وجهات نظر

باختصار: إنها البداية .. فماذا بعد؟!

زهير ماجد


الإعلام تايم - الوطن العمانية

 

في فهم بساطة الشعوب أنها لا ترى في العمق، بل تقرأ السطح إن تسنى لها القراءة. تغزوها العاطفة أكثر من استعمال عقلها، كلها تقوم على التقليد الأعمى والاستجابة لما يحرك فيها شعورا ولو ضد مصلحتها على المدى الطويل كونها لا تعرف من مصلحتها سوى اللحظة التي تمر بها.

ابتهج الأكراد ثم تلاشى فرحهم بعد ساعات .. لم يعرف أي منهم إلى أين ستؤدي لعبة الاستفتاء التي أساسها إعطاء الزعامة الكاملة لمسعود البرزاني .. بصريح العبارة، الاستفتاء جاء على زعامته، فهو اليوم غيره قبل الاستفتاء.

فهل تقبل الزعامات الكردية اللعبة التي نتجت عن الاستفتاء؟ أم أنه أي البرزاني رتب مصالحها بما يتناسب وأفقها السياسي وحلمها هي الأخرى في أن تظل مرجعيات سياسية؟

يوم الاستفتاء الذي حصل في جنوب السودان، وأثمر عن قيام دولة من رحم دولة، اضطربت آفاق تلك المرحلة ونشب قتال بين المكونات السياسية لذلك البلد الذي نخرت إسرائيل عظامه، كما يحدث الآن مع إقليم كردستان، الفرح في إسرائيل أكثر منه في أي مكان كردي، بل لم يخف نتنياهو ابتهاجه بخطوة ما زالت في بداية التحقق.

في العام 1977 وحروب الآخرين على لبنان قائمة في هذا البلد الصغير، كتب يومها المعلق المعروف آنذاك ميشال أبو جودة عن مفهوم التقسيم، حيث كانت الفكرة متداولة في لبنان وهناك رؤوس حامية لبنانية تطرحه بشكله العلني .. قال أبو جودة أن لا تقسيم في لبنان، إنما المرشح دائما لتلك الفكرة هو العراق أولا، فإن تحقق سيؤدي إلى تقسيم في بقية العالم العربي.

لنتصور تحليل المعلق اللبناني في وقت كان فيه العراق في غاية القوة البسماركية، ومع هذا جاء الكاتب ليقول ما لا يصدق في ذلك الوقت.

الآن تحقق الاستفتاء الكردي، طويت أول صفحة من صفحات كثيرة، لكنها لن تكون سهلة الابتلاع والمضغ، فالأكراد ليسوا في عالم خاص لا أثر للآخر عليهم، بل العكس هو الصحيح، هم أسرى هذا الآخر، المحيط ثم المحيط ثم ما هو أبعد منه.

في خطوة الاستفتاء كما قلنا ثبت البرزاني زعامته المطلقة، لكن المرحلة المقبلة هي الأساس، ماذا عليه ردود أفعال الحكومة المركزية في بغداد التي تعرف أن الاستفتاء تجاوز وتعدٍّ على الدستور العراقي الذي وقع عليه الأكراد .. ثم ماذا عن تركيا وخطواتها، رغم أن البعض يرى أن هنالك لعبة تركية كون العلاقة الحميمة بين أردوغان والبرزاني تتجاوز المنظور؟ .. ثم ماذا عن إيران وحساباتها وهي أول من اتخذ ردة فعل قد لا تقف عندها في المستقبل وخصوصا في ماهية العلاقة بين إسرائيل وكردستان .. وماذا عن سوريا وأكرادها الذين نعتقد أنهم ينظرون إلى الاستفتاء بعين وبعينهم الأخرى إلى مواطنيتهم السورية التي جللت مشاعرهم دائما..

فهل يندم الأكراد في وقت قريب على خطوة لم تكن مدروسة، وبعضهم يراها عكس ذلك؟ أم أن المناخ العربي خير مساعد لهم وقد نفذوا خطتهم في التوقيت المناسب لهم، حيث العراق مشغول بمعاركه، وسوريا كذلك؟

أمام البرزاني المرحلة الأصعب، فهل حساباته مما قد تكون عليه ردود الأفعال قد سقطت في الحسبان .. مع اعتقادي بأنها حصلت، إلا أن المرحلة الأهم من خطوته سوف تأتي، وأبرزها من الحكومة العراقية التي تملك أيضا الإجابات المتعددة الأوجه.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=48096