وجهات نظر

أما بالنسبة للقدس.. فـ"جعجعة بلا طحين"!!

طارق ابراهيم


الاعلام تايم

إنه لمن المثير للاشمئزاز أن تجد صحفاً وأشخاصاً وقنوات تلفزيونية ناطقة باسم فلسطين.. تضع قضية القدس جانبا،  وتلج في أعماق ما يجري في ايران بين تحليل وتعليق وكأن إيران(التي لا تعترف بإسرائيل أصلاً) من اعترفت بالقدس عاصمة لاسرائيل و قررت نقل سفارتها من "تل أبيب" الى القدس.. وبالأمس القريب صادق "الكنيست" الاسرائيلي على قانون "القدس الموحدة" الذي يمنع أي "حكومة إسرائيلية" التفاوض على أي جزء من القدس إلا بعد موافقة غالبية نيابية استثنائية لا تقل عن ثمانين عضواً من أصل 120.


وقاحة ما بعدها وقاحة أن تحيّد صحيفة "القدس العربي" قضية القدس وتقدم سؤالها عن "مظاهرات إيران"، للمندوبة الاميركية في الامم المتحدة نيكي هايلي.. وللعلم هايلي صاحبة الفيتو الاميركي الاخير في مجلس الامن ضد القدس، والمدافعة التي قالت عن نفسها "لو بقيت وحيدة لن أسمح بتمرير أي قرار يفسد نشوة الاسرائليين والاميركيين بقرار ترامب".


أما بالنسبة للجامعة العربية التي تبرز عنترياتها فقط على "الأخوة" العرب عبر فتاوى "الجهاد" و"عواصف الحزم"،  تنوي اليوم وبعد شهر من القرار الترامبي المشؤوم عقد قمة استثنائية لأجل القدس، ومراقبون يتساءلون أليس من المفروض أن يطرد زعماء في تلك الجامعة سفراء "اسرائيل" وواشنطن من عواصم بلادهم، فيما يتوجب على الباقين وقف حملة التطبيع العلنية مع كيان الاحتلال، إن كانت غايتهم"نصرة"القدس.. ولكن هيهات إن كان الامر التزام بوصية مؤسس(وثيقة تاريخية أثبتت صحتها تقارير إعلامية)تقول الوثيقة: "أنا السلطان عبد العزيز آل سعود، لا مانع عندي من إعطاء فلسطين للمساكين اليهود".


عندما أحرق الصهاينة الاقصى 1969، قالت رئيسة حكومة كيان الاحتلال غولدا مائير "لم أنم ليلتها خوفاً من العرب وعندما الصباح أدركت أنهم نائمون".. أما الرئيس الاميركي دونالد ترامب صاحب "الغزوات والتحالفات لحلب الضرع المليء بمليارات الدولارات"، لم يقم أي وزن لتحالفاته، بل وقف مزهوا يصرخ بأعلى صوته بأنه جاء اليوم الذي يجب أن تعترف واشنطن بالقدس عاصمة لإسرائيل.


الاربعاء الاسود 6/كانون الاول/2017.. أطلق على ذلك اليوم الذي وقع ترامب فيه على قرار الكونغرس المشؤوم منذ 22 عاما الذي بموجبه سيتم نقل السفارة الاميركية من تل أبيب الى القدس، لاقى غضبا عارما في أغلب دول العالم، وخاصة في فلسطين التي لم تتوقف فيها "أيام الغضب"، التي تنذر بانتفاضة فلسطينية ستحرق "أخضر إسرائيل ويابسها" -إنْ كتب لها الاستمرار- وقد سقط عدد كبير من الفلسطينيين في مواجهات مع قوات الاحتلال بين شهيد وجريح ومعتقل، فيما شهدت معظم دول العالم إنْ على المستوى الرسمي أو الشعبي دعوات للوقوف مع القدس المحتلة ومناهضة الاحتلال ورفض قرار ترامب من خلال المسيرات والاحتجاجات أمام سفارات واشنطن ومباني الامم المتحدة.

صدمة وخيبة أمل شعر بها العرب والمسلمون بشكل خاص ومعظم دول العالم بشكل عام، حيال الموقف المخجل للجامعة العربية، ومنظمة التعاون الاسلامي، اللتان خرجتا ببيان ورقي يدين ويرفض ويستنكر، ولم تتخذان أي خطوة تجبر ترامب على التراجع عن قراره.. وخاصة تركيا حيث القمة الاسلامية "الاستثنائية"، هدد أردوغانها بقطع العلاقات مع اسرائيل فيما كان سفير الاخيرة يتنزه قرب قصره. 


الذهول الذي ساد الموقف، بدا واضحا من مواقف العلماء والدعاة الذين نشطوا بفتاويهم، ,وتفننوا بإطلاقها، الفتوى تلو الاخرى للمطالبة بـ"الجهاد" في الشام، بينما صمتوا وكأن فلسطين لا تعنيهم أبدا، بل على العكس فالنظام البحريني والسعودي ووعاظ بلاطيهما، غردوا متضامنين مع "اسرائيل" وقرار ترامب.. وكان لهم الدور الاكبر في إقناع الفلسطينيين بما سمي"صفقة القرن" لتصفية القضية الفلسطينية الى الابد، والوسائل الاعلامية التي روجت للصفقة هي نفسها  اتخذت من منابرها وسيلة لتجنيد الارهابيين في كل أنحاء العالم للانضمام الى صفوف التنظيمات الارهابية في سورية والعراق واليمن، وخرست حيال القدس واكتفت باعتبارها قضية دولية تحل عن طريق مجلس الامن.. وسعت لتمجيد وتقديس من سمي "زورا وبهتانا" رئيس لجنة الدفاع عن القدس الذي توسل برسالة سربها الاعلام لترامب بأن لا يفعلها!! ، فيما يخوض صاحب الولاية والوصاية  على القدس ومقدساتها ملك الاردن، حربا إعلامية لتثبيت لقبه "خادم أولى القبلتين وثالث الحرمين"..


أمران لا ثالث لهما يجعلان ترامب في خانة التراجع الاجباري عن قراره وهما مقاطعة "اسرائيل" والولايات المتحدة في مختلف المجالات وخاصة المقاطعة الاقتصادية للبضائع وإغلاق السفارات وطرد السفراء وتقليص التمثيل الدبلوماسي.. والبداية يجب أن تكون من منظمة التحرير الفلسطيني في سحب اعترافها بكيان الاحتلال الاسرائيلي، وعدا ذلك كله "جعجعة بلا طحين"!!

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=49734