حوارات ولقاءات

البطرك مار أغناطيوس أفرام الثاني لـ"الاعلام تايم": صلوات الميلاد المجيد لأجل سورية والقدس


الاعلام تايم _ حوار ( طارق ابراهيم _ مارلين كوركيس )


لم تكن وحدها شجرات الميلاد المنتشرة في شوارع دمشق من أنار درب ليلتنا التي قصدنا بها بيت السلام والمحبة، فهناك نور خفي جذبنا الى حيث نقصد، طمأنينة ملأت قلوبنا عندما اقتربنا من المكان حيث كانت تلك البسمات والترتيلات تخرج من الاجراس تنثر سلامها على أجواء عكرت صفوها سنوات عجاف من الحرب الارهابية على سورية، وأرادت أن يعلو صوت رجائها ليعم الأمن والسلام على سورية.


قداسة البطريرك مار أغناطيوس أفرام الثاني بطريرك أنطاكية وسائر المشرق، الرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم، يقول في لقاء مع فريق الاعلام تايم: "هذا النور الذي ترونه سيعم بعد ظلام خيم على قلوب السوريين لسنوات، وسنجعل من الميلاد المجيد فرصة للعودة بالتفكير، فعندما ولد السيد المسيح في بيت لحم أعطى رجاء والملائكة ظهروا في السماء ورتلوا " المجد لله في الاعالي وعلى الارض السلام وفي الناس الرجاء الصالح والمسرة".. رجاء يجعلنا مستمرين بحضورنا وفعاليتنا في خدمة المجتمع، ونواصل العطاء إيمانا ينبع من قناعتنا بأن "المعطي المسرور يحبه الله".


في البداية كان حديثنا عن القدس وحول قرار الرئيس الاميركي الاخير باعترافه بالقدس "عاصمة لكيان الاحتلال الاسرائيلي": مبدياً غضبه وتفاعله مع مسيرات الغضب التي تعم العالم رفضا للقرار الاميركي قال البطريرك: القدس عاصمة لسكانها الاصليين من المسيحيين والمسلمين الذين يحملون الجنسية الفلسطينية وهي عاصمة لفلسطين.. هذه المدينة المقدسة من أصحاب الديانات التوحيدية، ستبقى أبوابها مفتوحة أمام كل المؤمنين فهي المحج  للمسيحيين، فيها كنيسة القيامة مدفن السيد المسيح والاماكن المقدسة التي عاش فيها، وهي مدينة ذات طابع ديني خاص لجميع الديانات التوحيدية، أما بالنسبة للسريان للمدينة أهمية خاصة، فيها دير مار مرقس "العلية" حيث "اجتمع السيد المسيح لغسل أرجل التلاميذ ولأكل  الفصح معهم"ومنذ ذلك الحين اعتبر الدير مركزاً لكنيسة السريان التي يقيم فيها مطران بشكل دائم، كما تعتبر كنيسة يوسف و نيقوديموس داخل كنيسة القيامة وتعود للكنيسة السريانية، لنا كسريان ارتباط كبير بالمدينة فقبل مجيء العثمانيين  وقبلهم الصلبيين كان السريان يهتمون بكنيسة القيامة وقد جددها حسن بن الخمار البغدادي السرياني في القرن التاسع وبداية العاشر.

أما بالنسبة لتزامن قرار ترامب مع الاعياد الدينية الإ‘سلامية والمسيحية قال البطريرك أفرام الثاني"لا أعتقد أن ترامب فكر بالأعياد قبل إطلاق رسالته أو إعلانه فلو كان مهتماً بالمناسبات لما فعل هذا الفعل غير المقبول، ونحن بدورنا في كل لقاءاتنا أكدنا رفضنا ولن نقبل الا أن تكون القدس عربية وعاصمة لفلسطين". 


وعن الهجرة والتهجير الذي طال السوريين بشكل عام والمسيحيين بشكل خاص ومنهم السريان اتخذنا إجراءات عديدة لمنع ووقف تلك الهجرة، فبداية كان لابد من توعية المواطنين أن ما يحدث هو في سياق السياسة العالمية لإفراغ الشرق الاوسط من الكيان المسيحي، فكانت الاساليب عبر الضغط من المجموعات الارهابية المسلحة على المواطنين الذين عانوا من ضغوطات  اقتصادية، ولم تكتف الكنسية التي تنبهت للأمر منذ بدايته، بالتوعية، بل بدأت بإنشاء المشاريع الانمائية لتوفير فرص العمل ومساعدة الناس على  مواجهة التحديات لاقتصادية والاجتماعية.


ولم تكن الكنيسة بمنأى عن فكرة التسويات والمصالحات فهي أساسا قائمة على فكرة المصالحة التي هي جوهر الديانة المسيحية، كما كل الديانات، فقد مارسنا دورا مهما في هذا الملف وعبر مشاريع التنمية، ومن منبركم الاعلام تايم، نوجه رسالة الى وزارة المصالحة الوطنية أننا على استعداد للمشاركة في أي عمل يعيد لأي منطقة سورية الامن والامان عبر المصالحة، كما فعلنا في السابق في حمص القديمة و الحسكة و القامشلي.

 

وعن بناء الانسان قال البطرك: الحرب أثرت بوجهين مختلفين الاول أن بعض الناس الذين بفطرتهم جبلوا على المحبة والانسانية تخلوا عن إنسانيتهم ونفذوا مشاريع معادية وكان الدافع المادي وراء ذلك، وعلى العكس تماما الحرب أظهرت أفضل ما في الانسان، فهناك من وقفوا ومدوا يد المساعدة للناس في محنتهم، ونحن بدورنا نعمل مع الاوقاف لإطلاق عمل مشترك بمناسبة الاعياد حول المواطنة والموضوع اليوم هو القدس.


كما للكنيسة اليوم برامج توعوية وتثقيفية للسوريين بشكل عام،  ونحاول أن نقوي الرجاء في قلوب السوريين وإبعادهم عن اليأس المدمر، لأن ما جرى في سورية كفيل بإدخال اليأس وتحطيم المعنويات، والناس بحاجة الى سلام وطمأنة وهذا ما نقوم به أثناء جولاتنا وزياراتنا، نعيد الامل ونزرع في قلوبهم فكرة أن المستقبل سيكون أفضل، مع المساعدات المادية والمعنوية حتى نصل الى نتيجة تكون لصالح بلدنا وهو طرد فكرة الهجرة من نفوس السوريين.

الكنيسة متهمة وأي تهمة، لقد ألبستها هذه التهمة شرف عظيم كما يقول البطرك، فالوقوف مع البلد وتقدير تضحيات الجيش العربي السوري، والصمود بجانب الشرعية، شرف وعكس ذلك خيانة، في ألمانيا شعر رئيسها بالإحراج لأنه استقبلني، فقلت له "شكرا على صراحتك، اذا كان استقبالك لنا يضعك في إحراج لأنك تعتبرنا مساندين للدولة، فهذا شرف لنا لأننا نقف مع الشرعية التي تحارب الارهاب نيابة عن العالم، وأضاف البطرك "المسيحيون بشكل عام والسريان بشكل خاص كانوا مخلصين للبلد ونحن لم نكن كنيسة دولة كما في بعض الدول في الشرق وأوروبا.. نحن مؤمنون ومواطنون صالحون نعمل من أجل الصالح العام للبلد الذي نعيش فيه".


وعن مبادرة "مار افرام" المهتمة بأمور الاغاثة والتي تأسست منذ النزوح العراقي 2003 ففي وقتها اضطررنا الى وجود مؤسسة للاهتمام باللاجئين وأمورهم الحياتية والمعاشية، وعندما أصبحت بطريرك دب فيها النشاط،  رأيت فيها أملا كبيرا، ولعبت المبادرة دورا مهما على مستوى سورية وكان نشاطها مقتصرا على دمشق واليوم تنشط في كل المحافظات حتى في خارج سورية، لدينا عشرات الشبان الموظفين ونحن نتجاوب فيها مع متطلبات الوطن، كما لدينا شراكات مع مؤسسات أجنبية كنسية وغير كنسية في أوروبا وأميركا تساعدنا في برامجنا، والمستفيد كل أطياف المجتمع السوري.


وختم البطرك قائلا سيكون لنا دور مهم في المستقبل لمساعدة الناس في إعمار مدنهم وبيوتهم، والاتفاق صدر مع بعض المؤسسات الدولية للبدء بالمرحلة الاولى من إعادة الاعمار وإصلاح البيوت.
ميلاد مجيد ورجاء بأن يعم السلام والأمان كل أنحاء سورية، دعواتنا وصلواتنا لأجل سورية.

 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=43&id=49600