وجهات نظر

حلب.. المعركة التي غيّرت وجه المنطقة

عمر معربوني


الإعلام تايم - الميادين

 

الحديث عن معركة حلب يحتاج بالتأكيد إلى الآف الصفحات لجهة التفاصيل والتعقيدات التي واكبت المواجهة فيها حيث الإصرار لدى الجماعات الإرهابية ومشغليها على إسقاط المدينة والإصرار الذي قابله من الجيش العربي السوري وحلفائه في الدفاع عنها وتحريرها ونظراً لضيق المساحة الممنوحة سأكتفي بعرض مراحل المعركة ونتائجها بعناوين سريعة .


شكلّت معركة حلب طيلة أيام الحرب التي أُطلقت على سوريا المفصل الأساسي الذي كان الجميع يعرف أهميته لجهة التحولات التي ستنتج بالسيطرة على حلب ، وقد ادركت الدولة السورية مبكراً ما يُخطط لحلب وما تمثله من قيمة استراتيجية بسقوطها كان يمكن للحرب ونتائجها في سورية والمنطقة ان تسلُك مساراً مختلفاً عمّا حصل .


الحديث عن معركة حلب يحتاج بالتأكيد إلى الآف الصفحات لجهة التفاصيل والتعقيدات التي واكبت المواجهة فيها حيث الإصرار لدى الجماعات الإرهابية ومشغليها على إسقاط المدينة والإصرار الذي قابله من الجيش العربي السوري وحلفائه في الدفاع عنها وتحريرها ونظراً لضيق المساحة الممنوحة سأكتفي بعرض مراحل المعركة ونتائجها بعناوين سريعة .


بداية معركة حلب كانت في 19 تموز/ يوليو 2012 عندما بدأت الجماعات الإرهابية بالسيطرة على المراكز العسكرية والمدنية داخل المدينة وتحديداً في الأحياء الشرقية وهي جماعات انضوت في 18 فصيلاً عسكرياً كان أكبرها لواء التوحيد وبلغ عديدها حوالي الـ 7 الآف مقاتل جاء أغلبهم من أرياف حلب وإدلب، وقاتل حوالي الـ 1000 منهم في العراق اضافة إلى العشرات من الذين قاتلوا في أفغانستان وعملوا على استيعاب العناصر الأجنبية التي بدأت بالقدوم إلى حلب ، في حين أن الأحياء الغربية بكاملها بقيت صامدة بسبب حالة الموالاة للدولة من السكان الأصليين للمدينة.


شهدت حلب بين بداية المعارك ونهايتها الكثير من المراحل الصعبة الاّ أن أصعبها على الإطلاق كان خلال شهري آب/ أغسطس وأيلول من سنة 2013 حيث استطاعت الجماعات الإرهابية ان تُحاصر الأحياء الغربية للمدينة ، وجاء ذلك بسبب سيطرة الجماعات الإرهابية على أغلب أرياف المدينة، وعلى الطريق الواصل إليها بين حماه وحلب وهو الأمر الذي استدعى القيام بحملةٍ هي الأكثر جرأة وإبداعاً في تاريخ الحروب في شهر تشرين الأول/ نوفمبر من سنة 2013 بعد أسابيع على حصار حلب من خلال شقّ طريق بديل بطول يقارب ال 200 كلم في أرض معادية بالكامل ما يمكن اعتباره الممّر الذي انقذ حلب وغيّر وجهة المعركة فيها ، هذا الطريق الذي لا يزال حتى اللحظة الطريق البديل للوصول إلى حلب وينطلق من حماه نحو السلمية وأثرية مروراً بخناصر والسفَيرَة، وصولاً حتى حلب وهو الطريق الذي تعرّض لعشرات الهجمات منذ فتحه بهدف قطع الطريق إلى المدينة .


التحولات الهامّة في حلب بعد فك الحصار عن الأحياء الغربية عبر اطلاق العمليات نحو المدينة الصناعية وفكّ الحصار عن السجن المركزي وهي العمليات التي أسّسّت لعملية فك الحصار عن مدينتي نبل والزهراء والإقتراب فيما بعد عبر تحرير باشكوي ومزارع الملاّح للإقتراب من طريق الإمداد الأساسي للجماعات الإرهابية في الأحياء الشرقية وهو طريق الكاستيلو الذي تمكنّت وحدات الجيش السوري وحلفائه من السيطرة عليه وقطعه بتاريخ 17 تموز 2016 ووضع الجماعات الإرهابية في الطوق لأول مرة منذ سيطرتها على الأحياء الشرقية بعد اربع سنوات كاملة .
بعد شهر من محاصرة الجماعات الإرهابية شنّت الجماعات الإرهابية الهجوم الأكبر والذي شارك فيه حوالي الـ 12 ألف مقاتل واستطاعت السيطرة على منطقة الكليات العسكرية واجزاء من منطقة الراموسة وفتحت الطريق بصعوبة الى الأحياء الشرقية وقطعت الطريق الواصل إلى حلب في منطقة الراموسة .


في هذه المعركة كان باستطاعة الجيش العربي السوري الصمود والقتال، ولكن القرار الأسلم الذي يرتبط بعامل الجغرافيا والعدد الكبير للمهاجمين كان عبر إعادة التموّضع للحفاظ على سلامة المدافعين وتحسين شروط المُدافعة من خلال وضع المهاجمين في بقعة الرّوْع او بقعة القتل وهو ما أوصل الأمور إلى نتيجة معاكسة لما أراده المهاجمون حيث كان تكتيك بقعة الرّوع من أفضل التكتيكات التي ادّت إلى خسارة الجماعات الإرهابية أكثر من 3000 قتيل ومثلهم أو أكثر من الجرحى ليتم بعدها طردهم من المنطقة والتقدم إلى مواقع أضافية بسبب حالة الإنهيار التي عاشوها .


خسارة الجماعات الإرهابية معركة الكليات العسكرية وفيما بعد معركة غرب حلب وقع الكارثة على الجماعات المحاصرة في الأحياء الشرقية التي دخلت سريعاً في مرحلة الإنهيار وتساقطت معاقلها بشكل متسارع ادّى إلى عقد اتفاقية خروج هؤلاء من الأحياء الشرقية بتفاهم روسي – تركي بتاريخ 22 كانون الأول 2016 لنكون أمام سنة من خروج آخر إرهابي من حلب .
حينها كان هناك إجماع بين الخبراء الموالين للدولة السورية والمعادين لها أن ما بعد انتصار حلب ليس كما قبله بما يرتبط بالتحولات الجيو- سياسية الكبيرة التي ستحصل إن لجهة تحرير الجغرافيا وتطويعها وهو ما نعيشه حالياً حيث نشهد نهاية ” داعش ” أو لجهة النتائج السياسية وكان قبول تركيا المشاركة في لقاءات آستانة إحداها .


معركة حلب التي شُبّهت بمعركة ستالينغراد كان لتداعيات الإنتصار فيها نفس تداعيات الإنتصار في ستالينغراد التي أسقطت أحلام النازية بينما اسقط انتصار حلب أحلام أردوغان وقضى بالضربة القاضية على مخطط التقسيم .
ورغم وجود الجماعات الإرهابية عند مشارف مدينة حلب الشمالية والغربية حتى اللحظة إلاّ أن معالجة هذه الحالة يتم حالياً بالطرق السياسية عبر لقاءات آستانة التي يجب أن تصل من خلالها الأمور إلى مرحلة التفاهمات لتسوية أوضاع الجماعات التي لم تعد قادرة عسكرياً على مواجهة الجيش العربي السوري في حال تجمّدت اللقاءات في أستانة لأي سبب علماً بأن قوة الجيش باتت الآن قادرة على سحق أية جماعة وهو ما نراه في ريف حماه الشمالي الشرقي وفي منطقة جبل الشيخ حيث يتقدم الجيش وحلفائه بسرعة كبيرة .

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=49579