وجهات نظر

"إسرائيل" وتصدّع قوّة الرّدع

عمر معربوني


الإعلام تايم-الميادين

 

أمام كل هذه الأحداث من المؤكّد أنّ الدفاع الجوّي السوري دخل مرحلة التعافي بعد ست سنوات من الاستهداف المستمر سواء للمنظومات نفسها أو لمراكز الإنذار المُبكر، حيث تم وضع أسلحة ومواقع الدفاع الجوّي على رأس قائمة الأهداف التي دمّرت الجماعات الإرهابية قسماً كبيراً منها، إضافة إلى أن خسارة الجغرافيا أثّرت في انتشار المنظومات ، حيث عمدت القيادة العسكرية السورية إلى سحب المنظومات وتخزينها والإبقاء على عدد قليل منها.

 

أهميّة اعتراف " إسرائيل " بإسقاط مقاتلة  F-16 "الإسرائيلية " أنّه محطة مفصلية تُقفِل الباب على مرحلة وتفتح باب مرحلة لاحقة ، وما إسقاط الطائرة الاّ تتويج لسلسلة اشتباكات بين الدفاع الجوّي السوري من جهة والطائرات والصواريخ الجوّالة " الإسرائيلية"  من جهة أخرى .

 

بحسب معلومات مؤكّدة فهي ليست المرة الأولى التي يتم فيها إسقاط طائرات لكنها المرة الأولى التي تُعلن فيها " إسرائيل " عن سقوط طائرة من سلاحها الجوّي، ففي 13 / 9 / 2016 اعلن الجيش السوري إسقاط طائرتين إسرائيليتين إحداهما حربية في ريف دمشق، وأخرى للاستطلاع في ريف القنيطرة ، لكن القيادة " الإسرائيلية " يومها نفت إصابة الطائرتين لتعلن بعد أقل من شهر عن إصابة طائرة F-16  بأضرار عند هبوطها على المدرج.

 

في 18/10/2017 أعلن الجيش السوري أيضاً إصابة طائرة F-35  "إسرائيلية" وهي فخر الصناعة الأميركية وهو ما نفته أيضاً القيادة " الإسرائيلية " لتعود وتعلن بعد أيام إصابة طائرة F-35 بأضرار نتيجة دخول سرب طيور في محرّكاتها ، وهو أمر يتعارض مع تقنيات الطائرة المجهّزة بتجهيزات تمنع تأثير الطيور على محرّكاتها .

 

على مدى الشهور الستة الفائتة حصلت أيضاً سلسلة اشتباكات بين منظومات الدفاع الجوّي السوري والطائرات والصواريخ " الإسرائيلية " أسقطت خلالها منظومات الدفاع الجوّي السورية معظم الصواريخ الجوّالة .

 

أمام كل هذه الأحداث من المؤكّد أنّ الدفاع الجوّي السوري دخل مرحلة التعافي بعد ست سنوات من الاستهداف المستمر سواء للمنظومات نفسها أو لمراكز الإنذار المُبكر، حيث تم وضع أسلحة ومواقع الدفاع الجوّي على رأس قائمة الأهداف التي دمّرت الجماعات الإرهابية قسماً كبيراً منها، إضافة إلى أن خسارة الجغرافيا أثّرت في انتشار المنظومات ، حيث عمدت القيادة العسكرية السورية إلى سحب المنظومات وتخزينها والإبقاء على عدد قليل منها.

 

مع بدء استعادة الجغرافيا السورية وخصوصاً بعد الشروع في عمليات البادية بدأت القيادة السورية بإعادة نشر المنظومات التي أُدخِلت عليها تحديثات هامة وتحديداً في مجال معدّات المُتابعة والسيطرة .

 

في المرحلة التي بدأت فيها عمليات التصدّي للطائرات والصواريخ "الإسرائيلية" كنا على يقين أنّ المنظومات بدأت تدخل مرحلة التكامل التشغيلي، رغم أنّ عمليات التصدّي حتى يوم 10/2/2018 كانت تتم عبر استخدام عربة أو قاعدة إطلاق واحدة، وهو اشتباك نقطي ضمن قطاع محدّد لنكون يوم إسقاط ال F-16  فجر السبت أمام تشغيل تكاملي اشتركت فيه أكثر من قاعدة إطلاق من أكثر من نقطة إطلاق وهو ما أدّى إلى الإطباق على الطائرة وإسقاطها .

 

تقنياً نحن أمام اشتباك محدود رغم التشغيل التكاملي بالنظر إلى عدد الطائرات المُغيرة وعدد قواعد الإطلاق المُستخدَمة في التصدّي، وهو أمر طبيعي يتناسب مع طبيعة التهديد والذي يعني إمكانية رفع قدرات التصدّي بعد استطلاع عدد الطائرات وتقدير الموقف بشكل دقيق والدخول في مرحلة إعطاء أوامر الإطلاق بما يتناسب مع الحاجة .

 

في العام نحن أمام تحوّل كبير على المستوى التقني بالنظر إلى أن الدفاعات الجوّية السورية استطاعت حل مشكلة استخدام الطائرات المُغيرة المجال الجوّي اللبناني ، وهو أمر سيصل إلى مرحلة انعدام استخدام هذا المجال في أية مواجهة شاملة إذا ما كان لدى المقاومة اللبنانية منظومات دفاع جوّي يمكن التأكيد أنها موجودة من خلال تبليغ الطيّارين الصهاينة قيادتهم أن ست عمليات إطباق راداري تمّت على طائراتهم لثوانٍ محدودة في الأجواء اللبنانية ، ولكن أحداً لا يعلم أين تتواجد هذه المنظومات ولا مكان وزمان استخدامها لتبقى ضمن مفاجآت المواجهة القادمة .

 

مسألة أخرى ستؤرق القادة الصهاينة وهي إسقاط ال F-16  في المجال الجوّي لفلسطين المحتلة ، ما يعني أنه في أية حرب شاملة سيكون بمقدور الدفاعات الجوّية السورية استهداف الطائرات  " الإسرائيلية " بعد إقلاعها من المطارات .

 

بإسقاط الطائرة أضاف محور المقاومة عبر الدفاع الجوّي السوري تعقيداً آخر إلى سلسلة التعقيدات التي يُعاني منها جيش العدو بعد تهشيم هيبة دبابات الميركافا خلال عدوان 2006 على لبنان وإعطاب البارجة "ساعر " ليدخل سلاح الجوّ الصهيوني في دائرة تصدّع قوّة الردع التي يميل خطّها البياني تصاعدياً لمصلحة محور المقاومة .

 

في المواجهة القادمة من المؤكّد أن تحييد سلاح الجو الصهيوني وإعاقة قدراته سيتم أيضاً من خلال استهداف مدارِج المطارات وأنظمة السيطرة والإنذار المُبكر .

 

إن تنامي الرغبة الصهيونية بكسر قواعد الردع سيكون على رأس أولويات المخابرات الصهيونية، خصوصاً بعد ربط الحدود السورية – العراقية وما ستحدثه عملية الربط من تفعيل خط الإمداد الاستراتيجي من طهران إلى لبنان في الجوانب الاقتصادية والعسكرية واللوجستية ، وهو ما سيدفع الصهاينة إلى القيام باعتداءات أخرى لاستعادة الهيبة المكسورة عبر ضربات محدودة وموجِعة سيتم التخطيط لها بعناية ، لأن تكرار سقوط الطائرات في المرحلة القريبة والمتوسّطة سيكون وبالاً على العدو وسيحطّم أُسس العقيدة القتالية ، ما سيُجبر العدو على استخدام صواريخ أرض – أرض في أيّ استهداف قادم لتكوين معالم قواعد ردع ربما تكون قائمة على تبادل الردع بالصواريخ (أرض – أرض) وخروج سلاح الجو الصهيوني من دائرة التأثير كذراع طويلة كسبَ الصهاينة من خلالها حروبهم من 1948 حتى 2000، ليدخل الصراع في قواعد اشتباك جديدة فرضتها معادلات النصر في سوريا والمنطقة .

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=50505