تحقيقات وتقارير

وللأحياء الشعبية خفايا و حكايا


الاعلام تايم _ سامر البشلاوي


قبل أن تقطن حيا عشوائيا في دمشق عليك أن تعلم أنك جمعت النقيضين معا الحظ وسوء الحظ وهذا يترتب عليه بعض القضايا كتعلم الصبر والعديد من المهارات كالقفز و"النط" و"التلوي" وأن تكتسب صفة اللامبالاة و"التنطيش"، ولا يمنع أن تمتلك بعض القوى الخارقة وذلك حسب الحالة المفروضة عليك (كأن تتنبأ بالغيب مثلا )أو (تمتلك جسدا فولاذيا لايؤثر فيه سقوط زريعة من هنا) أو (سقوط جدار عليك من هناك) أو أن (تحصر بين سيارتين تتنافسان فيما بينهما من له الحق باتجاه الطريق) ولاشاهد على ضراوة المنافسة إلا  جحوظ عينيك وفمك الفاغر مؤذنا بخروج روحك.


عليك ألا تستغرب إن شعرت بأن طريق مسكنك قد اختلف بين الصباح والمساء فلو ذهبت صباحا وعدت في المساء وشاهدت عمارة شاهقة أقيمت بأيام لاتستغرب! فهنا أساليب علم وتقنيات لم يصل إليها العالم وإذا لم تجد مكانا تركن فيه سيارتك وأمام منزلك إن كنت تملك منزلاً، لا تتفاجأ لأنه وبكل بساطة ليس لك حق وإن شاهدت حفرة في منتصف الطريق تقبّل وتعود على القفز والمناورة، باختصار صديقي القاطن الجديد أنت مفروض عليك كل يوم معركتين للخروج والدخول إلى الحي العشوائي في الصباح والمساء فاستعد وجهز أسلحتك الخفية.


بنى تحتية أقل ما توصف بالتحتية وغياب لكافة الخدمات.. عشوائيات في كل مكان.. تلوث بصري و سمعي وفوضى في كل شيء.. أصلا مايميز العشوائيات هي الفوضى وغياب شبه مطلق لمؤسسات الدولة التي غابت بالمطلق عن الاهتمام بهذه العشوائيات وتطويرها.


في المقلب الآخر وعلى بعد أمتار من كل حي شعبي يقبع حي راق.. أبنية منظمة وشوارع واسعه تتسكع فيها الشمس والهواء والأشجار.. كل شيء جميل ومنظم ويدعوك للارتياح البصري والسمعي.. نظافة في كل مكان، ولكن المؤلم في الطرح لماذا هذا الفارق ؟ ولماذا هذا التقسيم الطبقي الذي يولد نوعا من الشرخ الطبقي؟


المعروف أن أبناء الأحياء العشوائية الذين لاطاقة لهم للسكن في تلك المناطق المنظمة والفخمة كانوا ضمن صفوف الجيش العربي السوري في حماية البلد من الحرب الإرهابية التي استهدفت كل شيء، كما أن منهم كان في المقلب الاخر، خرج على أهل بيته وارتهن للأجنبي وقاتل شرفه وعرضه.


نحن أمام مفارقات رهيبة في عالم رهيب أبطاله يبحثون عن أشياء يفقدونها و"كل يغني على ليلاه"، أبطال الحي الشعبي وأبطال الحي المنظم إلى أن ينصف كل ذي حق حقه.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=48721