وجهات نظر

باختصار : لا وسيط نزيها !

زهير ماجد


الإعلام تايم-الوطن العمانية

 

لم يتوهم أحد أن تعدل الولايات المتحدة الاميركية من موقفها ازاء القدس ولا تستعمل حق النقض الفيتو في مجلس الامن ضد أي قرار مناقض لها. كما أنه تسرب من معلومات، أن السفيرة الأميركية في الولايات المتحدة هايلي أرسلت إلى عدد من أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة تأمرهم فيه بعدم التصويت أيضاً ضد قرار الرئيس ترامب.

 

الإهانات تتالى على رأس العرب وما من موقف صارم تتخذه ولو دولة عربية ما من هذا الوضوح في الموقف المنحاز لصالح اسرائيل. هل هو زمن طأطأة الرؤوس خوفاً، أم مسايرة، أم تأييداً.

 

سواء كان حالة من تلك الحالات، فالعرب قرروا منذ زمن بعيد، وقبل أن يقول محمد حسنين هيكل جملته المشهورة عن العصر الأميركي، بل قبل أن يقول أنور السادات أن الشرق الأوسط بيد أميركا مائة بالمائة، فإن قسماً كبيراً منهم، وضع عضويته في قمم عدم الانحياز أسمياً، بينما كان فعليا منحازاً للأميركيين، وهو أمر سهل على أميركا الإزادة في الانحياز لصالح اسرائيل، ودائماً التخلي عن أن تكون وسيطاً نزيهاً في الصراع العربي الصهيوني.

 

اليوم اذن ستنعقد الجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل القدس بناء على طلب من تركيا واليمن .. والمؤكد كما قلنا، أن الضغوطات الأميركية ستؤدي حتماً الى اخفاق المحاولة الأخرى في الأمم المتحدة .. لكن المؤكد أكثر، أن لا تعليق من أي عربي على ما سيجري وما سيكون .. وأن هنالك رهاناً أميركياً على الزمن الذي سيؤدي الى التلاشي والنسيان التدريجي عند الشعب الفلسطيني وبقية الشعوب، وأن العرب كما هو رأي الأميركي والاسرائيلي والغربي بلا ذاكرة، بل ينسون بسرعة أو على الأكثر يحتاجون لوقت للنسيان ليس مهما توقيته، لكنه سيحصل لا محالة.

 

من المؤسف القول أن هذا يحدث دائماً، وقد يحدث الآن، والرهان العربي على حصوله قبل أي رهان آخر اميركي أو اسرائيلي .. لعبة الزمن ليست غربية فقط، انها عربية أيضاً، ومشهود لها عبر عصور عديدة ..

 

فهل ينسى الفلسطينيون وهم مطالبون قبل غيرهم بان تظل ذاكرتهم شابة ومفتوحة على شتى المفاجآت .. ينبغي القول أن على الفلسطيني أن لا يأمل كثيرا بشقيقه العربي وأن لا يعتمد عليه الى ما شاء الله من أجل فلسطين. عليه أن يهتم بإرادته وبقراراته وبقوته وامكانياته، وبتضحياته مهما كانت التكلفة، ومن دفع هذا الكم الكبير من الشهداء، لن يبخل المزيد من اجل قضيته الكبرى. وكلما أعطى الفلسطينيون وأمدوا قضيتهم بالوقود الكافي وهو الدم والعرق والسهر والحراك الدائم، يمكن في هذه الحالة ان لا يصاب العربي بالنسيان.

 

من المؤكد اذن أن تفشل الجمعية العامة للأمم المتحدة في موقفها ازاء قرار ترامب الخطير، فماذا سيكون عليه الرد الفلسطيني. الى أين سيذهب وماذا سيفعل غير الكلام المباح، مع الأسف القول.

 

دعونا لأول مرة أن لا ننسى كعرب بوصلتنا الدائمة، وأن نظل من أجلها متيقظين وذاكرتنا مفتوحة لها. صحيح أن وجه فلسطين فلسطيني، لكن عمقه عربي وهو الأساس في معركة المصير القومي.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=49553