حوارات ولقاءات

المعراوي لـ"الإعلام تايم": هذه خيارات المفقود زوجها.. ونصوصنا القانونية لا تخالف الشرع


الإعلام تايم|| طارق ابراهيم - رنا الموالدي

 

تزوجت ابنة الـ14 عاماً، للوهلة الاولى "الامر طبيعي" حتى وإن كان الزوج لم يكمل عامه الـ16، المثير أن الطفلان كانا يلعبان سويا قبل أن ينادي الابوان على الطفل والطفلة "الزوجان" ليتم عقد قرانهما بمباركة من أصبح بين عشية وضحاها "قاضيا شرعيا في محكمة شرعية تتبع جبهة النصرة".. الطفلة التي أنساها والداها دميتها التي كانت تلازمها قبل أن يغزو الفكر المتطرف والمتشدد قريتها، وتنقلب تلك الدمية الى"فعل من صنع الشيطان"، اعتقدت أن الامر مجرد لعبة ولم يخطر ببالها أنها ستتحول مسؤولة عن أطفال سيكونون في القريب العاجل بين يديها.. المسألة الاهم والاخطر أن الزواج لم يدم أكثر من ستة أشهر لخلاف حصل بين العائلتين، لتصبح "الطفلة الزوجة" في عصمة رجل آخر، قبل أن تكمل عدة الطلاق"الشرعية" أو حتى قبل أن يتم تسجيل زواجها الاول!!!


لم يكن طلاق "الطفلة الزوجة" لأحد كثير من الاسباب التي عددها القاضي الشرعي الاول بدمشق محمود المعراوي لموقع الاعلام تايم، والتي فندها الى عامة وخاصة أو "ماقبل الازمة" و"أثناء الازمة" فهي لم تكن لخلاف بين "زوجة وأم الزوج" أو لإهمال أحد الزوجين لواجباته الزوجية، أو لخيانة زوجية.


ولم تكن بسبب الهجرة أو الغياب أو الفقدان، أو لإهمال ناجم عن سوء استخدام لوسائل التواصل الاجتماعي أو بسبب الأفلام والمسلسلات الأجنبية وخاصة "التركية" التي ساهمت في زيادة حالات الخيانة الزوجية والتفكك الأسري، لان كثيراً من تلك الاسباب ممنوعة الوجود أصلاً في مجتمع انغلق على نفسه بفكر استمد قيمه من المغالاة، فالزواج كان لمصلحة اقتضت أن يكون النسب حاضرا بين العائلتين المواليتين لتنظيم إرهابي وعند تفرق رأس العائلتين حول الأحقية بالاتباع مع كثرة المجموعات الارهابية المسلحة، اقتضى حكما تفريق الطفلين "الزوجين".


نسبة طلاق القاصرات في المحاكم الشرعية أقل مما تتوقعون!

المعراوي وفي لقاء خاص مع موقع الاعلام تايم، نفى ادعاءات تقول إن "قانون الأحول الشخصية في سورية سنّ بعض المواد التي تختلف مع ما يقوله الشرع، قائلاً "ليس صحيحاً أن القانون يحتوي على أحكام تخالف الشرع الإسلامي، وهذا القول الناشئ عن الجهل بمصدر الأحكام القانونية والجهل بالأحكام الشرعية أيضاً".


كما أن نسبة طلاق من تزوجت وهن قاصرات إلى طلاق من تزوجن بعد اكتمال أهلية الزواج وبلغت سنة 2015 نسبة ثلاثة بالمائة فقط. أي أن 97% من حالات الطلاق هي لمن تزوجن بعد اكتمال أهلية الزواج


واستشهد المعراوي بمواد القانون قائلاً إن "المادة (16) من قانون الأحوال الشخصية السوري، الصادر عام 1950، تنص على أن سن الأهلية القانونية للشاب هو بتمام الـ 18 عامًا، أما الفتاة فتكون بتمام سن الـ 17.. فيما تنص المادة (18) من القانون أنه إذا ادعى المراهق البلوغ بعد إكمال سن الـ 15، أو إذا ادعت الفتاة ذلك بعد سن الـ 13، وطلبا الزواج فيأذن لهما القاضي بعد التحقق من صحة ادعائهما وقدرتهما الجسدية على الزواج، ويشترط موافقة ولي أمرهما.. والاخذ بالمادة (19) التي تقول إنه "من شروط الكفاءة الزوجية تناسب السن، فإذا كان الخاطبان غير متناسبين سنًا ولم تكن هناك مصلحة في هذا الزواج فللقاضي ألا يأذن به.


واشترطت المادة (15) من قانون الأحوال الشخصية لأهلية الزواج: العقل والبلوغ، فيما اعتبرت المادة (16) منه أن اكتمال  أهلية الزواج في الفتى بإتمامه الثامنة عشرة من عمره، وفي الفتاة بإتمامها السابعة عشرة وهذه الأحكام القانونية مصدرها الفقه الإسلامي وليس فيها أية مخالفة شرعية.


وعن زواج القاصرات هذه شروطه؟
وأضاف المعراوي أن اكتمال أهلية الزواج هو الأصل في الزواج، وأجاز المشرع استثناء للقاضي أن يأذن بزواج القاصرة التي أتمت الثالثة عشرة من عمرها ولم تتم السابعة عشرة ضمن أربعة ضوابط: البلوغ واحتمال الجسم وموافقة ولي القاصرة والتناسب في السن بين القاصرة وخطيبها، لافتاً  إلى وجوب موافقة القاصرة على الزواج لأن القانون منع ولاية الإجبار أي أن يقوم الولي بتزويج القاصرة بدون رضاها أو بدون موافقتها.


ونوه القاضي الشرعي الاول بدمشق أن غالبية التشريعات العربية والعالمية أجازت للقاضي إعطاء الإذن بزواج القاصرة دون تحديد سن أدنى للزواج أحياناً وأحياناً أخرى يكفي المشرع بضابط المصلحة فقط أي وجود مصلحة للقاصر بهذا الزواج كالقانون الأردني وأحياناً  بدون ضوابط.


وفيما يخص إحصائيات زواج القاصرات قال المعراوي: "من خلال إحصائيات المحكمة الشرعية بدمشق فإن نسبة زواج القاصرات خلال عام 2016 لم تتجاوز 13% فقط، منها 3% تم زواجهن عن طريق المحاكم الشرعية وضمن الضوابط المذكورة، و10% تم زواجهن عرفياً وتم تثبيت الزواج بعد حصول الحمل أو الولادة عن طريق المحكمة الشرعية.


من السهل إثبات واقعات الزواج والولادة في المحاكم الشرعية!
وعن مصير واقعات الزواج والولادة، أشار القاضي المعراوي أنه من السهل إثباتها أمام المحكمة ففي حال حضور الزوجين إلى المحكمة فإن تصديقهما على قيام الزوجية بينهما يكفي لتثبيت الزواج، وكذلك تثبيت النسب ولا حاجة لحضور شهود، أما في حال غياب أو فقدان أو وفاة الزوج فيجب على الزوجة أن تأتي بشاهدين  إلى المحكمة ليتم تثبيت زواجها ونسب أطفالها، وتقبل شهادة الأصول والفروع في إثبات الزوجية، كما تقبل شهادة من حضر مجلس عقد الزواج العرفي أو من حضر حفل الزفاف، كما تقبل الشهادة على سماع أيضاً.. وبمجرد ثبوت الزوجية يثبت نسب الأولاد ضمن الشروط التي حددها القانون لثبوت النسب.


وفي حالة إنكار الزوج للزواج العرفي وعجز الزوجة عن معرفة أسماء أو عناوين شهود الزواج وعدم وجود أي شاهد من أهلها وحصل الزواج وهي حالات نادرة جداً فبإمكانها أن تثبت الزواج باليمين الحاسم".


وهناك حالات نادرة جداً لم تستطيع الزوجة فيها تثبيت زواجها إما لعدم معرفتها اسم زوجها الحقيقي ونسبته ومحل ورقم قيده، وجهلها بعنوانه، وقد وردتنا حالتان من هذا النوع في السنة الماضية  ففي هذه الحالة يتم تسجيل الأولاد في السجل المدني على قيد والدتهم، والخيار الارجح أن يعطى الأولاد نسبة الأم ويتمتعون بكافة الحقوق القانونية وفق أحكام المادة 29 من قانون الأحوال المدنية.


وننوه أيضاً إلى أن المساومة والمفاسد الناتجة عن بعض حالات زواج القاصرات إنما تقتصر على الزواج العرفي حيث تضطر المحكمة لتثبيت الزواج العرفي الذي تم خارج المحكمة ودون التقيد بالضوابط المذكورة، إما بوجود حمل ظاهر ثابت بتقرير طبي أصولي وإما لوجود أولاد.


ماذا تفعل المرأة التي فقدت زوجها؟
وعن المرأة التي فقد زوجها أعطاها قانون الأحوال الشخصية ثلاثة خيارات" دعوى تعريف الضرر التي لا يشترط فيها  بمرور مدة معينة على الغياب"، أو "دعوى تفريق للغياب وهذه الدعوى يشترط فيها مرور سنة على غيابه"، أو أن دعوى اختيار المفقود ميتاً ويشترط فيها مرور أربع سنوات على الفقدان، لافتا الى أن ما يحدث فيما يسمى بـ"المناطق الساخنة" من قيام ما يسمى بـ"الهيئات الشرعية" بتطليق المرأة بعد مرور أربعة أشهر أو ستة أشهر أو سنة على غياب زوجها وتزويجها من آخر دون انتظار عدة بمقولة أن الغياب استغرق مدة العدة هي فتاوى وأحكام باطلة، ولا يمكن إنهاء الحياة الزوجية في حال فقدان الزوج إلا بحكم من القاضي ووفقاً لقانون الأحوال الشخصية النافذ في سورية مهما مر من زمن على غياب الزوج أو فقده.


الخطاب الديني يحذر
وعن الدور التوعوي للقضاء الشرعي حول ما شاب واقع المجتمعات من تشويهات للفقه الاسلامي بانتشار دعاة أصدق ما يقال عنهم "دعاة على أبواب جهنم" أشاد القاضي المعراوي بجهود وزارة الأوقاف في توجيه الخطاب الديني نحو التحذير من خطورة الفتاوى الصادرة عن "الهيئات الشرعية" في مسائل الزواج والطلاق والفقدان بشكل خاص، والتأكيد على أن المرجع الوحيد في هذه الأمور هو محاكم الأحوال الشخصية الرسمية.


وأضاف المعراوي أنه شارك في عدة ندوات حول أحكام المفقود وألقى عدة محاضرات بهذا الشأن بالتنسيق بين وزارة العدل ووزارة الأوقاف وأيضاً مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومع المجلس الدانماركي اللاجئين التابع لمنظمة الهلال الأحمر ومع  الأمانة السورية للتنمية ومع جمعية التآلف لخدمات النازحين، كما شاركت  في توقيع مذكرة التفاهم بين وزارة العدل والهيئة السورية للأسرة حول إيجاد أيسر السبل القانونية لحل مشكلات تسجيل زواج  ونسب المهجرين وخاصة في حال فقدان الأزواج... إضافة إلى اللقاءات الصحفية والإذاعية والتلفزيونية المتعددة.


رغم العديد من التقارير الاعلامية التي كشفت أسباب وأهداف زواج القاصرات سواء أكان من الجانب الاجتماعي أو الديني، واعتبرت أن ذلك جاء من باب "أعراض تنتهك بحجة السترة"، الا أننا لم نلمس في تقريرنا هذا ما يخالف ذلك من الناحيتين الاجتماعية والدينية برأي القاضي الشرعي الاول وذلك حسب قانون الاحوال الشخصية.
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=43&id=50229