القوانين.. هما السلطان الوحيد على القاضي.. وخلال مسيرتنا العملية في القضاء لم نجد أي تدخل بعمل القاضي، فهو يفصل الدعوى وفق القوانين.


المستشار الخطيب وفي لقاء خاص لموقع الاعلام تايم أضاف: "نتمتع كقضاة بحرية مطلقة ضمن نطاق القانون، والتعديلات التي أجراها وزير العدل القاضي هشام الشعار مؤخراً تعديلات حساسة وهامة، ونستطيع القول إن الأمور عادت إلى نصابها"، لافتاً إلى وجود وعمل  "إدارة التفتيش القضائي" في متابعة  أي تقصير في العمل أو أي شبهة على القاضي، راجياً ألا نلتفت نهائياً الى ما يقال عن القضاء واستقلاليته لأننا "نعمل دائماً على تحقيق الأفضل عبر تقييم عمل القاضي من خلال الأحكام التي يصدرها والفصل في الدعاوى".


خصائص كثيرة تميّز استقلال السلطة القضائية عن غيرها من المؤسسات، منها ضمانة العيش الكريم، عبر تشريعات قانونية تصب في مصلحة الاستقلالية في العمل القضائي وتحسين الأحوال المعيشية لكي لا تكون "حجة لاتباع الهوى"، ومنها  المرسوم/2/  لعام2018 الذي أصدره الرئيس الاسد رغم الظروف الصعبة للبلاد منح بموجبه تعويض عمل قضائي لكل القضاة ومحامو الدولة بنسبة 100% ليصبح راتب القاضي الضعف، ما يسهم في دفع العملية القضائية وتحفيز القضاة على بذل أقصى جهودهم لمتابعة الدعاوى المنظورة أمامهم وإيصال المواطنين إلى حقوقهم... يقول الخطيب إنه "إنجاز عظيم.. فنحن كشريحة في المجتمع أصبحت رواتبنا أفضل".


"قاض ويستقل الميكرو باص" يقول أحد القضاة الجدد" أحسست أنني ارتكبت فعل أحمق، عندما نظر الناس اليّ بذهول"، ومن باب المزاح نقلنا ما سمعناه من القاضي، فأجاب المستشار الخطيب "لدينا قانون بتسليم كل قاض سيارة وبيت لكن هذا حالياً متوقف على انفراج الأزمة في سورية فالظروف حالت دون ذلك وهذا لا يعني أن ذلك محجوب عنه، فعندما تتوفر الآليات ستسعى الوزارة  لتأمين ذلك للقضاة.. أضف إلى ذلك أن القاضي الذي لا يجد نفسه قادرا أن يقوم بعمله براتبه ووضعه الحالي نتمنى له التوفيق بعمل آخر" فالقاضي غير ملزم بخدمة".

 

خطأ القاضي جرم أم زلة
للقاضي أجران اذا أصاب.. وأجر اذا أخطأ في أحكامه بعد الاجتهاد طبعاً.. ولكن ما مقياس أن يكون الخطأ غير متعمد، يقول الخطيب "عملية التقاضي تتم على درجات بمعنى لدينا قضاة درجة أولى استئناف – نقض، والتقاضي على درجات يتيح تصحيح الأخطاء التي يمكن أن يقع فيها القاضي "بداية".. اجتهد في هذا الأمر وكان قراره مخالفاً للقانون.. الآن استئناف الأطراف الاخرى يرفع الدعوى إلى محكمة أعلى والتي هي محكمة الاستئناف وبعدها النقض التي تتابع تطبيق القانون على وجه يتولى تصحيح الأخطاء القانونية.


أما بالنسبة لعمل التفتيش القضائي فهو مراقبة فيما إذا القاضي ارتكب زلة مسلكية أو ارتكب جرم "رشوة" على سبيل المثال، هنا يقوم التفتيش بمتابعة الأمر الجسيم،  فالقاضي المرتكب جرم "الرشوة"  يتم التحقيق معه من خلال إدارة  التفتيش القضائي وفقاً لإجراءات معروفة "استجواب القاضي، سماع شهود وتقديم أدلة" ليرفع ذلك إلى إدارة التفتيش ويتم اقتراح فيما إذا سيحال القاضي إلى مجلس القضاء الأعلى لإدانته أم لا.. وعلى مستوى مجلس القضاء الأعلى تتابع الدعوى من بدايتها وإذا ثبت أنه مرتكب للجرم  يتم عزله وإنهاء عمله كقاضي وتصفية حقوقه".


وبخصوص توسيع القاعدة الهرمية للمحاكم بيّن الخطيب "لدينا سياسة في وزارة العدل للعمل على ذلك فعلى سبيل المثال أتيح لنا فتح عدليات أو منطقة قضائية في الأرياف لتسهيل مراجعة و متابعة المواطن قضاياه بشكل أسرع وهذا ما احتاج إلى قضاة جدد، اليوم توجهنا إلى فتح محاكم تخصصية "محاكم تموينية محاكم تجارية محاكم للتأمين"، مما يقتضي فرز قضاة متخصصين.


نحن اليوم ومع تخريج الدورة الأولى من المعهد العالي للقضاء نستبشر منها خيراً من ناحية إعدادهم الجيد كشباب متحمس للعمل القضائي، ليكونوا قضاة الغد من ناحية إبرارهم بقسمهم أو من ناحية إعمال القوانين ونفاذها..

التطبيق الصحيح للقانون.. يعطي الصورة الجميلة للعدالة
دأبت وسائل التواصل المعروفة الغاية الى الفتنة والتشهير وإحداث الشرخ في الجسم القضائي، تارة تدرج في سطورها اتهامات لأحكام صدرت بأنها مخالفة للشريعة، وأخرى تذهب أبعد لتقول أن القانون يخالف الشرع فكان لابد من توضيح ورد جميل يشفي الصدور وهذا ما فعله عميد المعهد العالي للقضاء الخطيب فأوضح أنه "لا يوجد تضارب بين الشرع وبين القانون".


القاضي الشرعي مهمته أن يفصل في دعاوى الأحوال الشخصية الذي هو بطبيعة الحال "القانون" مستمد من الشرع – فهو يحكم ضمن القانون وضمن الشرع وجميع القواعد القانونية تستند إلى القواعد الفقهية وهي أساس القانون المدني.


القانون المدني يحكم وفق القانون الملبي للحاجات وإن كان بحاجة بين الفترة والأخرى إلى تعديل طفيف وليس جذري ليبقى مواكباً للعصر.. فالتطبيق الصحيح للقانون هو ما يعطي الصورة الجميلة للعدالة.


أيهما الاصح "لا جهل في القانون" أم "القانون لا يحمي المغفلين"
"القانون لا يحمي المغفلين" كعادة البشر صدقوا هذه الكذبة، هي إجابة المستشار الخطيب عن تدني مستوى الثقافة القانونية لشريحة كبيرة في المجتمع.. فالموطن السوري إذا أراد على سبيل المثال شراء منزل بملايين الليرات، يكون كلام المكتب العقاري بديلا عن قانوني يعقد له..  وبسبب الثقافة القانونية الضحلة عند المواطن وفي نظرة سريعة على أغلب الدعاوى نستخلص أنها ناتجة عن سوء تصرف نتج أثناء التعاقد، لافتاً أهمية الرجوع إلى محامي لتنظيم عقد أو دفعات تسليم أو التحقق من ملكية المالك.


و نوه المستشار "لا بد أن يكون هناك توعية قانونية للمواطن من خلال البرامج التلفزيونية والإذاعية حول العملية القانونية – المتداولة  بين الناس قبل القيام بأي تصرف (ادرس وضعك القانوني).. نحن كجهة قضائية أوجبنا عند مثول الطرفين أمام القاضي أن يكون لكل طرف محامي يمثله لنحفظ حق المواطن.. فلا جهل في القانون هي الأصح من عبارة "القانون لا يحمي المغفلين".


وختم مدير المعهد القضائي الخطيب ناصحاً: "خذوا الناس في حلمكم،  وكونوا مثال القضاء العادل في العالم، اجعلوا ذكركم الطيب يسبقكم، واجعلوا دأبكم أن تتميزوا بالنزاهة وسعة العلم، وسرعة الفهم، ورحابة الحلم وحضور البديهة وحسن السيرة وأدب السلوك ودماثة الأخلاق والتفقه في بحور اللغة، عندها تكونون خير من يبني المجتمع ويقوده الى أعلى مراتب الارتقاء والاستقرار والأمان ويجعله قوة منيعة أمام العابثين".

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=43&id=50607