وجهات نظر

فقط الأموات لا يخطئـون

عماد نصيرات


الاعلام تايم _ تشرين

الهجمة التي شنها الكثيرون في وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة على صفحات الفيس بوك وانتقدوا من خلالها بعض ما جاء في المناهج الجديدة لوزارة التربية ربما تكون في حد كبير منها عنيفة وأحياناً فيها شيء من التطرف والمبالغة التي وصلت إلى حد التخوين، وطبعاً مع احترامنا لحق الجميع في التعبير عن وجهة نظره وانتقاده من باب الحرية الشخصية إلا أني لاحظت أن هناك بعض الموضوعيين والمعتدلين في نقدهم البناء والموضوعي والمفيد بعيداً عن السباب والشتم والتجريح.

 

لست هنا في صدد الدفاع عن المناهج الجديدة ولا عن القائمين على الوزارة، ولكنني كأحد الأشخاص الذين تابعوا عن كثب الجهود الكبيرة التي بذلتها وزارة التربية ومديرياتها في المحافظات للوقوف ضد كل الهجمات الإرهابية التي حاولت النيل من كينونتها وهدم الأساس التعليمي وتكريس أنظمة متطرفة أخرى… وقد تصدى جميع العاملين في الوزارة لهذه المحاولات ونجحوا في صمود مناهجنا التعليمية رغم كل الضغوطات الهائلة.

 

ودعونا لاننسى أبداً أن الشهادة الثانوية العامة في سورية لاتزال الأقوى في الوطن العربي حتى هذا التاريخ وكذلك المناهج والشهادات الجامعية السورية المعترف بها عالمياً، هناك في بعض الدول العربية طلاب حازوا شهادة الثانوية العامة في بلدانهم.. لا يستطيعون القراءة والكتابة بشكل صحيح، ولا أريد ان أذكّر بشهداء وزارة التربية وجرحاها ومشرديها وببعض مواقفها، وطبعاً إذا وجدت أخطاء فلاشك أنها غير مقصودة على خلاف ما يعتقد البعض وبالنتيجة من يعمل سيخطئ ولا يوجد بيننا معصومون.. فقط الأموات هم الذين لا يخطئون.


وليس أكثر ديمقراطية من أن وزير التربية قام بتشكيل لجنة خاصة لإعادة تقييم المناهج الجديدة، إضافة إلى إصدار قرارات بإلغاء بعض النصوص التي كانت موضع خلاف وجدال، وصرح الوزير للكثير من وسائل الإعلام وبين الخطوات التي سيتم اتخاذها لتدارك بعض الأخطاء وكذلك فعل أمام مجلس الشعب، على خلاف تطنيش الكثير من المسؤولين ما يدور من انتقاد لأعمالهم على وسائل التواصل، وكل ما حصل على هذه الوسائل وأوضحته الوزارة يصب في المصلحة العامة لتطوير مناهجنا التعليمية.


فالنقد هو المجال الحيوي للتطوير ولكن على أن يكون بناء وموضوعياً وبعيداً عن التخوين والسباب والتهجم والتندر والشتم، وكما تقول الأمثال الشعبية لاتوجد طاولة في أي مطعم عليها كرسي واحد، لأن الحياة في طبيعتها هي تشارك وتعاون ونقاش وحوار، ودائما لابد من النظر إلى النصف الملآن من الكأس والتفاؤل، فمرحلة إعادة البناء والإعمار بحاجة إلى الكثير من التأني والصبر والنقد البنّاء كي نصل إلى نتائج سليمة ومرضية وأريد أن اذكّر الجميع أن لغة الصحافة والتواصل هي لغة المحاورة وليس المحاربة.. فالأولى للبناء والثانية للهدم.. وقد شبعنا من لغة الهدم.
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=48013