وجهات نظر

باختصار : لا صدفة في هذا العالم

زهير ماجد


الإعلام تايم - الوطن العمانية

 

قلنا إن "داعش" سيثأر .. الطريقة الوحيدة لإعادة الاعتبار وللإعلان عن الاستمرار في التواجد. ليس هنالك هزيمة كاملة، هنالك تراجع كبير على من استولده أن يقوم بتنظيم انكفائه المؤقت ريثما ينجلي المخطط الجديد.

بات معروفاً أن لا شيء في هذا العالم بالصدفة، لا بد من التخطيط كي تكون السيطرة محكمة .. من هنا نفهم كيفية ترتيب الوضع العسكري السوري بما سمي خفض التوتر، والأهم ما كنا نخافه من تواجد كثيف ومنوع للمسلحين في إدلب، ثمة من وجد له الحل التقريبي، وهو الاتفاق الروسي الإيراني التركي على خفض التوتر ونشر مراقبين لتنفيذ العملية.

تشتعل الحروب إذن بمخطط، وتنتهي أيضا بمخطط. ومن يشعلها هو من يطفئها. لا غرابة في الأمر، وإلا لماذا هنالك كبير وله قوة زائدة، وطرح نفسه دائماً على أنه من يقبض على الأرض كلها بكافة تفاصيلها. لا شك أنها مسؤولية، لكنه بكل أسف منحاز، كان المفروض من هذا الكبير الأميركي أن يكون محايداً ليكون عادلاً ومحترماً في طرح الحلول.

حين بدأت المنطقة العربية تهتز تحت وقع المصطلح الذكي "الربيع العربي"، كان هنالك إعادة ترتيب لها .. لم يقم الأمر على تغيير وجوه فقط، وإنما دول وأنظمة وجيوش .. بمعنى أمركة كاملة للمنطقة، ممنوع أن تكون ربع أميركي أو نصف أو ثلاثة أرباع، إما أميركياً كاملاً أو التغيير هو المنتهى.

نجح الأميركي في أقطار عربية باتت معروفة، لكن الطريق إلى دمشق كانت مقطوعة عليه .. حاول تفجير الطريق فلم يفلح، أرسل زبانيته إلى الداخل فلم يفلح، بقي عليه أن يعترف بالأمر الواقع، بصعوبة سورية بل باستحالة تغييرها .. اليوم يمارس الصفحة الجديدة وليس الثانية، كونه تفاجأ بقدرة السوريين على حماية بلدهم وصونها والدفاع عنها والموت من أجلها والثبات على أسسها. بقي عليه إذن أن يسهم بما يطرح من حلول، وهو ما زال يؤمل بإمكانية أن يكون كل ذلك مؤقتاً.

ستيفان دي ميستورا المتحدث بما هو متجاوز لدوره، بق البحصة حين قال إن شهر أكتوبر نهاية لـ"داعش" وربما لغيره من المسلحين. أجندة واضحة بأنه يقدم رأياً ممزوجاً برأي أميركي بات عليماً بما ستتقلده الأمور في سورية.

إذن لا بد من الاستعداد لذلك التاريخ، أو بالأحرى لا بد أن تكون هنالك خطة لمواجهة هذا الوقت الذي تم تحديده تماماً. الدولة السورية تتحرك وفق معلومات دقيقة وطاقمها جاهز وعدته واضحة وهمته عالية لأنه المنتصر في الميدان، وسيكون عليه مواجهة سياسية لمعارضة تفقد كل يوم قدرتها على الرفض والقبول وعلى التمثيل. أما النصرة وداعش فلن يتوقف قتلهما أينما وجدوا.

يمكن القول إن الإرهاب هزم وانكسر، لكن ذلك لا يعني أن السوري قد انتصر نهائياً، وإن كانت مشاريع الإعمار قد بدأت تلوح في الأفق وصار لها من يتسابق لنيلها، ويبدو أن من كانت له مواقف سيئة مع سورية لن يكون له مكان في الكعكة الإعمارية الثمينة، فهو بالتالي نادم على تفويت فرصة تاريخية لا تعوض، مثلما هو حال بعض اللبنانيين.

إذن، لا بد من التهدئة في سورية لكي يتمكن القادرون من وضع خطط ما بعد الحرب وهي كثيرة ولن تكون سهلة المنال.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=47897