سنة 1987 وقف "محمد حامد أبو النصر" المرشد الرابع في تاريخ جماعة الإخوان المسلمين مخاطباً أنصاره قائلاً "الانضباط والطاعة هما سرّ تماسكنا وبقائنا". هذا الخلاف ظلّ حبيس الغرف المغلقة ولم يتسرب لأفراد التنظيم. ثم أتت أحداث فضّ الاعتصام الدامية، فجمعت الصفوف وزادتها لحمة، إذ أجبرت حدة الألم الكل على تنحية الخلافات، أو لنقل الاختلافات. "لمدة شهرين تقريباً كان عندنا يقين أن مرسي راجع بأمر الله"، يقول محمد البحيري من شباب الجماعة في المنوفية، لكن مع مرور الوقت، ومع ازدياد فاتورة الدم حدث انقسام داخل أفراد الجماعة، وتحديداً بين صفوف الشباب. "سارة" إحدى الفتيات المنشقات عن الجماعة، هي إبنة القيادي الإخواني "محمد علي" عضو مكتب شورى الجماعة الذي لقي مصرعه في أحداث فض اعتصام رابعة العدوية. تقول لرصيف 22 "كتير من جيل الشباب بقى رافض اللي بيحصل ده، فاتورة الدم أصبحت باهظة. القتل لا يتوقف وقيادة الجماعة رافضة تطوير سبل المواجهة، ومصرة على نفس الأداء".
كثير من الشباب يرى أن من الأفضل نقل المعركة للخارج، وفتح جبهتين الأولى إعلامية، بمخاطبة العالم، والثانية قانونية بملاحقة رموز النظام في المحكمة الجنائية الدولية. أما محمد (21 سنة) فيعبر عن فصيل آخر من شباب الجماعة، فصيل يرى أن القيادة تسوق مؤيدي الجماعة إلى الذبح دون خطة واضحة للتصعيد، وأن دور الضحية الذي تفضله قيادات التنظيم لا يصلح في مواجهة السيسي. مجموعة من شباب الإخوان أطلقوا في ذكرى 25 يناير الثالثة "بيان اعتذار" يعتذرون فيه للقوى الثورية معترفين بخطئهم في اختيار مسار مخالف للثورة، وخصوا بالذكر تَرْكهم للثوار يواجهون العسكر وحدهم في أحداث شارع محمد محمود الدامية، مطالبين القوى الثورية بالتجمع من جديد على قلب رجل واحد.
قيادات الجماعة، وتحديداً "محمود حسين" أمين التنظيم، ورجل الجماعة القوي المقيم في قطر، أغضبه البيان وفصل كل من وقع عليه. لم يكن الاجتماع موفقاً، هكذا يصفه أحد الحضور. "محمود حسين" رفض مناقشة فكرة عوده الشباب المفصول، مؤكداً أن الجماعة لم تخطئ، وحين طالبه الوفد بما أطلق عليه الشباب "التصعيد" أجاب أن الوقت ليس مناسباً وأن عليكم بالصمود والاستمرار، وأنهى اللقاء منفعلاً. "أحمد بان" الكاتب والباحث بمركز النيل للدراسات الاستراتيجية، والإخواني المنشق يقول: "هذا الانشقاق داخل شباب الجماعة هو ما أسفر عن عزوفهم عن المشاركة في المسيرات والمظاهرات مما أدى لضعفها" لكنه يضيف "هناك سببٌ آخر وهو غياب القيادة المركزية، فالجماعة تتحرك الآن بنظام "يوم بيوم"، أضف إلى ذلك أن الملاحقات الأمنية منعت اجتماعات المكاتب الادارية، وعليه أصبح نقل التعليمات أصعب وأصبحت شبكات التواصل الاجتماعي هي الوسيلة الوحيده تقريبا"ً.
الأخبار المنتشرة داخل صفوف الجماعة هي أن من يدير التنظيم في مصر اليوم هو الدكتور "عبد الناصر عبد الفتاح"، والذي تم ترقيته مؤخراً وضمّه لمكتب الإرشاد. وإن كان "عبد الجليل الشرنوبي"، الصحافي ومدير موقع إخوان أون لاين السابق، يقلل من دور "عبد الناصر" في الإدارة، ويؤكد أنه لا إدارة حقيقة على الأرض الآن، وأن دور "عبدالناصر" لا يتجاوز كونه ناقل تعليمات عامة من أمين التنظيم في قطر. |
||||||||
|