وجهات نظر

قواعد النظام الإقليمي

نبيه البرجي


الإعلام تايم-الديار

 

لافت جداً، مثير جداً، ما ينطق به معلقون أتراك قريبون من حزب العدالة والتنمية "ما تبتغيه المؤسسة اليهودية ليس فقط تفكيك سورية والعراق، بل وتفكيك تركيا وايران".

هؤلاء لا يستثيرهم موقف بنيامين نتنياهو، الداعم لكردستان الصغرى على أنها الخطوة الأولى نحو كردستان الكبرى (التوأم الاستراتيجي لإسرائيل الكبرى)، بل أنهم يعودون الى "نبوءات" توراتية وتلمودية تظهر كما لو أن "شعب الله المختار" لا يستطيع البقاء الا داخل غابة من الجماجم...

لا نشكك قطعاً في حق الكرد، وهم أشقاء العرب، أن تكون لهم الشخصية الثقافية والشخصية السياسية، وأن كنا جميعاً في المنطقة قد تأقلمنا مع التآكل السوسيولوجي على أنواعه.

لا نشكك، أيضاً، في أن العرب هم قتلة العرب. دائماً ليبقى الديناصورات على عروشهم، ولنبقى القهرمانات على أبواب الف ليلة وليلة.

ولكن، هل يدرك الكرد، أشقاؤنا الكرد، ماذا يعني أن تكون هناك دولة كردية تدار من أورشليم لا من أربيل ولا من السليمانية. حلم المؤسسة اليهودية ألا يبقى حجر على حجر في المنطقة. العرب ضالعون، حتى العظم، في السيناريو.

في نقاش مع صديق كردي، قال "لماذا التحامل علينا الى هذا الحد؟ أنتم سبقتونا بكثير للارتماء في أحضان اسرائيل. هذه هي مصر، وهذا هو الأردن، حتى ياسر عرفات تغنى بديبلوماسية الورود في أوسلو، ثم من لا يعلم الى أين انتهى التعاون الاستخباراتي والاستراتيجي بين اسرائيل ودول عربية تعتبر نفسها القيّمة على العرب وعلى المسلمين؟

بأي لغة، ونحن تحت الركام (الركام الدموي) نرد على الصديق الكردي الذي مثلنا يتزلج على...الهباء؟

لطالما رددنا أنه حين تتحطم سورية، وحين يتحطم العراق، لا بد أن تتحطم تركيا ولا بد أن تتحطم ايران. الدولتان الجارتان حاولتا، وتحاولان، حيناً بالجيوبوليتيكا وحيناً بالايديولوجيا، اختراق المنطقة العربية لاستعادة تاريخ ما زال حتى الآن يتقيأ الوحول.

العرب، عرب الوهن والتشتت، ودائماً تحت سقف القبيلة، عاجزون عن إقامة النظام الأمني العربي، وفي إطار منظومة استراتيجية رؤيوية. الحل في نظام اقليمي يتمحور، فلسفياً، على صياغة المستقبل. بالتالي تحرير المنطقة من لعبة الأمم، وويلات الأمم. ولقد سئمنا من ظلال الأساطيل ومن أحذية القناصل.

مظفر النواب هو من قال أن مدانا الاستراتيجي ...أحذية القناصل!!

الأميركيون الذي يعبثون برؤوسنا، ويعبثون بثرواتنا، قطعوا الطريق على أي نظام اقليمي لا يكون بإدارة البنتاغون. بدأ هذا مع جون فوستر دالاس الذي أطلق "مبدأ ايزنهاور" لملء الفراغ في الشرق الأوسط، دون أن ينتهي عند هنري كيسنجر الذي احترف تسويق الشعوذات الديبلوماسية.

هذه هي نظريته التي لا تزال داخل كل حائط في وزارة الخارجية "اله الشرق الأوسط في أورشليم لا في أي مكان آخر". والحال هذه يقتضي الدوران حول هيكل سليمان.

معلقون عرب أظهروا اغتباطهم علناً بأن سورية ستكون، في التسوية، من دون أسنان ومن دون دور. العراق، عقب الاستفتاء الكردي، سيبقى عالقاً عند أبواب الحرب الأهلية. كل هذا لتكريس الستاتيكو (ستاتيكو القرون الوسطى) الذي ترفل فيه أنظمة بعينها.

لهؤلاء نقول أن سورية التي ذاقت المرارات، كل مرارات الدنيا، لا تستطيع الا أن تبقى الدولة والدور والأسنان. ونسأل: اي أسنان للعرب الذين يأكلون بعضهم البعض. في اليمن يأكلون حتى الهياكل العظمية.

أشقاؤنا الأكراد سيكتشفون، عاجلاً ام عاجلاً، أنهم جزء من لعبة الرياح (لعبة الأعاصير). اذا كان الأتراك يتحدثون الآن بلغة أخرى. واذا كان الإيرانيون يلتقون معهم في الرؤية، لماذا لا تكون خطوات عملية، وعملانية، نحو النظام الاقليمي؟

فلاديمير بوتين قال بقواعد جديدة للنظام العالمي الجديد. دورنا، اذا بقي لنا من دور... قواعد جديدة لنظام اقليمي جديد!!

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=47967