وجهات نظر

الإسرائيليون مذعورون.. انهيار الجبهات

عباس ضاهر


الاعلام تايم _ النشرة


لم يكن يخطر ببال الجيل الاسرائيلي الأول أن حلمهم الذي حققوه عام 1948 ينهار تدريجياً. لطالما أخبروا الأبناء والأحفاد عن بطولاتهم أيام المعارك التي خاضتها عصابات "الهاغانا" و"شتيرن" وغيرها في أربعينات القرن الماضي. يومها كانوا يتمددون بسرعة في كل أنحاء فلسطين. شمالا أو جنوباً، لا فرق. كانت المهمة سهلة رغم تجمع "جيش الانقاذ" العربي، ومجيء المتطوعين لمساندة الفلسطينيين. كان يدرك الاسرائيليون حينها أنهم سينتصرون، ولن تتوقف أحلامهم عند مساحات ومحطات، رغم شدّة المواجهة التي خاضها اللبنانيون في المالكيّة، أو التي وصل فيها المصريّون الى قرب تل ابيب، أو بطولات السوريين واستبسال العراقيين والأردنيين. كانت "إسرائيل" قادرة على فرض وجودها جغرافيا ثم رسمياً. لم يشعر الاسرائيليون بقلق كما يظهر الآن في صحافتهم. يؤكدون أن دور "تل ابيب" الوظيفي أميركياً يشارف على نهايته. يعترفون بأن "الردع الاسرائيلي ينهار في كل الجبهات" كما جاء في صحيفة "يديعوت احرونوت": في الشمال تحاول ايران وسورية وضع قواعد لعبة جديدة، توجد "اسرائيل" في وضع استراتيجي مركّب. فبعد إسقاط طائرة سلاح الجو في منطقة الشمال والهجوم في سورية وقف عمليا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى جانب الرئيس السوري بشار الاسد والايرانيين. هذه ضربة قاسية ولكن متوقعة.


يعتبر الاسرائيليون أن الحلف الغامض لإسرائيل مع العرب هو "سند متهالك"، فهم سيسرّهم اذا ما خرج الى حرب ضد"حزب الله"، بل وأكثر من ذلك ستسرهم كل قطرة دماء يضحى بها ضد ايران. سيهتفون–ولكن من وراء الخطوط.
في ذات التوصيف حول "السند المتهالك"، ترى "تل ابيب" أن الرئيس الاميركي دونالد ترامب لم يكلّف نفسه أن يأمر وزير خارجيته ريكس تيلرسون الذي يزور المنطقة بأن يغير قليلا خطة زيارته وأن يتوجه الى "اسرائيل" ايضا – الموضوع اللازم بعد إسقاط طائرة لها. هذه أمور في غاية الاهمية، في تصنيف الاسرائيليين.


في "تل ابيب" اعتراف علني، لم يعد مستوراً، مفاده أن "اسرائيل" في ذروة مواجهة إقليمية قاسية ومركّبة. الأخطر أنها دخلت عمليا الى مواجهة مباشرة مع الادارة الاميركية. يسجل الاسرائيليون اعترافاً أيضاً بأنهم اضطروا للتراجع العملي بشأن القدس بشكل مهين: هذا ما يحتاجه اللاعبون الاقليميون بأن يروا شرخا علنيا بين البيت الابيض و"تل ابيب". وعلى ماذا؟ "على مبالغة متطرفة في موضوع الضمّ بدافع الانتخابات التمهيدية"، بحسب ما أوردت. صحيفة "يديعوت احرونوت".

 

الامور لم تقتصر على هذا التوصيف، بل الصحافة العبرية تعدّته لاتهام بنيامين نتانياهو بالجنون، وبممارسة عدم المسؤولية الاستراتيجية. وحين تبرر له الصحافة في "تل ابيب" بأنه يتصرف بحذر وتفكير في مثل هذه المواضيع، تسأل هي نفسها: معقول الافتراض بأن نتانياهو يفهم أن وضع "إسرائيل" الاقليمي ساء؟. وان وجود بوتين يضعضع التفوق الاسرائيلي؟


هذا الذعر الاسرائيلي فرض على الصحافة العبرية الدعوة للتفكير والتركيز الاعلى في المواضيع الهامة، حيث لا مكان الآن للشعارات الانتخابية التمهيدية لبعض النواب.
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=50538