تحقيقات وتقارير

"لا للعنف.. لا للجهل" معاً.. لننهض بواقع الفتاة السورية


الإعلام تايم - رنا الموالدي

 

تعتبر فتيات العالم، مصدراً للقوة والطاقة والقدرة على الخلق ولا يستثنى من ذلك الفتيات اللواتي يعشن في ثنايا الأزمات والحروب.

 

سبع سنوات من عمر الحرب السورية والفتيات تعاني كل يوم من عنف وفقدان  المقربين وتهجير وفقر.. تقاوم بكل ما لديها في وجه ظروف الحياة الصعبة والحرب الدائمة وغياب المعيل.

 

الحرب التي حملت الفتاه السورية هموماً فوق طاقتها لم تستطع أن تطيح بالعادات والتقاليد البالية التي عفا عنها الزمن، فما زال يمارس  في حقها حرمانها من أبسط حقوقها، كالتعلم والعمل ففي وقت ظهرت فيه المنظمات والمبادرات الحكومية والاهلية التي تعنى بحقوق المرأة والطفل في المدن التي تأثرت بالحرب، نرى أن بعض الفتيات وبنسبة لا يستهان بها، يحرمن من حقهن في الالتحاق بالمراكز التي تخصصها تلك المنظمات لتعويض ما تم خسرانه بسبب الحرب، وهذا المنع يتم بحجة الخوف أو العادات.. فالتقارير تشير أن حالات التسرب المدرسي بلغت  مستويات كبيرة، خصوصاً في البيئات الريفية والفقيرة التي تعمد إلى إرسال أبنائها الذكور إلى العمل، وتزويج الفتيات للتخفيف من أعباء معيشتهم.

 

وحول ذات الموضوع نجد  فتيات تتعرضن يومياً للعنف الذي يخطف براءتهن، ويسرق أحلامهن مبكراً لتستيقظن على واقع يصنع من الطفلة زوجة، وذلك بسبب أفكار تحكم على إنسانيتهن بالموت بحجة أن الزواج المبكر يوفر نوعاً من الحماية ولكنه يدفع بالكثير منهن إلى مأزق كبير يقتل طفولتهن، ويمنع استمرارهن في الدراسة.. وتكبر الطفلة سنوات بعد أشهر من الزواج لتجد نفسها أماً على الرغم من عدم نضوج جسدها عدا عن حالات الإجهاض، ما يزيد من مخاطر الحمل والولادة حتى الوفاة.


وقد فسَّر القاضي الشرعي الأول بدمشق محمود معرواي في حديث سابق "للإعلام تايم" ارتفاع حالات زواج القاصرات، كنتيجة لواقع الحرب التي تدفع القاصر لأن تصر على الزواج من أي شخص بهدف الإنفاق عليها ولو كان عمرها غير مناسب، ناهيك أن أغلب عقود زواج القاصرات تجري خارج المحكمة، ويكون مثل هذا الزواج قصير الأجل، وهو ليس سوى غطاء قانوني للاستغلال الجنسي.. لذلك لجأت سورية إلى إمكانية تعديل بعض المواد في قانون الأحوال الشخصية، من ضمنها سن أهلية الزواج للفتاة، حيث تم اقتراح رفع أهلية زواج القاصر إلى سن 18 سنة بعدما كان اكتمال أهليتها في سن 17 سنة، كخطوة لتوحيد سن اكتمال أهلية الزواج بين الشاب والفتاة.


لذا حينما نتحدث عن حقوق الفتيات  وهو ما نود أن نسلط الضوء عليه في هذه المساحة فإن احتفال الأمم المتحدة باليوم العالمي للفتاة  يوم 11 تشرين الاول من كل عام جاء ليؤكد دعم الفتيات من أجل حماية حقوقهن، والمزيد من الفرص لحياة أفضل، وزيادة الوعي من عدم المساواة التي تواجهها الفتيات في جميع أنحاء العالم على أساس جنسهن.


فالملاحظ  للآثار السلبية التي  تعرضت لها سورية خلال الحرب يجد أنها انعكست على كل شرائح المجتمع السوري وخاصة النساء والفتيات فكان لا بد من إلقاء الضوء عليها وكيفية التعاطي الإعلامي معها للحد منها وصولاً إلى معالجتها هذا ما حدثنا عنه مدير الاعلام التنموي عمار غزالي الذي أوضح، أن الفتاة السورية كانت هي الحلقة الاضعف و المعاني الاكبر خلال فترة الحرب كانت الام الاخت الزوجة المعيلة ووقعت عليها الوطأة الكبرى للعنف القائم على النوع الاجتماعي جسدياً ونفسياً .. من هنا أتى  دور الإعلام للإضاءة على ما تتعرض له من استغلال واضطهاد ومحاولة إيجاد الحلول، حيث قمنا بالعديد من ورش التدريب والتأهيل وبناء قدرات الإعلاميين في مؤسسات الإعلام والثقافة بمختلف المستويات الصحفية والتلفزيونية والسينما على كيفية التعامل وإعداد رسائل وتقارير حول قضايا الفتاة للتوعية بهذا المجال ومواجهة الظروف الراهنة بمهنية عالية.

 

كما تم إنجاز دليل متكامل حول كيفية تناول قضايا العنف القائم على النوع الاجتماعي بشقيه الاعلامي والقانوني ،إضافة إلى إنجاز العديد من الفواصل الدرامية التي تتناول قضايا الفتيات باعتبار أن الدراما هي الأقرب إلى قلوب الناس لنشر الوعي و نقل الصور الحقيقية للمرأة.

 

وتابع غزالي اليوم "نحن بصدد القيام بحملة إعلانية طرقية تتناول قضايا العنف في جميع المحافظات وإعداد برامج تخصصية أكثر لقضايا المرأة السورية والفتاة خصوصاً، لتكون نقطة البداية لجهود ستبذل على كافة الصعد للفت الانتباه إلى التحديات التي تواجهها في أثناء تلك الطوارئ والأزمات وخلق الفرص وتشجيعهم ليكونوا جزء فاعل في المجتمع السوري".

 

نكتب هنا هذه الكلمات بدافع الرغبة في تجاوز كل العقبات التي يمكن أن تنتظرنا أو هي قائمة بالفعل وبقراءة بسيطة  للتاريخ  نجد أن جميع الحضارات التي بنيت بعد الحروب كان العلم أساس بنائها وليس العادات أو الموروث الاجتماعي وأن نهضة أي أمة تكون بتثقيف وتعليم أبنائها الذين يمثلون أسس حضارتها القادمة، وخاصة الفتيات بتهيئة كل الظروف المتاحة أمامها  لنيل ذلك الحق، لأننا بذلك نهيئ الفرص للأم والأخت والزوجة للقيام بدورها و تمكين نفسها فالفتاة التي استطاعت أن تستوعب قسوة الحرب هي ذاتها القادرة على تعويض عائلتها إن هي أعطيت مكانتها الحقة في التعلّم والعمل معاً، وهذا ما نطمح إليه في هذه الأيام.
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=48359