وجهات نظر

باختصار : اتحدوا من أجل القضية

زهير ماجد


الإعلام تايم- الوطن العمانية

 

في سن الشباب الصغير كان الإعجاب بشعار "يا عمال العالم اتحدوا" ثم أضيف عليه و "يا شعوب الأرض المضطهدة اتحدوا" .. حدث انفصال بين مؤيدين للشعار، حين انتقد تشي جيفارا موسكو رغم سياستها الاشتراكية، واعتبرها تهادن الامبريالية.

مات الشعاران الآن، لم يبقَ منهما غير تفاصيل جميلة، في الوقت الذي هدأت فيه نفوسنا إلى الحد الذي صارت تقبل كل شيء وأي شيء. غسل الدماغ يعتمد إذن على عمر معين، وبعد هذا العمر يصبح مستحيلا السيطرة على الفرد.

في هدوئنا النفسي والجسدي إذن، وفي ظل القليل من الحماس المتبقي في النفس، لن ننسى أن الامبريالية ما زالت موجودة، لكن تبدل العالم بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، أسقط شعاراته الكبرى أيضا، فصار علينا أن نخترع الجديد منها في ظل التطورات الجديدة.. فلماذا مثلا لا نطالب شعوب العالم بنداء عبارة عن مانيفتسو رقم (1) تتبعه أرقام أخرى وكلها تصب في الدعوة إلى اتحاد العالم من أجل إنقاذ فلسطين، باعتبارها رمز الاضطهاد الإنساني في ذروته..

العرب مشغولون بحالهم ومآلهم، مع أنهم أولى بهذا الشعار الذي يتحملون مسؤوليته..

من المؤسف القول إن أي فلاش باك على الزمن السحري الذي كان فيه السوفيات وكان فيه عالم غربي مؤنس للشعوب، قد انتهى .. حتى دول عدم الانحياز صارت أكثرها منحازا للولايات المتحدة .. سقوط التجارب الذاتية في قارات الأرض وخاصة لدى الشعوب النامية، أسقط الاستقلالية فصار هذا الجمع من الدول تابعا ويحتاج بمعظمه إلى دعم مالي واقتصادي، وهذا ما يجعله تابعا.

لم تعد هناك قامات كبعض ما مر في التاريخ الحديث، تطلق شعارات كبرى مغرية في أكثرها .. لا يعني ذلك أن هنالك عقلانية أكثر أو واقعية مرتجاة، بل حالة الضعف هي السبب والحاجة إلى الدعم سبب آخر، والتمسك بالسلطة سبب ثالث.

فلسطين بحاجة لأمم الأرض جميعاً، وعليها أن تجتمع لتتخذ موقفاً وشعاراً رناناً، إذ ثمة من يرشحها للاختفاء، هنالك وسائل يجري اتباعها لهذه الغاية .. من المؤسف أن العالم الإسلامي الملتزم بالقدس قولاً وفعلاً توقف عن الكلام وتحول غضبه إلى صمت مطبق .. هو ما توقعناه منذ أن فعلها الرئيس ترامب بقضية القدس، وقلنا يومها إن ردات الفعل لن تكون سوى أيام ويسود السكوت كافة العالم الإسلامي والعربي وحتى الفلسطيني.

عندما أطلق ترامب موقفه من مدينة القدس، قدم له الدارسون معلومات وافية عن عالم إسلامي لا حيل عنده في الاستمرار أو التأثير على قراره، ولهذا كان مستعجلاً ومتغطرساً أمام الشاشات، بل اعتبر في آخر تصريح له أنه لو خرج الآن من الحكم فسيكون سعيداً لما اتخذه فقط من خطوة باتجاه القدس.

أعرف أن طلبي كمن يحرث في الماء، لكن فلسطين تظل وصية الوصايا من جيل إلى آخر. رحم الله الكاتب والروائي والفنان غسان كنفاني حين اعتبر خطف الطائرات في أيامه من أجل كلمة "لماذا" التي لا بد أنها كانت سحرية.

اليوم ليس من يسأل، من أجل أن يفعل. مات السؤال ومات الفعل، ومات العالم الذي كان في السبعينيات من القرن الماضي خميرة قضية فلسطين، وفيه قدم كثير منه أعمالا بطولية هزت عرش أميركا وإسرائيل وكل الداعمين لها والمتضامنين معها.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=50277