وجهات نظر

استقالة الحريري.. "كلو الا إزعاج اسرائيل"

طارق ابراهيم


الاعلام تايم _ مقالات

هل سمعتم بقصة الفيل والذباب..


حطت ذبابة على جسد فيل وبعد لسعات متتالية انتفضت قائلة : "أنا راحلة" فالتفت لها الفيل ببرود "لم يكن حضورك ذا قيمة ليكون رحيلك مؤثراً".. تماما كما جرى باستقالة رئيس حكومة لبنان سعد الحريري.


رحل سعد أو أجبر على الرحيل.. كل المؤشرات تدل على أنه معتقل وخاصة في مقابلته الاخيرة على محطة المستقبل، وباعتباره يحمل الجنسية السعودية أجبر على الاستقالة لكي لا تتحمل السعودية أي تبعات دولية، ووضع في الاقامة الجبرية مع من سواه من أمراء آل سعود المحتجزين عند "فرعون" الذي أطل قبل أيام برأسه ليقول للناس "أنا ربكم الاعلى"..


"طفل الملك المدلل" اللقب الذي حصل عليه الامير سعد أيام الملك السابق عبدالله، لا تعترف لجنة مكافحة الفساد في السعودية باختطافه وإجباره على الاستقالة، بل يُصوّر الحدث على أنه إرادة حرة مستقلة من المستقيل الذي أظهره الاعلام "المجنّد" لخدمة محمد بن سلمان حياته الطبيعية في الرياض، خاصة وهو يزور قصر اليمامة وقصور أبناء زايد ويلتقي السفراء.. "مو قدران يحك راسو من كتر المواعيد" ويستقبل الملك في عودته من مكة، بعدما أصر اللبنانيون على المطالبة بمعرفة مصير رئيس حكومتهم المختطف، والتهديد بتدويل القضية.


طبول الحرب تقرع من يتولى حمل "راية الجهاد" هذه المرة.. لبنان خارج الجامعة العربية.. وحصار اقتصادي.. حكومة وحدة وطنية!!!! بدون حزب الله .. هذه وقائع الفوضى والحرب الاهلية التي أرادها ابن سلمان للشعب اللبناني، يذكرنا المشهد بما جرى في 6 حزيران 1982 عندما قرر جيش الاحتلال الاسرائيلي شن عملية عسكرية ضد منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، فافتعل محاولة اغتيال سفيره في لندن، شلومو أرجوف، وهاجم لبنان، واليوم الذريعة مهاجمة حزب الله بطلب لبناني(14 اذار) وسعودي يدفع الفاتورة، وينسق مع الاسرائيلي والاميركي(حلف محمد ابن سلمان، نتنياهو، وصهر ترامب ومستشاره جاريد كوشنير)، محللو الاعلام الاسرائيلي خرجوا هذه المرة غاضبين "لن نخوض حربا بالوكالة عن السعودية"، وآخرون وصفوا العملية أنها لا تعدو كونها بلبلة إقليمية لإبعاد الاعلام عما يجري في السعودية من انقلاب سياسي وحرب أهلية وشيكة الوقوع بين عشية وضحاها،  والتوجه نحو لبنان وملفات المنطقة الى أن يجلس "فرعون" السعودية على العرش ثم تعود الامور الى نصابها..


إذاً.. مختصر الحكاية أن ابن سلمان يريد تصفية كل "اللاءات" لتنصيبه على العرش، فكل المعتقلين وحتى من دُبّر قتله بليل "منصور ابن مقرن" بحادثة طائرة عسير، يرفضون تولية "الامير الماجن"عرش المملكة.. أليس هو من أحلّ "هيئة الترفيه" مكان "هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر" وقلصّ سلطة الاخيرة الدينية، وصاحب رؤية 2030 وما أدراك ما رؤية2030، وصاحب مشروع "نيوم" الصهيوني الاصل، وكلها مشاريع يقول متابعون لتعويض غنائم "غزوة ترامب"الـ500 مليار دولار التي قدمتها السعودية لترامب وحريمه..


بالعودة الى ال الحريري.. "لن تكون استقالة ابنها القشة التي قصمت ظهر البعير"، وهي تدري قبل غيرها من لغة جسد ابنها أنه معتقل بتهم تخص الانقلاب السعودي الذي كان محتمل الوقوع قبل صحوة ابن سلمان الاسرائيلية الاميركية، والتي صرخت بالحريري"سمن كلبك يأكلك" بعد التسوية اللبنانية التي أرست خلال عام استقرار لم يشهده لبنان منذ سنوات.


الاستقالة سواء أكانت طوعية أم إجبارية.. ففي كلتا الحالتين اعتدنا على تأتأة خطابات الحريري التي تنبع من منبت سعودي أصيل تحمل العداء وثقافة القتل التي تُدرّس أصولها في الجامعات السعودية.. هل نذكركم بخريجي تلك الجامعات دعاة "الجهاد" والقتل في بلاد الشام "العريفي والقرني والكلباني والفوزان والسديس" وقادة الجهاد أمثال عبدالله المحيسني، وأسامة بن لادن، وبندر الشعلان والقحطاني والعسيري، ثم يخرج السبهان ليقول إنهم دعاة اعتدال وسلام!!!!.. خطابات لا تمت للعربية بصلة فترفع المنصوب وتكسر المرفوع وتجر المفتوح وتسكن كل متحرك "اسمعوا خطابات ملوك السعودية وأمرائها "الاحياء منهم والاموات".. اليس من المفروض أن تكون اللغة العربية الفصحى لها من الاهمية مالها في بلاطهم باعتبارها لغة"كتابهم المقدس" و"الحور العين" في "الجنة" اللواتي تبنّت السعودية في فتاويها بأن يكن نصيب"الانغماسيين".


وكما جرت العادة عندما يستقيل مسؤول سياسي تهرع وسائل الاعلام لالتقاط معلومة أو تصريح أو لقاء مطول يشرح فيه أسبابه وشروط عودته إن كان في نيته العودة، وفي حالة سعد الحريري حيث تغص الارض التي لجأ اليها بوسائل الاعلام وأعلن منها بيان استقالته، لم تجرؤ وسيلة لمقابلته ليصرح لها، أما أن في الامر مافيه من أسرار.


بعد مرور أكثر من 10 على استقالة الحريري.. وما يجري الان من تحديد مدد زمنية لعودته.. نقول اذا عاد بريئا من التهم الموجهة له في السعودية (نستبعد ذلك.. لأن وثائق نشرتها مواقع أجنبية أثبت تورطه في انقلاب ضد ابن سلمان) فهو  سيلتزم الصمت حيال التدخلات السعودية في شؤون بلده، ويعود لنفس النغمة مع جوقته "ايران العدو وتل ابيب صديقتنا" وإن لم يقلها صراحة أو اقتناعا.. فما يمليه "الحاكم بأمر الله" في المملكة يعلنه الحريري عبر الشاشات.. لماذا في كل مرة تتطابق وجهات النظر الاسرائيلية السعودية و حلف الحريري في لبنان.. نفس الاشخاص يخرجون عند كل مناسبة ويصرخون"ما يهدد أمننا الوطني هو سلاح حزب الله".. "كلو الا ازعاج اسرائيل"..لا داعي للذهول تابعوا البرامج الحوارية على محطات لبنانية الـ"ال بي سي"و"ام تي في" والمستقبل و"ال دي سي" وآراء ضيوفها، لاستقراء ما يحاك للبنان خصوصاً وللمنطقة عموماً.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=48940