وجهات نظر

"مخطئٌ من ظن يوماً.. أن للثعلب ديناً"

طارق ابراهيم


الاعلام تايم - آراء


ثعالب باسم الدين.. ثعالب باسم الحرية.. ثعالب باسم العودة الى حضن الوطن.. هم أنفسهم الذين لبسوا ذات يوم ثياب الواعظين.. اليوم لباسهم مختلف.. خلعوا لباس الغزاة.. وحدها ربطة العنق الناطق الرسمي في ظل صمت، وراءه ما وراءه من المكر..


ليست المرة الاولى ولن تكون الاخيرة التي نشهد فيها تلون "المعارضة السورية" (وهو أكثر ما تجيده)على اختلاف وتعدد تسمياتها.. فـ"المطالب السلمية المزعومة" تحولت بين عشية وضحاها الى "بالذبح جيناكم".. و"السلميين العزل" مابين لفتة عين وانتباهتها أضحوا جزءاً من "المارينز" و"الموساد"، يتباهون بما تصنع أيديهم وتحمل من صواريخ الباتريوت الاميركية و الـ"لاو" و"ستينغر" الاسرائيلية.


ليس غريباً على "جبهة النصرة" كما "أخواتها في المعارضة" أن تغير جلدها وفق مقتضيات الحاجة.. ونحن في هذه الايام على موعد مع "اسم جديد"، بحلة جديدة، وكأن شيئاً سيتغيّر.. وهي التي حملت اسم "جبهة فتح الشام" صيف 2014 و"هيئة تحرير الشام" صيف 2016، المكونة من عدة "فصائل" يقودها جيش الفتح بزعامة السعودي عبدالله المحيسني.


لطالما حلمت النصرة ومؤسسيها وداعميها أن تكون "الطرف المعتدل" بين مئات المجموعات المسلحة في سورية، والذي تم ترويج "اعتداله"على الفضائيات الانسانية فوق العادة" وما أكثرها، متجاهلة التصنيف الدولي لها بالإرهاب وفق التعديل الـ13 للائحة التنظيمات المدرجة على قائمة الارهاب الاممي عام 2013،  والتي التقت زعيمها أبو محمد الجولاني، اللاهث خلف تسمية جديدة تنفي صفة التطرف والارهاب عن جبهته، متعهداً بتبني ما يسمى "علم المعارضة" بدلا من "لا إله إلا الله" الأمر الذي سبّب شقاق في صفوف هيئته. 


أردوغان "اللاعب على الحبلين" لحفظ ماء وجهه أمام شركائه في الدول الضامنة وتنفيذ نتائج "استانا"، تعهد بإنهاء سيطرة حليفته النصرة في محافظة ادلب وريفها عبر حملة عسكرية مزعومة على الاخيرة، غايتها الاساسية مداعبة خياله ببدء تحقيق الحلم "الصلاة في المسجد الاموي بدمشق" وإبقاء قواته في الاراضي السورية التي لطالما صرح السوريون أن أي تواجد لها هو بمثابة احتلال لا فرق بينه وبين "النصرة"..


بالعودة الى النصرة تقول مصادر أن الاتراك الداعمين عقدوا اجتماعات سرية مع قياداتها لحل نفسها مقابل تسلميها الامور العسكرية ولكن بثوب جديد فتكون من نصيبها "وزارة الدفاع" فيما يسمى"الحكومة المؤقتة".. وما حصل لم يكن في حسبان أردوغان.. ففي ظل الانشقاقات بصفوف الهيئة هناك تيار كبير أراد قتال الاتراك؟؟؟؟


نهج جديد من المفترض أن تطبقه "النصرة" في مناطق انتشارها في الشمال السوري، فهي بدأت بحرب ضد الصديق اللدود "داعش"، وانشق عنها الشرعيون السعوديون القادة في مكوناتها من جيش الفتح وأحرار الشام والزنكي، شعارها بذلك (جهاد العودة إلى حضن الحبيب الاول"الجيش الحر")، وكأن الاخير لم يطبق ذات المناهج ولم يذبح السوريين ويقطع رقابهم ويصلبهم على أعمدة الانارة ويتلذذ في حفلات الشواء لأطفال ونساء عدرا العمالية في الافران، ولم يأكل أكباد الجنود، ولم يمطر سماء مدنهم بالقذائف الصاروخية العشوائية التي قتلت مئات الابرياء ودمرت ممتلكاتهم، وتسبب في تهجير مئات آلاف المواطنين من قراهم وصادر ممتلكاتهم على أنها "غنائم حرب".


والحالة السائدة اليوم حيث ينتشر شذاذ الافاق.. تبادل الاتهامات والادوار، الانتقال من حضن الى حضن، ليصلوا الى الحضن الذي لا يلفظ ابناً تائباً عاد الى رشده، بعد أن لفظته كل الاحضان العثمانية والخليجية والاميركية والاوروبية، فالنفاق كان ظاهراً منذ أن ادّعوا أن قتالهم باسم الله.. وذبحهم.. ونكاحهم.. واقتتالهم وفتاويهم.. كله باسم الله.. يرفعون راية "لا اله الا الله" بنصرهم على أولئك الذين يرفعون نفس الراية.. ادعوا أنهم "أصحاب مطالب"، وما لبثوا أن كشروا عن أنيابهم وأظهروا حقيقتهم..


ما تعرضت له سورية كان فظيعاً وفريداً، وكان كله على أيدي الوعاظ(أصحاب العمائم وأصحاب المنابر السياسية)، الذين بدؤوا يعودون الى الاحضان السورية واحدا تلو الاخر، بأيد خالية الوفاض، وانكسار يحمل في طياته ذل الهزيمة، وليس تأنيب ضمير، وإن كانت ذريعتهم ومبررهم وحجتهم التي يلحنون في كتابتها مترافقة مع دموع تغسل غبار الانكسار الذي بدا على ملامحهم.. استصرخوا جيوش الاحتلال لانتهاك سيادة وطنهم واليوم يناضلون للعودة الى حضنه.. وكأنهم نسوا أننا حفظنا عن ظهر قلب قول العارفين:" مخطئ من ظنّ يوماً أَنّ للثعلب دينا".. والايام بيننا.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=48384