حوارات ولقاءات

رحلة نضال.. ميداني لموقع الاعلام تايم: لا يأتي من الغرب الا السوء وانظروا التاريخ


الاعلام تايم _ حوار باسل الشيخ محمد

أربعون عاما في الاغتراب، وذاكرتها تحمل الشام وياسمينها، الشام التي هبّ كل شذاذ الافاق ليعبثوا بسلامها،  حصيلة الاعوام الاربعين في فرنسا تركتها الدكتورة أيسر ميداني لتجند نفسها في الدفاع عن بلدها، وعن نساء بلدها. 
المداومة على دورات مجلس حقوق الإنسان في جنيف السنوية الاربع، مبدية أسفها لأن السعودية في سدة رئاسته وتركيا تترأس لجنة مكافحة الارهاب فيه، كما تعتبر أن جمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان مثل "هيومن رايتس ووتش" وغيرها وتطلق على نفسها صفة غير حكومية، هي في الحقيقة جمعيات تدعمها الولايات المتحدة الأمريكية والصهاينة، الدكتورة أيسر التقى بها موقع الاعلام تايم ليطلع أكثر على خفايا رحلة سنوات من الدفاع عن سورية في المحافل الدولية الرسمية وغير الرسمية.


برأيك دكتورة ما هو سبب كون سورية الرقم الصعب في مخطط الغرب المسمى بالربيع العربي، إن كان ثمة اختلاف بين سورية وباقي البلدان العربية التي نجح فيها المخطط الغربي، فماذا سيكون ذلك الاختلاف؟
بالتأكيد هنالك وقائع تكشف لنا أن ما جرى هو مؤامرة، لقد تكشفت الأمور وبدا من الواضح أن إسرائيل وأمريكا والدول الغربية كانوا يعدون لما عرف باسم "الربيع العربي"، وكان هدفهم من وراء ذلك هو أن تتساقط جميع تلك البلدان ومنها سورية، وذلك لأن سورية هي الرقم الصعب كما قلت، وهي القلب في محور المقاومة ضد إسرائيل، وهي منعت أيضاً جميع محاولات الصلح مع إسرائيل، ولكن اكتشفت سورية بسرعة أن "إسرائيل" لا تريد السلام وأنها لا تحترم أي معاهدة أو اتفاقية، ورأينا كيف بات وضع الفلسطينيين متراجعاً بعد اتفاقية أوسلو بشكل دراماتيكي ومأساوي، ونرى اليوم إذن بأن ما جرى كان محضراً من قبل.
بالنسبة لمن خرجوا في التظاهرات قائلين أن المظاهرات سلمية، ها نحن اليوم نكتشف أن هنالك مستودعات للأسلحة تكفي لعشر سنوات من الحرب الدامية لمائة وخمسين ألف مقاتل في الأنفاق المفتوحة، ليس من الممكن لأي شخص اليوم أن يتصور أن هنالك شيئاً من التلقائية في كل هذه الحركات. وبالطبع فقد تم استغلال من كانت لديهم بعض التحفظات وآراء حول الإصلاح في البداية، لكن رأيت بسرعة في فرنسا كيف تحركت الدولة الفرنسية لاحتضان المعارضة ودفعت لهم الأموال، وكيف اجتمع ملهم الدروبي ليلتقي قادة الصهيونية في باريس، وقد جرى هذا المؤتمر في السادس من أيار 2011 في سينما سان جيرمان دي بري، يجب أن يعلم الجميع ذلك، وهذا غيض من فيض مما رأيته في فرنسا والذي أود لو يعرفه الجميع، فكيف يمكن لأي شخص ،ن يعتقد أن ما جرى هو "ثورة سلمية تلقائية" ؟ لم نعد في حاجة لإثباتات لهذا الأمر، أعتقد أننا بحاجة إلى إيراد الوقائع، لست أعمل على صعيد التنظير أو الفقه بالسياسة بقدر ما أن الوقائع هي ما يبين التزامات "الائتلاف" وكيف أنهم قاموا في البداية بإعلان أنهم سيعترفون بإسرائيل وعن قطع العلاقة مع إيران والمقاومة الفلسطينية مع التعهد بان تأخذ قطر كافة مشاريع إعادة الإعمار في سورية وتعهدات الغاز، كل تلك الالتزامات –إضافة إلى عدم المطالبة بالجولان إلا بشكل سلمي- موجودة على أرض الواقع بشكل مكتوب أواخر العام 2011 عندما تأسس "الائتلاف".
وفي الواقع لم يكن هنالك على الأرض أي شيء إصلاحي أو وطني مما تبناه "الائتلاف" بل رأينا الإرهاب والعنف وأكل الأكباد وقطع الرؤوس،  وذلك من تخريب منهجي للبنية التحتية للبلاد وصناعتها وصوامع الحبوب بل وحتى الأفران، إنها ليست نظرية مؤامرة، بل هو تآمر على البلد مع الأجنبي والعدو الإسرائيلي وكل من يدعم العدو الإسرائيلي والصهيونية في العالم، كل هذا وقائع وليس استنتاجات.


ما هي الوقائع الأخرى التي يحتاج القارئ العربي إلى معرفتها؟
أعتقد أن القارئ العربي يعلم بأمر اجتماع الدوحة وقبض الأموال من السعودية، أعتقد ان الجميع يعرف طرفاً من القصة، وأقول ما رأيت وما رأيته كثير، قلت بعضاً منه في كانون الثاني 2012 على شاشة التلفاز في لقاء استمر لساعة ونصف، وأعرف كثيراً عبر مشاهداتي في فرنسا، واعرف كيف تآمر برهان غليون ومن هو أصلاً، إضافة إلى متآمرين آخرين.


سورية تنتصر، وهي تتعافي بالتدريج من آثار الحرب، ولا شك أن المزاج الأوروبي غير راض، فما تعليقك على هذا؟
بالتأكيد المزاج الأوروبي ليس راضياً، حيث اعترف بوجود وقوة وصمود سورية. إن ما دعمته أوروبا منذ البداية ومراقبتها وتحريضها واستعمالها لكافة الإمكانيات للتخريب، هذا أمر يجب أن يعلمه الجميع. فإن تحدثنا عن فرنسا لوحدها –بغض النظر عن دول أوروبية أخرى- فقد وضعت إمكانيات هائلة تحت تصرف من يسمون أنفسهم "الائتلاف" إذ وضع تحت تصرفهم وزير سابق للإعلام ليقوم بالترويج لما أسموه "الثورة السورية"، كانت هنالك فعاليات يومية لدعم ما يسمى "الثورة السورية" مع أكبر نجوم السينما والمغنين والممثلين وكافة إمكانيات فرنسا، إضافة إلى حركات مثل "قطار السلام في فرنسا والديمقراطية في سورية" من باريس إلى مدينة ليل بقيمة عشرة يورو، في حين أن الرحلة كانت تكلف مائة وخمسين يورو، أي أن الدولة الفرنسية استثمرت –طبعاً على حساب القطريين والسعوديين- لتشغيل إمكانياتها ومكاتبها لتضعها في خدمة من يديرهم الائتلاف. لا زال حتى اليوم محاضرات في مراكز البحوث عن الثورات العربية، بل لقد تم استحداث مركز جديد اسمه "مركز دراسات وبحوث الشرق الأوسط والمتوسط" في شباط 2011، وكان ذا حركة هستيرية، مثل محاضرات في وقت الغداء أو لدى الانصراف من العمل من الساعة السادسة وحتى الثامنة، وفي نهاية الأسبوع، أصح هنالك تدريب في نهاية الأسبوع للنقابات والمحرضين والطلاب بغية القول أن ما يحدث في سورية ومصر هو ثورة، وهذا أحد المركز الثقافية العاملة في ما يسمى بالربيع العربي. جميعها وبحركة هستيرية كانوا يعملون من الثامنة صباحاً وحتى الثانية عشرة ليلاً على محاضرات، فتحت المراكز الثقافية والمدارس الشعبية أبوابها للعموم للحديث عن "الربيع العربي" وتم دفع الأموال لأكبر الأساتذة، كما عمل في المجال نفسه مركز الدراسات الاستراتيجية الفرنسية أيضاً.


لم يكن الضخ فقط  على المستوى الإعلامي بل على كافة المستويات لصناعة ثقافة، وصل الأمر إلى حد صناعة أفلام للأطفال، وذلك لإقناعهم بأن فرنسا تحارب الإرهاب في سورية والذين وصفوه بأنه الحكومة السورية. إذن فهي ليست مسألة وضع القضية على سكة تسير لوحدها، بل أن هنالك كماً هائلاً من الإمكانيات التي جندت من أجل استعمال هؤلاء، ومن لم ير ذلك لم يفهم ما هو الفكر الغربي عندما يسخر كافة إمكانياته لضرب قوة ترفض إملاءاته هي سورية. فعلينا أن نكون على وعي بهذا الأمر، إنها ليست قضية إعلامية أو عسكرية بل هي قضية استراتيجية بالنسبة للأوروبيين، لقد كانوا يعملون ضدنا منذ مائة عام، وسيستمرون في العمل ضدنا وهم سيصنعون تاريخاً من التزوير، كما يجري على صفحة وزارة الخارجية الفرنسية التي قالت أن سورية استعملت الكيماوي ضد شعبها، رغم جميع الإثباتات التي تنفي ذلك.

إضافة إلى ذلك هنالك أشخاص سوريون طالبوا بالتدخل العسكري، منهم باولو دي لوليو الذي احتضنته سورية وأكرمته في كنسية مار موسى، فقد تنقل من عاصمة إلى عاصمة ومن مدينة إلى مدينة ليلقي محاضرات يطالب فيها بالتدخل العسكري في سورية تحت الفصل السابع.

 

يقودنا هذا إلى السؤال التالي ماذا قد يفعل الغرب بعد الهزيمة التي مني بها؟
لنكن واعين، لدى الغرب والدول التي تريد الهيمنة على العالم مثل أمريكا استراتيجية، وهي تحويل شعوب العالم إلى عبيد، هو هدف استراتيجي وعملهم دائم في هذا المستوى، إنهم يريدون استغلال ثروات الشعوب سواء كيد عاملة لديهم أو جعلهم مستهلكين لما ينتجون، هم يرفضون أي علاقات على أساس التساوي مع الآخرين، ويرفضون التعامل مع دول العالم الثالث لأنهم يعتبرون أنفسهم أسياداً والآخرون مجرد منفذين لأوامرهم، وهو ما رأيناه على مدى السنوات السبع الأخيرة مثل تعاملهم مع أصدقائهم مثل مبارك وبن علي. حولوا التعامل معنا بهذه الطريقة، لكننا أبينا، والتحية للسيد الرئيس بشار الأسد الذي قال لا نأخذ أوامر من أحد ونحن دولة مستقلة، وأنت ترى المعاملة المذلة لترامب مع أصدقائه السعوديين وهم راضون بهذا بكل مذلة، طبعاً هذه الممارسات بعيدة عنا، وأكرر التحية لرئيسنا الصامد الشامخ الرائع لأن احترام لذاته جعل الشعب كله صامداً وشامخاً، وهو امر أساسي.


إذن فما هي "نقلة الحصان" المقبلة للغرب؟
لا أتوقع سوى كل سوء، وأقول للجميع إنه ليس علينا توقع أي أمر جيد من الغرب لا محاباة ولا مداراة، لكن يجب أن نحافظ على استراتيجيتنا وخطنا الشامخ المستقل، ومن يريد التعاون معنا على مستوى الاستقلال والمساواة فهو مرحب به، لكن بشرونا، وهذا الأمر الأساسي. لا يجب أن نعتقد أن كل من يبتسم لنا صديق، فالدول الغربية دول عدوة بشكل دائم، إنهم ضدنا منذ مائة عام، فمن صنع سايكس بيكو؟ ومن زرع اسرائيل في بلدنا عبر وعد بلفور؟ من الذي كرس وجودها عبر الأمم المتحدة في حين أنها احتلال غير شرعي، طبعاً إنه الغرب، ولا أدري لماذا نكون مؤهلين للترحيب بالغرب في حين أن دولاً شرقية كانت لنا معها علاقات صداقة واحترام متبادل مثل الصين وروسيا، على جميع الأحوال، يجب أن تكون مبادئ علاقاتنا مبنية على أساس الربح للجميع والاحترام المتبادل وعدم التدخل واحترام ثقافتنا وحضارتنا ووطننا وسيادتنا، وهو أمر أساسي، وأعتقد أن الجميع يجب أن يبقى شامخاً لبناء أي معاهدة أو صفقة مع أي إنسان في الداخل والخارج.
لا نتوقع محبة ودعماً من الغرب، بينما هناك مبادئ ودعم من قبل الدول الصديقة وقد تجلى ذلك في الممارسة، ومن المهم أيضاً أن نكون حريصين وحذرين ومهتمين باستقلالنا وشموخنا، فالاحترام لا يكون إلا للقوي، وبقدر ما تحترم ذاتك يحترمك الآخرون.
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=43&id=47952