تحقيقات وتقارير

جيران النهر.. "بكير لسا ما اختنقنا"


الإعلام تايم - رنا الموالدي


من نافذة الباص الذي يقلني إلى مكان عملي  كانت الشمس لا تزال تختفي خلف الغيوم وحرارة الجو مثلت خير دليل على قدوم فصل جديد..


حتى الآن يبدو المشهد عادياً لكن ماذا حين نصل محاذاة نهر الميسات.. لا يسعني حينها إلا الاكتفاء بالزفير دون الشهيق..


مسافة رائحة النهر  تبدأ من الميسات امتداد الجسر الابيض مروراً بالروضة ووصولاً إلى حي المالكي.. نغلق النوافذ ونكتم أنفاسنا لكن هذا ليس الحل، حيث تتجدد يومياً معاناة سكان هذه الأحياء من انبعاث الروائح الكريهة الصادرة من المجرى المائي للنهر جراء تحويل مجاري الصرف الصحي عليه، الأمر الذي اشتكى منه الاهالي  مراراً خلال الصيف الماضي، معبرين عن استيائهم من الروائح الصادرة عن النهر وتجمع الحشرات حوله بسبب الأوساخ المتراكمة فيه ما أثر سلباً على الأبنية السكنية المحيطة بالنهر الامر الذي أنذر بمشكلة بيئية.


ويشير سكان حي الميسات إلى أن هذه الظاهرة لم تعد قابلة للاحتمال إذ يقول  صاحب أحد المحلات الواقعة بالضفة المقابلة من مجرى النهر في ساحة الميسات "بكير لسه ما اختنقنا" متابعاً " إن الأمر لم يعد يطاق، مستغرباً من تأخر الجهات المعنية باتخاذ الاجراءات والتغاضي كل الفترة الماضية، ما سبب مشاكل بيئة وصحية كثيرة".


بينما يعزو أحد القاطنين بجوار النهر الرائحة المتزايدة المنبعثة من النهر أن منسوب النهر الشهير الذي يخترق دمشق ينخفض الى حد التوقف شبه الكامل عن الجريان في أشهر الصيف بفعل الجفاف والاستخدام الجائر والتلويث المفرط لمياه النهر، متسائلاً كسابقه هل عجزت البلدية طوال الصيف عن إيجاد الحل، موضحاً أن سكان الحي  تقدموا أكثر من مرة بشكاوي ليتم وضع حد لتلك الأزمة.


نهر بردى الذي ينبع من نبع غزير جنوبي بلدة الزبداني شمال غرب دمشق، ويسير متعرجاً بضعة كيلومترات حتى مزرعة التكية، و يدخل في واد عميق شديد الانحدار يعرف باسم وادي بردى، ثم يدخل  منطقة الربوة بجانب سكة القطار وطريق المصايف، ليدخل إلى دمشق مخترقاً المدينة وصولاً إلى الغوطة المحيطة بالمدينة زادت معدلات تلوثه و التي قابلها زيادة في معدلات الوعود الحكومية التي  تتحدث عن خطط ودراسات وتخصيص ميزانيات كبيرة لمعالجة التلوث المستمر.


تلك الخطط تمثلت بالاستراتيجية التي أطلقتها مؤخراً وزارة الإدارة المحلية بالتعاون مع محافظة دمشق حيث اتخذت القرار برفع الأذى عن نهر بردى بكلفة ما يقارب الـ١٤ مليار ليرة.


عن توقيت القرار صرح محافظ دمشق بشر الصبان "تأخرنا بهذا القرار ولكن أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي، وصحة المواطن لا تقدر بثمن".


أما رقم الـ١٤ مليار ليرة الذي صدم الجميع، بعد التصريح الذي خرج فيه المحافظ، لفت صبان أن المبلغ المرقوم لإنشاء محطات معالجة، حيث وصف نهر بردى من الثالوث التكويني لمدينة دمشق وهذا الثالوث هو الغوطة وبردى وقاسيون.


وعن فترة التنفيذ أكد صبان بأنها ستتم خلال عامين، وفند مبلغ الـ١٤ مليار ل.س كما يلي..

– إنشاء محطتين للمعالجة، الأولى في جمرايا بكلفة ٦.٥ مليار ليرة والثانية عند معمل الإسمنت بدمر بكلفة ٤ مليار ليرة، وذلك لرفع كل خطوط الصرف الصحي الممتدة إلى محور النهر.
– ١.٥ مليار ليرة لتنفيذ محور الصرف الصحي من عين الخضرة حتى محور المحطة بطول ٧٧٠٠ متر.


موضوع كهذا لا يكفيه ما قلناه، بل لا بد من إستراتيجية بيئية تشارك بإحداثها كل القوى الفاعلة حكومية أو غير حكومية، عدا عن الناشطين في هذا المجال، وكل حسب قدرته، وليس حسب مزاجه أو تصدره للحدث أو وفق حصيلة مالية محددة بدقة رياضية عالية لمصالحه.. فسكان هذه الاحياء أصبحوا بين كره منازلهم والتعايش مع ملوثات مكروهة.. وجهات لا تكف عن إصدار تصريحات العمل للتخفيف من حجم أزمة التلوث.


فهل سيكون الواقع مخالفاً تماماً لهذه التصريحات والوعود أم ليس بالإمكان أحسن مما كان..!!

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=49496