وجهات نظر

باختصار : على وتر الوطن

زهير ماجد


الإعلام تايم -الوطن العمانية

 

كل الأوطان بحاجة ماسة للأغنية الوطنية، فكيف حين يكون الوطن مهددا بمصيره وبشعبه وبقامته .. جيلنا تربى على هذا النوع من الاغنيات التي هدرت في عقله وفي قلبه وفي وجدانه.

 

اليوم نخسر المطربة شادية، آخر العمالقة الذين أثروا الاغنية الوطنية المصرية والعربية، تكاد اغنيتها ” ياحبيبتي يامصر ” ملحمة جيل يريد أن يسلم الراية لأجيال، أو أغنية ” أم الصابرين ” في ترنيمتها بكل الخير المصري .. كان كذلك محمد عبد الوهاب الذي سما بالأغنية الوطنية والقومية من قصيدة " فلسطين " الى " دمشق " الى الوحدة بين مصر وسورية ، الى الفدائي والى " ناصر " وغيره ..

 

أم كلثوم الرائدة قادت سيلاً من الأغنيات التي جسدت مراحل من الغضب العربي " سقط النقاب عن الوجوه الغادرة " الى فلسطين " اصبح عندي الآن بندقية " الى " والله زمان يا سلاحي " التي أصبحت لاحقاً النشيد الوطني المصري، الى " مصر التي في خاطري وفي فمي " … ومثلها عبد الحليم حافظ الذي يعتبر بحق مجسدا للمرحلة الناصرية بأغانيه الوطنية والقومية، وكان ثرياً في الإحاطة بكل ما يعتمل في المجتمع المصري ابان حكم عبد الناصر . وهناك العديد من المغنين الذين الهبونا تعلقاً بالأمة وبكياناتنا الوطنية.

 

لعب هؤلاء وغيرهم دوراً مهماً جداً في كل المراحل الوطنية وخصوصاً في مرحلتهم الغنية بالتحولات. ومثلهم كان الرحابنة وفيروز في تشكيلاتهم الغنائية الوطنية التي لم تترك عاصمة عربية، أو قضية مثل فلسطين وجوهرتها القدس، الى الغزل بالوطن اللبناني، ثم تلك الشاميات الخالدة في تفسير روح الشام التي سأل فيها شاعرها سعيد عقل " شآم ما المجد ؟ " فجاء رده " أنت المجد لم يغب " ، ثم " كأنك السيف مجد القول يختصر".

 

ويوم تفجرت المقاومة الفلسطينية في بقاع العرب كقوة تغيير وتعبير عن تحرير فلسطين، كانت الأغنية الجماعية الفلسطينية المرافقة لهذه الانطلاقة، بمثابة دفع معنوي للشعب الفلسطيني والعربي، وحملت دعوات إلى الارتباط بالأرض وبالبيت الذي هدمه الصهاينة وبحرب التحرير وبإطلاق الزغاريد في تشييع الشهداء وبحب الأرض وعشقها، ومن المؤسف أن السلطة الحالية تخلت عن تلك الأغنية الهادرة في معانيها مع أنها المطلوبة في هذه الظروف، بل في كل ظروف القضية الفلسطينية المظلومة.

 

لاشك أن الأغنيات الوطنية لها مساحاتها الفاعلة والمؤثرة في كل العالم، حتى أن القبائل القديمة التي لم تكن لتملك تعبيراً غير الموسيقى، كانت تطلقها بعنف قبل أية عملية أو أثناء الاعتداء عليها.

 

هذا النوع من الغناء له فعل تحريضي لازم لأي مجتمع، بل أنه يساهم في زيادة التعلق بالأوطان، وفي تحقيق تكاتف شعبي. وهو وصل في بلد كتشيلي مثلا، وابان الحكم الاشتراكي فيها الذي قاده في السبعينات من القرن الماضي سلفادور الليندي، الى أن أصبح على يد المغني الوطني فيكتور جارا مدرسة لتعليم سكان الريف الأميين مبادىء العلم الذي استفادت منه كثيراً.

 

من المؤسف أن هنالك تراجعاً في الأغنية الوطنية، كأنما كان ذلك النوع من الغناء حكراً على أسماء رحلت وتركت وراءها كنزاً منها .. فكم سورية بحاجة اليها، وكم هو العراق ….. وكم هو اليمن ، وليبيا وغيرها.

 

أما في سلطنة عمان فقد تسنى لي سماع العديد من الأغنيات الوطنية، فبهرتني بموسيقاها التراثية وبكلمتها المنتقاة من روح الشعب العماني ومن خصوصيته ,, سمعت أغنيات مثل" صوت للنهضة نادى" و" قابوس " و " بلدنا " و" قابوس فخر العرب " وغيرها من الأغنيات الحميمة الى القلب والعقل، الغنية بانتمائها لتراث عماني يحكي عالمه الخاص ويعبر عن ثورة شعب متعلق بقيادته الحكيمة مرتبط بأرضه المشعة خيراً على روحه.

 

 

 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=49218