وجهات نظر

باختصار: الافتقار إلى المناعة

زهير ماجد


الاعلام تايم _ الوطن العمانية


لا بد من التذكر دائما، أن لإسرائيل استراتيجيتها في المنطقة تنسجم في أكثرها مع المفهوم الأميركي لها .. وأن التعارض مع الاسترتيجية الإيرانية فيها، يعني وضع الأسافين الممكنة لعدم حصول تسوية في سورية، على الأقل في هذا القطر العربي. سورية رهينة، ومن قال عكس ذلك.


الزنار الذي يبدأ في طهران ويمر في العراق ثم في سورية وصولا إلى لبنان، لن يسمح له الأميركي الذي هو رأي إسرائيلي بالأساس، أن يتمدد مجانا، أو حتى بثمن. مفهوم الإيراني تعمل واشنطن على إقصائه من المنطقة، حربها عليه منذ أن وطأت قدم ترامب في البيت الأبيض، ولسوف تزيد ـ خصوصا بعد اتضاح السبب الذي من أجله أميركا غيرت تكتيكها الميداني في شمال سورية، ليس حبا بالكرد، ولا عشقا لشوارب عبدالله أوجلان، أو صوت المغني الكردي البديع شيفان، وإنما لأبعاد أميركية إسرائيلية بحتة، يمكن للأميركي أن يمتطيها لتحقيق غاياته التي باتت معروفة .. دائما هنالك إسرائيل في أزمات المنطقة، كي لا نضيع البوصلة المركزية لحكاية الصراع الإسرائيلي الذي تغير ضده الشكل العربي وتقلل من شأنه الفلسطيني ..


الرئيس ترامب قرر ضمن حساباته أيضا تجويع الفلسطيني على حد تعبير صائب عريقات .. ضربات متلازمة في الشرق الأوسط لا يريد أن يفوت أيا منها، كما لا يريد أن يظهر تقهقرا أمام الجنرالات في أميركا، القضاء والقدر الذي يحكم اليوم، مقابل أن يظل ترامب الناطق الرسمي باسمهم وبفهمهم وبخطواتهم التي ستتبعها خطوات .. إذ لكي نفهم ماذا بعد أميركيا؟ علينا أن نفهم ماذا قبل؟ وماذا استجد؟ وماذا قد يكون؟


هي هجمة أميركية على المنطقة المتعثرة بفوضاها، والمكتئبة بمناخاتها التي يعمل على إبقائها كما هي، إذ ليس هنالك أفضل من هذا الشكل الذي رست عليه الأوضاع العربية من أجل العمل على ثباتها بكافة الطرق، واجتراح الأفكار نحو المزيد من فوضاها وتخريبها، وهو ما تبني عليه إسرائيل آمالا، بل هي من يقول دائما كلمته الأولى والأخيرة في كل شأن يخص العالم العربي.


كل ما هو ظاهر في أوضاع المنطقة، سواء في شمال سورية، أميركيا وتركيا، أو في العراق، أو حتى في ليبيا، وكذلك اليمن التعيس الذكر، وما قد يتفتق أيضا عن عقل تصنيع الفوضى، إنما هو اللازمة المنتظرة والمتوافرة في خزائن مراكز الدراسات الكبرى الصهيونية والأميركية .. نحن نتعب في التفصيل بما يحدث أو يتطور أو ينتقل من حالة إلى حالة أخرى قد تكون أسوأ وأفظع.


إنه الوضوح في كل مجريات المنطقة، للتركي خطوطه العريضة الاستراتيجية التي يقدمها أحيانا بالنار وأحيانا بالسياسة لكنه لن يحيد عنها، وهم الأكراد، وثانيا كيف الخروج من الأزمة السورية كما لو أنه لم يخطئ في حساباته .. والأميركي الإسرائيلي بأهدافه الموحدة القريبة منها والبعيدة .. والروسي بمواهبه الذكية في التعبير الذي نشهده إلى الحد الذي يمكن القول أن ليس فيه أي خطأ في الأداء .. أما الإيراني والسوري وحزب الله وقوى أخرى، فهؤلاء يقدمون عرضا استثنائيا في محاولة تغيير الخطط المضادة من خلال انتصارات ميدانية.


يتعب كثيرا كتابنا العرب وغير العرب في الانشغال بظواهر تبرز بناء على تطوير في الأداء السياسي أو العسكري، وهو ما له أسسه في تاريخية العلاقة الأميركية الإسرائيلية بالمنطقة العربية التي وصلت إلى هذا الدرك لافتقارها إلى المناعة.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=50117