تحقيقات وتقارير

فنجانها المقلوب ..فضول يراودها كل نهار


الإعلام تايم - رنا الموالدي

 

أعشق ملاحقة حظي، ومعرفة ما يخفيه مستقلبي،  كم معلومات وطبائع تترجم شخصيتي وأستمتع بقهوتي فهي جزء أساسي و مهم من يومي.. أحاول ترتيب أفكاري العشوائية و لا أعلم متى سأتمكن من التوقف عن التفكير.


هي مجموعة آراء رصدها "الاعلام تايم" لأدق تفاصيل الجلسات اليومية سواء لربات البيوت التقليديات وليس انتهاء بالموظفات وكل ما يندرج تحت مسمى زميلات أو صديقات.. فمنهن المتزوجات وغير المتزوجات.. منهن المتسامحات مع الغير ومع الذات، ومنهن من هي على النقيض من ذلك.


ما يجمعهم حقاً هو فنجان القهوة الذي حقيقة لا يكاد يخلو من الثرثرة عن قصد أو  تحت غطاء حسن النية  مروراً بالقصص المليئة بالمعلومات "الطازجة" والأخبار الشيقة التي تواجهم يومياً وصولاً إلى مخلفات القهوة أو "تفل الفنجان" سيداً للمكان راسماً الآمال التي يتمناها كل من يود أن يفسر فنجانه.. لتجلس بعدما انهت فنجان القهوة، تنظر له لثوان، ثم تقلبه وتنتظر  قليلاً .. تعطيه لاحداهن لتركز في تلك الخطوط الكثيرة المليئة بالتفاصيل، والتي بعد دقائق من التركيز تحوله إلى مشاهد حية و حكايات مثيرة هذا ما تفعله مريم يومياً والتي تحدثت "للاعلام تايم" عن شغفها بقراءة فنجانها بالقول" أحب جداً أن يقرأ لي أحدهم فنجاني  سواء كان بيعرف أولا.." موضحة أن الأمر مجرد تسلية "كلام فارغ وتقطيع للوقت" و نادراً ما يقولونه يكون صحيحاً.. عموماً بالنسبة لي كفتاة عزباء تعجبني "فكرة الحديث عن الحب ،الغيرة و الارتباط".


على الجانب  تقول أخرى " ألتقي أنا وصديقاتي كل يوم لشرب القهوة حتى أصبح هذا الركن جزءاً لا يتجزأ من يومنا.. في يوم أعجبتني الفكرة تناولت إحداهن فنجاني وأصبحت تقرأ لي ما حصل معي في الماضي، وفعلاً كانت بعض الأشياء صحيحة، فكنت مهتمة بهذا الشي ء ولكثرة ما تكلمت نسيت الأمور التي ستحدد مستقبلي، لكن ما أتذكره هو أنني سأتزوج خلال العام وهذا الكلام من العام الماضي  وإلى الآن لم يحصل شيء، متابعةً "أنا من البداية لا أومن بهذه الأشياء وأعتبرها نوعاً من الخرافة بشكل أو بآخر، لكن اهتم لحرفية القارئ في تفسير الخطوط، وإن كنت لا أؤمن بكل كلمة يتفوه بها".


بعض الذين يقرأون الفنجان يصرحون بأن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد تسلية، إلا أن البعض الآخر يتخطى حد التسلية ليصل إلى الإيمان بما يقومون به ، زعماً منهم بمعرفة المستقبل من خلال قراءة وتحليل خطوط فنجان القهوة.. ما أثار جدلاً واسعاً  وانقساماً في الرأي بفتاوى عدم قبول الصلاة مدة 40 يوماً ممن يستعين بأشخاص لقراءة الفنجان  لذا حاول "الاعلام تايم" الاطلاع  على آراء ممارسي تلك التصرفات، حيث لوحظ أنه هناك اجماع كبير أنها اعتيادية من باب التسلية لا أكثر، وعزوا السبب في ذلك إلى أنه تفاؤل بالحظ.


فهل هناك أشخاص يستطيعون بالفعل معرفة المستقبل؟ وهل بات العديد من الشباب وخاصة الفتيات يتحولن إلى الاعتقاد بأن قراءة الفنجان تحقق لهم الطمأنينة في اختياراتهم سواء بالنجاح أو الفشل أو الزواج أو ما سيحدث، ونصائح تقدم لهم من قارئات الفنجان، إما بالرفض أو القبول للحدث.


هذا ما دفعنا  لمناقشة الموضوع  مع الدكتور و الكاتب في المجال النفسي الاجتماعي جميل ركاب الذي أوضح، أن  الفضول لمعرفة المستقبل بغض النظر عن الوسيلة المستعملة وغياب الأمل والصعوبات العاطفية تعتبر ظروف مناسبة جداً لطلب الناس لأي أمل خلال أي طريقة مهما بدت غير منطقية، فبعض الناس يعوزهم التفكير العلمي النقدي ويميلون للتفكير السحري الذي ينتمي إليه قراءة الفنجان، ناهيك عن الإيحاء المستخدم من قبل ممارسي قراءة الفنجان ما يجعل ما يقولونه يبدو منطقياً وساحراً.


وتابع الدكتور ركاب  "يزيد رواج هذا النوع من السلوكيات في المجتمعات الفقيرة أو ذات المستقبل الضبابي وغير الواضح ما يجعل مرتكبي هذا السلوك يبيعون الوهم للآخرين ، حيث يزيد ميل الأشخاص المضطربين نفسياً أو الذين يعيشون ظروف ضاغطة لهذه السلوكيات بشكل استثنائي".


أما ما يعكس الاعتقاد بالقدرات الخارقة لقارئة الفنجان بيّن الاستشاري، أن مرده بشكل أساسي  إلى حالة العجز المطلق لطالب التفسير من قارئ الفنجان ، فيسلم نفسه له وكأنه المخلص و اسقاط صورة المعرفة المطلقة على من يدعي معرفة الغيب وهذا "منافي تماماً للواقع" فغالباً "طالبي التفسير" يكونوا أقل حظاً من ناحية الثقافة والتعلم والمعرفة.

بالاضافة إلى المرحلة العصيبة التي يمر بها طالبي هذا النوع من المعرفة كالفقد العاطفي أو فقد الأمل فيكونوا جاهزين ليصدقوا أي شيء، ناهيك عن اعتماد بعض قارئي الفنجان على جمع المعلومات عن طالب القراءة  من مصادر مختلفة أو تعلم قراءة بعض حركات وايماءات الجسد بما يشعر الشخص بأنهم يعلمون بخفايا النفوس.


خزعبلات يحبونها كل نهار، فنجانها المقلوب على وجهه.. هي لحظات تستنزف خلالها كل القطرات وتبدأ رحلة  قراءة الخطوط والرموز..  فلتلك توصيها بـأخذ الحيطة والحذر وللأخرى تقول أمامك سكة سفر..، ولغيرها "هناك سمكة  إذاً  هناك رزق ينتظر.. جهزي يدك لتقبضي".. ثم يبدأ الضحك والهرج.. وتعود كل منهن أدراجها تفكر في أمس  مضى و غد لا تعلم بما سيأتي.
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=48185