وجهات نظر

باختصار: عالم بلامؤسسات

زهير ماجد


الإعلام تايم- الوطن العمانية

 

العرب لا يقرأون .. كما أنهم لا يتقنون معنى المؤسسات البحثية والدراسية والمعلوماتية وسواها .. عديدة هي الأقوال من هذا القبيل التي يطلقها الغرب على أمة بكاملها، مضاف إليها مفهوم مسح الذاكرة.

ربما لهذا المنطق صحته أو بعض صحته إذا أردنا الحقيقة العارية .. نحن نستقي جل معلوماتنا مما يهطل علينا من مؤسسات الغرب المختلفة الإعلام والتوجه .. والمشكلة أننا إذا قرأنا معلومة لمؤسسة عربية فقد لا نصدقها، إلا إذا كانت صادرة من الغرب.

هي عوامل تبعية نقر بواقعها وحقيقتها .. تجاوزنا الغرب كثيرا بهذه المسألة المتقدمة ، العقل الغربي جمعي، وهو أيضا أنشط وسط جماعته ، بل جماعة. ومنذ ما صار هنالك غرب وعرب لن يلتقيا كما قال سلامة موسى، كان من سبل تقدم هذا الغرب هي الاعتماد على المؤسسات وليس على الفرد، تبنى المؤسسات على قاعدة فكر الجماعة، ومن ثم على المعلومات وليس التخمين، بل إن التحليل الغربي يبنى دائما على المعلومات وليس على مجرد الجلوس وراء المكاتب وسط مبردات فيما العالم الخارجي يتجاوز الخمسين درجة حرارية.

عندما حاول الراحل أحمد زويل البحث عمن يؤمن له مؤسسات بحثية، لم يجد في العالم العربي سوى مستمعين يهزون رؤوسهم إعجابا، لكن لا تنفيذ . في حين قامت الولايات المتحدة على المؤسسات، التفكير الجماعي يمنح الفرد أريحية اكتشاف قدراته .. أما الفردية العربية فتنطلق من تلك التربية الاجتماعية التي تعتبره رجلا لكل الفصول والمهمات والأفكار، فإذا هو فردي لا يؤمن بدور الجماعة ويسعى دائما لتحقيق ذاته.

لكن الأهم أن لا إيمان عربياً بالمؤسسات البحثية التي يصرف عليها في الغرب أموالا طائلة، وفي إسرائيل وحدها تدفع المليارات على مؤسسات من هذا النوع، بل أن الولايات المتحدة وهي الأهم في هذا المجال، مغمورة بالمؤسسات من هذا القبيل، وصولاً إلى الرئاسة.

في عصر التحديات الذي نعيش، لا يبقى غير المؤسسات القائمة على الاجتهاد الدائم .. هل يمكن لنا أن نتصور مثلا حدوث ما يجري لنا في عالمنا العربي دون أن تكون المؤسسات الغربية وخصوصا الأميركية والإسرائيلية قد كانت المفكر والمخطط وأما التنفيذ فمتروك لنا .. منطقتنا الغنية بخاماتها وبمواقعها الجغرافية الساحرة والمهمة وبما تعنيه سياسياً واقتصادياً ، هي تحت السيطرة الدائمة ، والفضل في ذلك إلى ملايين الأوراق المشغولة بعناية التفكير المضني من أجل الوصول الى هذا الهدف.

في لبنان مثلاً هنالك محاولات لمؤسسات لكنها فردية بكل أسف، ورغم أن بعضها يتلقى أموالاً وارتباطاً ببعض مؤسسات الغرب، إلا أن الايمان لدى من يقودها بدورها الاستثنائي ليس متوفراً .. وكذلك الحال في مصر على ما اعتقد ، وفي غيره من العالم العربي.

هذا التخلف العربي في مجال يمكن تسميته بالأساس المؤسس لعالم الغد، لا يمكن الخلاص منه بتلك النظرة اليه. فمن لديه المال، يرفض المغامرة بمؤسسة من هذا النوع تحتاج لوقت طويل لكي تدر أرباحاً أو قد لا تدر في أحسن الأحوال، وكل همه بالتالي جني أرباح سريعة من شتى التجارات .. في الوقت الذي يغيب عن ذهن دولنا العربية أهمية أن يكون للدولة مؤسساتها البحثية طالما أن العقل الفردي هو المهيمن ، وأحياناً بشكل ديكتاتوري.

المطلوب إذن تشجيع هذا النمط من المؤسسات، وتنمية المجتمع على أساسه .. ولا بأس أن تذوب الفردية في الجماعة إذا أردنا عقلاً مؤسساتياً جديراً بدور طليعي.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=49849